تكريم الله للسيدة مريم العذراء
تُعد مريم ابنة عمران، أخت النبي موسى عليه السلام، وأم سيدنا عيسى عليه السلام، وقد عُرفت بألقاب عديدة، منها مريم العذراء والصديقة:
- أكرم الله سبحانه وتعالى السيدة مريم، حيث ذُكرت في عدة مواضع من القرآن الكريم، ومن الجدير بالذكر أن هناك سورة خاصة بها تروي قصتها.
- كما أن السيدة مريم ذُكرت في السنة النبوية، حيث روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على عفتها وطهارتها.
- اختارها الله من بين نساء العالمين، حيث كان لها معجزة إلهية تمثلت في حملها بسيدنا عيسى عليه السلام وولادته دون أب.
- كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديثٍ يبين كمال المرأة:
- (كمل من الرجال كثير، ولكن لم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).
قصة السيدة مريم العذراء
نذرت والدة السيدة مريم نذرًا لله، والذي يعني وجوب فعل شيءٍ لأجل الله.
- تشير كتب التفسير إلى أن زكريا وعمران كانا متزوجين من أختين:
- حنة، والدة مريم، كانت زوجة عمران، وأختها أم يحيى زوجة زكريا.
- توفي عمران وكانت زوجته حنة حاملًا، وقد نذرت ما في بطنها لله.
- قال الله تعالى في سورة آل عمران: (ربِّ إِنِّي نَذَرْت لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيع الْعَلِيم).
- يُقال إن حنة كانت قد أصابها اليأس في الإنجاب، وفي يومٍ من الأيام، رأت طائرًا يطعم صغاره، مما أشعل رغبتها في تربية طفل.
- دعت الله تعالى أن يرزقها بطفل، وبعد فترة، علمت أنها حامل.
- نذرت الجنين الذي في بطنها لله، ليكون خادمًا ومكرسًا للعبادة.
- نذرت أن يكون طفلها مُحررًا للعبادة، بمعنى أنه سيكرّس حياته لخدمة الدين.
- في ذلك الوقت، كان يُعتبر البعض ملزمين بالتفرغ للعبادة كخدمة للكنيسة، وكان يحرر الصبيان لهذا الغرض دون الإناث.
ولادة السيدة مريم العذراء
تروي قصة ولادة السيدة مريم أنها ولدت فتاة، فما الذي حدث؟
- عندما وضعتها، وجدت صعوبة في الوفاء بنذرها، فالكنيسة لا تقبل نذر البنات.
- قال الله تعالى عن ولادة السيدة مريم:
- (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
- أطلقت حنة اسم مريم على ابنتها، وأعاذتها بالله تعالى من الشيطان وذرّيتها.
- تقبل الله عز وجل ما نذرته لها من خير وعبادة، فقد قال تعالى:
- (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا).
- اختارت تسمية مريم لأن معناها في لغتهم العابد والخادم لدين الله، وطلبت من الله تعالى أن يحفظها وذريتها من مكر الشيطان.
كفالة زكريا للسيدة مريم
قام سيدنا زكريا عليه السلام بكفالة السيدة مريم، فقضت حياتها تحت رعايته:
- تشير القصة إلى نشأتها في بيت العبادة تحت كفالة زكريا نبي الله.
- كان معنى كفالتها هو احتضانها ورعايتها من قبل زكريا الذي اختاره الله لها.
- نشأ جدل بين الصالحين حول كفالتها، وأجريت قرعة بينهم، حيث فاز زكريا بالكفالة.
- كان هناك حكم إلهي في ذلك، فأراد الله أن يُنشئها في بيت نبي من أنبياء الله.
محراب السيدة مريم
تكفل الله تعالى برزق السيدة مريم، وكانت تمكث في المحراب:
- المحراب هو بيت العبادة، وقد كانت السيدة مريم منذ بلوغها تمكث فيه وتتعبد لله.
- كان زكريا -عليه السلام- يدخل المحراب ويجد عندها رزقًا عجيبًا، ويتعجب من ذلك.
- كانت مريم تؤكد له أن هذا الرزق من عند الله.
- كما قال تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَم أَنَّى لَكِ هَذَا ۖ قَالَتْ هوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
بشارة سيدنا جبريل للسيدة مريم العذراء
عندما اعتزلت السيدة مريم الناس وتفرغت لعبادة الله، جاءتها بشارة سيدنا جبريل:
- عندما اعتزلت مريم عن الناس، أرسل الله جبريل إليها بصورة إنسان.
- رأته في شكل حسن، فتفاجأت منه واستعاذت بالله، وطلبت منه أن يتقي الله فيها.
- فقال لها إنه رسول من الله و بشرها بمعجزة اختيارها من الله.
- كانت المعجزة هي ولادة ابن دون أب، مما أثار تعجبها لمكانتها وعفتها، حيث أنها لم تتزوج ولم يلمسها إنسان.
- قالت: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}.
اعتزال السيدة مريم الناس بعد البشارة
- بعد أن بشّرها جبريل بالحمل، اعتزلت مريم لتبتعد عن الأنظار.
- توجهت إلى مكان بعيد لكي تخفي حملها عن الناس.
ولادة عيسى عليه السلام
عندما شعرت السيدة مريم بقرب موعد الولادة:
- تركت المكان الذي اعتزلت فيه، بحثًا عن مكان يساعدها في عملية الولادة.
- أخذت جذع نخلة لتستند عليه أثناء الولادة، حيث كانت تشعر بألم شديد.
- لم تكن تشعر فقط بالألم، بل أيضًا كانت تفكر في العار الذي يمكن أن يلاحقها.
- تمنت لو أنها تستطيع تجنب هذه اللحظة، لكن الله سهل عليها، وبشرها جبريل بأن هناك تحتها سريًا.
- جاءها النبأ بأن طفلها سيكون له شأن عظيم، مما جلب لها الطمأنينة.
- والسري هو تيار ماء تحت مكان جلوسها.
- من معجزات الله أن الجذع الذي تسندت عليه، بالرغم من كونه يابسًا، أثمر بعد أن هزته.
- فانزل الله عليها رطبًا، وهو ما كان يحتاجه لتقوى عينيها بطفلها.
- أمرها الله أن تظل مطمئنة ولا تخاف من حديث الناس، لأن الله مع عباده الصالحين.
مقابلة مريم للناس بعد الولادة
استنكر الناس ولادة مريم لطفل دون زواج:
- قال قومها: كيف تفعلين ذلك يا مريم وأنت العفيفة؟
- فأشارت إلى الطفل، وطلبت منه التحدث، مما أدهش الجميع.
- وهنا حدثت المعجزة، حيث أنطق الله عيسى عليه السلام قائلاً: أنا عبد الله.
- وبذلك برأ أمه من كل الشبهات.