البنية العظمية لجسم الإنسان
تُعد العظام (بالإنجليزية: Bones) من الأنسجة الحية والنشطة في جسم الإنسان، حيث تحتوي على شبكة من الأوعية الدموية ومجموعة متنوعة من الخلايا الحية التي تعزز نمو العظام وإصلاح الأجزاء التالفة. تتفاوت أشكال وأحجام العظام في جسم الإنسان لتناسب الوظائف والمهام الموكلة إليها، وأبرزها توفير الهيكل الداعم للجسم، وحماية بعض الأعضاء الداخلية الحيوية. على سبيل المثال، تحمي الجمجمة الدماغ، بينما تحمي عظام القفص الصدري القلب والرئتين. كما أن العظام توفر بيئة مناسبة لنخاع العظم، الذي يعد المسؤول عن إنتاج خلايا الدم، وتساهم في حركة الجسم، وتعمل كمخزن لبعض المعادن الأساسية مثل الكالسيوم. بالإضافة إلى ذلك، تلعب العظام دوراً في الحفاظ على درجة حموضة الدم وتنظيم العديد من العمليات الحيوية من خلال إفراز الهرمونات التي تتعلق بالغدد الصماء.
عدد عظام جسم الإنسان
عند ولادة الطفل الرضيع، يحتوي جسمه على أكثر من 300 عظمة، بعضها أو أجزاء منها يتكون من مادة مرنة تُعرف بالغضاريف. مع مرور مراحل الطفولة ونمو جسم الطفل الكامل، يتم استبدال بعض هذه الغضاريف بعظام صلبة بفضل الكالسيوم. بحلول عمر 25 سنة، تكتمل عملية نمو العظام لتتحد جميعها في ما يعرف بالهيكل العظمي. خلال مراحل نمو الطفل، تتحد بعض العظام معاً، مما يؤدي إلى أن يصل عدد العظام إلى 206 عظمة فقط في مرحلة البلوغ. هذه العظام تتوزع في الجسم إلى قسمين رئيسيين: الهيكل العظمي المحوري الذي يحتوي على 80 عظمة ويشمل الجمجمة، واللامية، والعظام السمعية، والأضلاع، وعظام الصدر والعمود الفقري؛ والهيكل العظمي الطرفي الذي يحتوي على 126 عظمة ويمتد ليشمل الأطراف العلوية والسفلية، بالإضافة إلى محيط الحوض والكتفين.
تفاصيل إضافية حول عدد العظام
إليك بعض المعلومات التفصيلية حول عظام جسم الإنسان:
- عظام الجمجمة: تتكون الجمجمة من 22 عظمة، حيث تحمي الجزء العلوي منها الدماغ، بينما تشكل الجزء السفلي الأمامي عظام الوجه التي تدعم العينين والأنف والفم. يندمج 21 عظمة منها عند البالغين، مع بقاء عظمة الفك السفلي كالعظمة الوحيدة المنفصلة والمتحركة، مما يسمح للفرد بالتحدث ومضغ الطعام. عند الأطفال الرضع، تكون عظام الجمجمة منفصلة لضمان حركتها ومرورها عبر قناة الولادة، مما يتيح أيضاً للجمجمة والدماغ النمو. ومع مرور الوقت، تتقارب هذه العظام وتقل الفجوات بينها.
- عظام العمود الفقري: يتكون العمود الفقري من 33 عظمة. يلعب العمود الفقري دورًا حيويًا في مساعدة الجسم على الالتواء والانحناء، والحفاظ على الاستقامة، وحماية الحبل الشوكي. تتكون عظام العمود الفقري من حلقات تُعرف بالفقرات، ويفصل بين كل فقرة وأخرى قرص صغير من الغضروف يمنع الاحتكاك. تشمل الفقرات 7 فقرات عنقية، و12 فقرة صدرية، و5 فقرات قطنية، و5 فقرات مندمجة لتشكيل عظمة العجز، و4 فقارات مندمجة لتشكيل عظمة العصعص.
- الأضلاع: يحتوي جسم الإنسان عادة على 12 زوجًا من الأضلاع، تشكل مع عظمة القص القوية القفص الصدري. جميع هذه الأضلاع متصلة بالعمود الفقري، حيث ترتبط بعظمة القص عبر غضاريف تُعرف بالغضاريف الضلعية. الأضلاع السبع الأولى متصلة مباشرة بعظمة القص وتُعرف بالأضلاع الحقيقية، بينما الأضلاع المتبقية تكون غير مرتبطة مباشرة بعظمة القص وتُعرف بالأضلاع الزائفة.
- عظام الذراعين واليدين: يتم ربط كل ذراع بعظم الكتف الواقع في الجزء العلوي من جانبي القفص الصدري، ويتكون الذراع من عظمة العضد فوق المرفق، وعظمة الكعبرة، وعظمة الزند أسفل المرفق. يتكون المعصم من ثماني عظمات تتيسّر الحركة فيه. كما يتكون الجزء الأوسط من اليد من خمس عظمات منفصلة، وكل إصبع يحتوي على ثلاث عظمات ما عدا الإبهام الذي يتكون من عظمتين.
- عظام الساقين والقدمين: تتصل الساقين بعظام الحوض الدائرية التي تقدم دعمًا للعمود الفقري وتحمي الجهاز الهضمي وأجزاء من الجهاز البولي والتناسلي. تتكون الساق من عظمة الفخذ، التي تُعد الأطول في الجسم، وعظمة الرضفة المثلثة التي تحمي الركبة. تحت الركبة، توجد عظمة الظنبوب وعظمة الشظية، وتتميز عظام الساق بشدة وقوة لتحمل وزن الجسم باستقرار. يتكون رصغ القدم من 7 عظام صغيرة، من بينها عظمة الكاحل، وتشكل معًا الجزء الخلفي من القدم والكعب. تتصل عظام الرصغ بعظام المشط الطويلة عبر مفاصل، كما يحتوي كل إصبع قدم على 3 عظام، باستثناء الإصبع الكبير الذي يحتوي على عظمتين فقط.
قوة العظام في جسم الإنسان
تُعرف العملية التي تشمل استبدال الأنسجة العظمية القديمة بنسج جديدة باسم إعادة بناء العظام (بالإنجليزية: Remodeling). في الواقع، يتم إعادة بناء كل عظمة في الجسم كل عشر سنوات. للحفاظ على قوة العظام وكثافتها، يحتاج الجسم إلى إنتاج كميات طبيعية وصحية من هرمونات مثل هرمون النمو وهرمون الغدة الدرقية والكالسيتونين والإستروجين والتستوستيرون، فضلاً عن الحصول على كميات كافية من الكالسيوم من الغذاء أو المكملات الغذائية. يُنصح بتناول 1000 ملليغرام من الكالسيوم يومياً للأشخاص من عمر 19 إلى 50 سنة، وللرجال من عمر 51 إلى 70 سنة، بينما يُوصى بحصول النساء فوق عمر 50 والرجال فوق عمر 70 على 1200 ملليغرام يومياً. من المهم أيضاً مراقبة مستويات فيتامين د الضرورية لامتصاص الكالسيوم، حيث يُنصح بالحصول على 600 وحدة دولية للأفراد من عمر 19 إلى 70، وترتفع الحاجة إلى 800 وحدة دولية بعد عمر 70 سنة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تلك التي تتطلب تحملاً للوزن مثل المشي والجري، في تقوية العظام وتقليل فقدانها بشكل أسرع.
تركيبة العظام في جسم الإنسان
تتكون عظام جسم الإنسان من عدة طبقات تشمل الأنسجة العظمية التالية:
- السمحاق: يمثل السمحاق (بالإنجليزية: Periosteum) الغلاف الخارجي الصلب، الذي يحتوي على الأوعية الدموية والأعصاب.
- النسيج الكثيف: هو الطبقة الصلبة التي تحمي الأنسجة والطبقات الداخلية للعظام.
- النسيج الإسفنجي: يوجد النسيج الإسفنجي في معظم عظام الجسم، حيث يتميز بطبيعته المسامية التي تمنح العظام القوة وخفة الوزن في آنٍ واحد.
- نخاع العظم: يوجد نخاع العظم في بعض عظام الجسم، وتقوم هذه المادة الشبيهة بالهلام بإنتاج ثلاثة أنواع من خلايا الدم وهي: خلايا الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، وخلايا الدم البيضاء التي تشكل الجهاز المناعي، والصفائح الدموية التي تلعب دورًا حيويًا في عملية تخثر الدم.
أنواع الخلايا العظمية
تحتوي العظام على نسيج بروتيني يتواجد بين الخلايا، والذي يتكون بشكل رئيسي من الكولاجين من النوع الأول. وتعود الخصائص القوية والمتينة للعظام إلى الوجود المرتفع للأملاح المعدنية غير العضوية داخل هذا النسيج البروتيني، وهي تتكون من مركبات بلورية من الكالسيوم والفوسفات. هناك ثلاثة أنواع من الخلايا ضمن العظم وهي:
- الخلايا البانية للعظم: (بالإنجليزية: Osteoblasts) وهي المسؤولة عن تصنيع النسيج البروتيني وحقنه بالمعادن.
- الخلايا العظمية: (بالإنجليزية: Osteocytes) وهي خلايا بانية للعظم توقفت عن عمليات البناء نتيجة اندماجها مع النسيج البروتيني العظمي الذي يتكلس لاحقًا، وتمثل حلقة الوصل بين الخلايا البانية للعظم والخلايا المبطنة لسطح العظم عبر شبكة من القنيات.
- الخلايا الناقضة للعظم: (بالإنجليزية: Osteoclasts) وهي خلايا كبيرة الحجم ومتعددة النواة توجد على سطح العظم، تعمل على تحطيم العظام وامتصاص الأنسجة المعدنية عن طريق إفراز إنزيمات تهضم النسيج البروتيني العظمي.