تاريخ تأليف المعاجم
شهد القرنان الأول والثاني الهجريين نشاطًا ملحوظًا من قبل علماء اللغة العربية في جمع المفردات والتعابير من أفواه القبائل العربية بهدف توثيقها وحفظها، وفهم معانيها الحقيقية. هذا الجهد جاء تزامنًا مع انتشار الإسلام واندماج العديد من الأمم فيه، بالإضافة إلى الحركات النشطة في الترجمة والتأليف والتعريب المرافقة لهذا الانتشار. ولذلك، أصبح من الضروري جمع تلك المفردات والتراكيب ضمن كتب متخصصة، تسهل على الباحثين الوصول إلى معلومات دقيقة وواضحة، دون أي لبس أو خلط في المعاني.
عمل العديد من اللغويين العرب على توثيق الألفاظ والتراكيب اللغوية، وجمعها في مؤلفات خاصة مثل تلك التي تتناول مفردات الغريب والنادر من اللغة. إلا أن هذه الأعمال غالبًا ما كانت تفتقر إلى الترتيب والتنظيم الشامل والشرح المفصل، مما تُعزز الحاجة لاستمرار البحث والتدقيق في التأليف لإنتاج معاجم تعتبر اليوم من أبرز المصادر الأساسية في الدراسات اللغوية، ومرجعًا موثوقًا لكل ما يتعلق بهذا المجال.
تعريف المعجم اللغوي
تُعرف كلمة المعجم لغويًا بأنها تعكس معنى الإبهام والغموض، وعند جمع كلمة معجم بزيادة ألف وتاء نتحصل على “معجمات”، بينما يُعتبر جمع التكسير “معاجم”. في الاصطلاح، المعجم هو الكتاب المنظم الذي يجمع مفردات لغة معينة ويقوم بشرحها وتفسير معانيها وتنظيمها بطريقة معينة. تُطلق كلمة “معجم” على هذه الأنواع من الكتب لأنها مرتبة وفقًا لحروف المعجم (الحروف الهجائية) أو لأنها تعكس إزالة أي لبس وغموض.
بعض علماء اللغة عرفوا المعجم ككتاب مُنظم بشكل خاص يحتوي على أكبر عدد من مفردات اللغة، مع الشرح أو التفصيل، وقد استخدم بعض اللغويين مصطلح “قاموس” للدلالة على المعجم.
أبرز المعاجم العربية
من بين المعاجم التي تعد الأكثر شهرة واستخدامًا في اللغة العربية، نذكر:
- معجم لسان العرب لابن منظور.
- معجم الصحاح للجوهري.
- معجم القاموس المحيط للفيروز آبادي.
- معجم تاج العروس للزبيدي.
- معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي يُعتبر أول معجم شامل للألفاظ والتراكيب اللغوية العربية.
أساليب البحث في المعجم
هناك عدة طرق للبحث في المعجم، نذكر منها:
أسلوب ترتيب المفردات
تعتمد هذه الطريقة على إعادة الكلمة إلى جذورها الأصلية من خلال إزالة حروف الزيادة المرتبطة بها، حيث يكون الحرف الأول هو المفتاح الذي نبحث عنه في المعجم، بينما يكون الحرف الثاني هو الفصل الداعم لهذا الباب. باقي الحروف تُظهر مجموعة من الكلمات المرادفة والمتشابهة في الشكل.
أمثلة:
- يختفي: نعيدها إلى أصلها “اختفى”، نبحث في المعجم عن باب حرف الألف، ثم حرف الخاء، وأخيرًا نبحث عن حرف التاء لاستخراج المعنى.
- تلدغ: أصلها “لدغ”، نبحث في باب حرف اللام، ثم حرف الدال، وبعدها نصل إلى حرف الغين لاستخراج المعنى.
- يستوطن: أصلها “وطن”، حيث نبحث في باب حرف الواو، ثم حرف الطاء، ثم حرف النون.
أسلوب البحث العكسي
تقوم هذه الطريقة على أخذ آخر حرف من الكلمة والبحث عنها بنفس الطريقة التي نتبعها مع الحرف الأول. خطوات البحث ستكون كما يلي:
- إعادة الكلمة إلى جذورها الثلاثية أو الرباعية.
- أخذ الحرف الأخير ليكون أساس البحث.
- استخدام الحرف الأول كفصل للبحث، ثم متابعة بقية الحروف.
مثال:
- طيران:
- الجذر الثلاثي له: “طار”.
- الحرف الأخير وهو الراء يكون باب البحث.
- بينما اعتبر حرف الألف والطاء فصلاً للبحث.
- نستخرج معنى الكلمة.