فن الإقناع
يُعتبر نجاح الأفراد وتقدمهم في مجالات الحياة الشخصية والمهنية متوقفًا على قدرتهم على إتقان فن الإقناع، وهي مهارة تحتاج إلى مستوى عالٍ من الذكاء. فالإقناع هو فن لا يجيده الكثيرون، ويتمكن منه فقط الناجحون الذين يعرفون كيفية استخدامه لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم. فما هو الإقناع؟ وما هي طرقه وأساليبه في النقاش؟
تعريف الإقناع
يُظهر الأفراد تباينًا في الآراء والأفكار، إذ يتمسك كل شخص برأيه الذي يعتبره سليمًا، بينما يُعتبر رأي الطرف الآخر غير صحيح. لذا، يلجأ العديد من الأشخاص إلى محاولة إقناع الآخرين بما يعتقدونه. يمكن تصنيف ردود الأفعال تجاه رسائل الإقناع إلى قسمين؛ الأول ينطوي على الانتباه والتركيز على كلمات المحاور، حيث يُقيّم مزاياها وعيوبها، مما قد يؤدي إلى الاقتناع أو عدمه، وقد يُطرح العديد من الأسئلة للحصول على مزيد من المعلومات. أما القسم الثاني، فيشمل الأفراد الذين يتلقون الرسائل بطريقة غير واعية، حيث تتمثل عقولهم في حالة من الانغلاق، مما يمنعهم من التفكير في ما يسمعونه. وبدلاً من أن يستند حكمهم على الحقائق المنطقية، يعتمدون على الأهواء والغرائز في اتخاذ قراراتهم.
يمثل اكتساب فن الإقناع والقدرة على التأثير في الآخرين نقلة نوعية من حالة الأمل في النجاح والتحصيل المالي إلى حالة الفعالية الحقيقة في تحقيقها، مما يعزز مستوى الدخل ويؤدي إلى النجاح في الحياة. البداية في تعلم هذه المهارة تكون بإدراك أن الطرق التقليدية لم تعد فعالة في عصر التطور الحديث. فقد أصبحت المناورات في الحوار أساليب قديمة لم يعد الناس يتقبلونها. لذا، يتعين على من يسعى لإقناع الآخرين إتباع أساليب عصرية. يقول جون هانكوك: “أعظم قدرة في عالم الأعمال هي القدرة على التوافق مع الآخرين والتأثير على سلوكياتهم”.
أساليب الإقناع في النقاش
يسعى الأفراد الذين يرغبون في تحقيق رغباتهم إلى إتقان فن الإقناع كمهارة تميزهم، ومن يرغب في اتقانه يجب أن يتبع الأساليب التالية:
- يبدأ إقناع الآخرين بإظهار المصداقية من قبل المقنع؛ حيث يجب عليه إثبات صدق ما يطرحه من حديث وأن يكون واقعيًا في أقواله.
- من الطرق الفعالة في إقناع الآخرين أن يكون الموضوع بعيدًا عن الاهتمامات الشخصية للمقنع؛ فإذا شعر الطرف الآخر أن المتحدث ليس له نية خفية لتحقيق مصالح خاصة، ستُعزز ثقته فيه.
- يجب على المقنع اختيار مواضيع الحوار بعناية، مبتعدًا عن النقاط المثيرة للجدل، وإن كان الموضوع يتضمن خلافًا، يتوجب عليه تقديم أدلة قوية تدعم موقفه.
- الثقة بالنفس وبما يمتلكه الفرد من مهارات وقدرات ضرورية لتحقيق الأهداف؛ فالشخص الذي لا يؤمن بقدراته لن يستطيع التأثير في الآخرين. على الرغم من مواجهته للتشكيكات الخارجية، فإن الإيمان الذاتي يعزز ثقته.
- مواجهة المخاوف. حيث يسعى المؤثرون الكبار إلى تجاوز مخاوفهم؛ فلقد وُلد الإنسان بحالتين من الخوف (مثل السقوط والأصوات المرتفعة)، بينما تبقى المخاوف الأخرى مكتسبة، مما يعني إمكانية التغلب عليها.
- أهمية اكتشاف الذات وتحديد الأهداف، حيث يمتلك كل شخص طاقات وأفكار قيمة، لكن عليه أن يحدد ما يرغب في تحقيقه من أهداف مليئة بالحيوية والسعادة.
- تقدير الذات، حيث أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يتمتعون بتقدير مرتفع لذواتهم قادرون على التأثير بشكل كبير في الآخرين. على النقيض، يؤثر تقدير الذات المنخفض سلبًا على قدرة الفرد على الإقناع.
عوامل نجاح الإقناع
يعتمد نجاح فن الإقناع على عدة عوامل، منها:
- التوكل على الله سبحانه وتعالى في كل خطوة يخطوها الفرد مع الدعاء المستمر والاستناد على حسن الظن به.
- إتقان مهارات الإقناع وامتلاك القدرة على التواصل وفن الحوار.
- القدرة الفائقة على نقل الأفكار والمعلومات بطريقة سلسة وواضحة.
- معرفة أوضاع وأفكار الطرف الآخر والقيم التي يحملها.
- التمتع بصفات جذابة مثل الأخلاق الحسنة والأناقة والثقافة الواسعة.
- التفاعل الإيجابي مع الآخرين وإظهار الصدق مع اختيار الأسلوب المناسب.