لقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون دليلاً لكل الأمم حتى نهاية الزمن. ولقد حوى هذا الكتاب الكريم قصصًا متعددة عن بعض الأنبياء والرسل، لنستفيد منها في حياتنا.
وفي هذا السياق، سنتناول واحدة من أبرز هذه القصص، وهي قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل.
قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل
عاش نبي الله إبراهيم عليه السلام منذ شبابه في دعوة الناس إلى عبادة الله، وظل مخلصًا لمهمته طوال حياته. ورغم زواجه من سارة، لم يُرزق ذرية منها في البداية.
لكن الله سبحانه وتعالى استجاب لدعاء خليله إبراهيم عندما بلغ من العمر ست وثمانين عامًا، ورزقه ولدًا من زوجته هاجر، أطلق عليه اسم إسماعيل، وكان حب سيدنا إبراهيم لابنه كبيرًا.
ذكر القرآن الكريم العديد من الأحداث والقصص التي تتعلق بعلاقة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وسنستعرضها في الفقرات التالية من هذا المقال.
قصة الهجرة إلى مكة
نستعرض في النقاط التالية قصة هجرة إبراهيم عليه السلام مع زوجته هاجر وطفله إسماعيل إلى مكة المكرمة:
- لم تستطع السيدة سارة، زوجة سيدنا إبراهيم، أن تنجب له الأولاد، مما دفعها إلى السماح له بالزواج من جاريتها هاجر.
- أنجبت هاجر إسماعيل، الذي حباه إبراهيم بمشاعر كبيرة، مما أدى إلى شعور سارة بالغيرة، لذا طلبت من إبراهيم أن يبعدها وابنها عن نظرها.
- توافقت رغبة سارة مع أمر الله لخليله إبراهيم بالهجرة إلى مكة مصطحبًا زوجته هاجر وطفله إسماعيل، حيث استجاب لأمر ربه بكل الإخلاص.
- كانت مكة في تلك الأيام واديًا خاليًا من السكان والزراعة والماء، مما يجعلها مكانًا موحشًا.
- سألت هاجر إبراهيم إن كان تركهم في هذا المكان هو اجتهاد منه أو أمرٌ من الله.
- بعدما أخبرها إبراهيم عليه السلام أن هذا هو أمر من الله، أجابت هاجر بأنها ستتقبل ما أمرها الله به، رافضة أن تتخلى عن الثقة في رحمة الله.
- غادر إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في وادي مكة، تاركًا لهما بعض التمرات وقربة من الماء.
- استمرت هاجر في تناول الماء والتمر وإرضاع صغيرها إسماعيل، حتى نفد الماء وأصبح الرضيع جائعًا.
- بدأت هاجر تسعى بين جبلي الصفا والمروة بحثًا عن الماء.
- سمعت هاجر صوت الماء وعادت لتجد الماء يتدفق بين قدمي طفلها، فشربت وملأت القربة وسقت وليدها.
قصة بناء الكعبة
تتلخص أحداث بناء البيت الحرام من قبل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كما يلي:
- عاشت هاجر مع إسماعيل في مكة، وأقبلت بعض القبائل للعيش عند بئر زمزم.
- نشأ إسماعيل في كنف والدته، وكان والده إبراهيم عليه السلام يزور عائلته من حين لآخر للاطمئنان عليهم.
- عندما كبر إسماعيل، أوحى الله إلى إبراهيم أنه يجب عليه أن يرفع قواعد بيت الله الحرام، وطلب منه مساعدته في ذلك.
- استجاب إسماعيل لأمر والده دون تردد، مؤكدًا له أنه سيساعده في تنفيذ ما أمره الله به، وبالفعل شرع إبراهيم وإسماعيل في بناء الكعبة.
قصة الذبح
تمثل هذه القصة إحدى القصص الخالدة وتتجلى في النقاط التالية:
- كبُر إسماعيل عليه السلام وزاد ولع إبراهيم عليه السلام به، فهو ابنه الوحيد. وفي إحدى الليالي، رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل.
- تكررت هذه الرؤيا عبر ثلاث ليالٍ، وإذ علم إبراهيم عليه السلام أن رؤى الأنبياء حق، أدرك أن ذلك الأمر هو من الله.
- أخبر إبراهيم ابنه بما أمره الله، فما كان من إسماعيل إلا أن قال لأبيه: “امضِ لما أمرك به ربك، وستجدني إن شاء الله من الصابرين”.
- قام إبراهيم عليه السلام بإلقاء إسماعيل على وجهه ليجنب نفسه نظرة ابنه التي قد تضعف قلبه.
- بدأ إبراهيم بتمرير السكين على رقبة إسماعيل، ولكنها لم تُحدث أي ضرر. تكررت المحاولات دون جدوى.
- في تلك اللحظات الحرجة، سمع إبراهيم صوتًا من السماء، وعندما نظر إلى السماء، وجد ملكًا يحمل كبشًا عظيمًا.
- أخبر الملك إبراهيم بأنه قد صدق الرؤيا، وأن ما حدث كان اختبارًا من ربه، لذا قام إبراهيم بذبح الكبش بدلاً من وليده.
الدروس المستفادة من القصة
تتمثل الدروس المستفادة من قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل فيما يلي:
- الدعاء إلى الله مع اليقين بالإجابة: فقد دعا إبراهيم ربه أن يرزقه بولد وهو في سن متقدّم، فقال: (ربِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالَحينْ).
- الامتثال لأوامر الله دون تردد: وهذا يتبين في حالتين:
- الأولى، عندما أمر الله نبيه إبراهيم بترك زوجته هاجر وابنه في وادٍ تخلو من الماء والكلأ.
- الثانية، عندما طلب الله من إبراهيم أن يذبح ابنه، حيث أظهر كلاهما الامتثال الكامل لأمر الله.
- التوكل على الله وتسليم الأمور له: وقد تجلى ذلك في ثقة هاجر عندما سألت إبراهيم عن سبب تركها مع ابنها في مكة.
- قالت له: آلله أمرك بهذا؟ فأجاب نعم، فقالت هاجر: إذن فلن يضيعنا الله.