قصيدة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم” للمتنبي تُعتبر من أبرز قصائد المديح التي كتبها، وهي من أكثر القصائد شهرة في التراث الشعري، حيث تظهر بوضوح براعة المتنبي الشعرية وتمكنه من اللغة.
تعكس هذه القصيدة طموحات المتنبي السياسية وروحه القتالية، وهي تحظى بشعبية كبيرة بين عشاق الشعر. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل قصيدة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم” للمتنبي.
نبذة عن المتنبي
قبل التعمق في تحليل قصيدة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم”، دعونا نتعرف على بعض المعلومات الأساسية حول حياة المتنبي، وذلك من خلال النقاط التالية:
- الإسم الكامل: أبو الطيب المتنبي، واسمه الأصلي أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي.
- اللقب: يُلقب المتنبي بشاعر العرب بسبب عظمته في الشعر وأسلوبه الفريد.
- مكان الميلاد: وُلد في الكوفة، إحدى مدن العراق.
- تاريخ الميلاد: وُلِد المتنبي عام 303 هـ، 915 م.
- تاريخ الوفاة: تُوفي في عام 354 هـ، 965 م، عن عمر يناهز 44-45 عاماً.
- مكانته: يُعتبر المتنبي أرقى شعراء العرب، وبمؤهلاته العالية في اللغة العربية ومعرفتها وقوانينها النحوية، يبقى مصدر إلهام للأجيال الجديدة من الشعراء.
أحمد بن الحسين (المتنبي)
أحمد بن الحسين الجعفي، المعروف بأبو الطيب المتنبي، كان شخصية بارزة في الشعر العربي. إليكم ملخصًا عن حياته:
- وُلِد المتنبي في الكوفة وبدأ يظهر حبه للأدب والشعر منذ صغره.
- كتب أول قصيدة له في عمر التاسعة، حيث عُرف بشغفه واجتهاده رغم صغر سنه.
- شخصية المتنبي كانت قوية، فهو طموح وشجاع، لا يخشى التحديات، ويفخر بعروبته كما يتجلى في أشعاره.
- تعكس غزيرت زخم مشاعره وعزيمته في شعره الدراسي.
- عاش في فترة تشهد تفكك الدولة العباسية.
- كانت تلك الفترة تتسم بالصراع وتعرضت الدول الإسلامية للغزو، مما جعل الظروف غير مواتية لصالح العرب والمسلمين.
- رغم أن معظم قصائد المتنبي تُعد قصائد مدح للملوك وللقادة، إلا أنه تناول مواضيع شتى تخص الحياة عموماً ولعل أهمها تصوير الحياة الفلسفية والوجودية.
- كتب قصائد ملهمة عن المعارك، والفلسفة، والحكمة، مما يظهر براعته في التعبير للشعراء الآخرين.
- ترك المتنبي خلفه 326 قصيدة تُعتبر من روائع الشعر العربي.
أغراض شعر المتنبي
تميز شعر المتنبي بالتنوع، حيث لم يقتصر على موضوع محدد كما أن أسلوبه وموهبته الشعرية ساعدا في كتابة أشعار غزيرة تشمل:
- المدح: حوالي ثلثي شعر المتنبي يتكون من قصائد المدح، حيث قدم عددًا كبيرًا من القصائد في مدح الحكام والقادة.
- كان قد بدأ بكتابة قصائد المدح في صغره.
- الهجاء: على الرغم من مهارته في هجاء خصومه، إلا أنه لم يُكثر من هذا النوع من الكتابة.
- حيث كان يدمج الحكم والعبر ليعطي شعره معنى أعمق.
- الوصف: يُعد المتنبي من الأبرز في وصف المعارك والأحداث التي وقعت في عصره.
- تتميز قصائده بأنها توثيق تاريخي يجمع بين الأحداث العسكرية والطبيعية، بالإضافة لوصف حالته النفسية.
- الحكمة: اشتهر المتنبي بحكمته التي غالبًا ما تظهر في شعره.
- وقد أصبح بعض أبياته مثالاً يُحتذى به في الحكمة والمعرفة.
من بين أبياته الشهيرة:
خذ ما تراه ودع شيئًا سمعت به، في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل.
والهجر أقتل لي مما أراقبه، أنا الغريق فما خوفي من البلل.
قصيدة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم”
قصيدة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم” تمثل علامة بارزة في تاريخ الشعر العربي، حيث تُبرز براعة المتنبي الشعرية وتمكنه من أدواته الأدبية. فيما يلي تفاصيل عن هذه القصيدة:
- عنوان القصيدة: على قدر أهل العزم.
- تاريخ الكتابة: كُتبت في عام 955 م.
- عدد الأبيات: تضم 46 بيتًا شعريًا.
- موضوع القصيدة: تُعتبر من قصائد المديح.
- القافية: استخدم المتنبي في هذه القصيدة قافية الميم.
- الوزن: بحر الطويل.
ومطلع القصيدة هو:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يكَلِّف سَيف الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّه
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
Bَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت
وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
أشهر قصائد المتنبي
كتب المتنبي 326 قصيدة تعكس تنوع مواضيعه، ومن أشهر قصائده:
- قصيدة “لك يا منازل في القلوب منازل”: تُعبر عن مشاعر الحنين والذكريات، حيث يقول:
“لكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ، أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ…” - قصيدة “أغالب فيك الشوق والشوق أغلبُ”: تُظهر عمق المشاعر الإنسانية، حيث يبدأها بالقول:
“أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ…” - كذلك قصيدة “عيد بأي حال عدت يا عيد”: تدعو للتأمل في الأوقات والأحوال، حيث يقول:
“عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ…”
مقتل المتنبي
للأسف، وُجهت للمتنبي قصيدة هجاء استهدفت ضبة بن يزيد الأسدي، وكانت القصيدة قوية اللهجة، مما أدى إلى مقتله.
ففي يومٍ كان عائداً إلى الكوفة برفقة رفاقه، واجههم خال ضبة بن يزيد ومعه مجموعة من الأشخاص، مما أسفر عن اندلاع قتال بين الطرفين. وقد أدي هذا الصراع إلى مقتل المتنبي وابنه في منطقة النعمانية قرب غرب بغداد.