تتعدد القصص التي تجسد شجاعة عمر بن الخطاب، ولكن هذه القصة تحمل عدة روايات تسلط الضوء على صحتها.
لذا، سنتناول هذه القصة بتفصيل أكبر وما ورد عنها.
قصة عمر بن الخطاب مع الشيطان
- روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله:
- (التقى الشيطانُ برجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فصارعه، فتمكن المسلم من هزيمته.
- فقال الشيطان: دعني أُخبرك بآية لا يسمعها أحدٌ منا إلا ولَّى؛ فأطلق سراحه، ولكنه رفض أن يخبره بها، فصارعه مرة أخرى وتمكن منه.
- قال: أخبرني بها، ولكنه امتنع من الإخبار، وعندما تكرر الطلب للمرة الثالثة.
- قال: الآية التي في سورة البقرة، اللّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إلى نهايتها.
- فقالوا لعبد الله: يا أبا عبد الرحمن، من هو هذا الرجل؟ فقال: من عساك أن تتوقع غير عمر؟)
- ومع ذلك، يشير بعض العلماء إلى أن هذه القصة قد تكون غير صحيحة وقد تعارضت مع السنة النبوية.
- لذا لا يجوز للمسلم تداول مثل هذه الروايات التي تحتوي على تناقض، كما لا ينبغي الترويج لهذه القصص مطلقًا.
- كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
- استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عنده نساء من قريش يتحدثن إليه بصوت مرتفع.
- فلما استأذن عمر، بادرن النساء إلى الحجاب. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتسمًا.
- فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال: أنا أعجبت من هؤلاء النسوة، فلما سمعن صوتك هربن.
- قال عمر: وأنت يا رسول الله كنت أحق أن يخشَيْن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
- فأجبن: نعم، أنت أفظع وأشد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، ما واجهك الشيطان قط في طريق إلا وابتعد عن فجك.
ولا يفوتك الاطلاع على مقالنا حول:
من هو عمر بن الخطاب؟
- كان عمر بن الخطاب من ألد أعداء الإسلام، ولكنه أسلم لاحقًا بعد أن تنبه لموقف أخته التي كانت تقرأ القرآن الكريم.
- وهو ثاني الخلفاء الراشدين، بالإضافة إلى كونه من أبرز الشخصيات الإسلامية وله تأثير عميق في الفتوحات الإسلامية.
- كما أنه من العشرة المبشرين بالجنة، وحصل على لقب الفاروق لعدالته، وتولى خلافة المسلمين عام 13 هـ.
قوة شخصية عمر بن الخطاب
- تشير العديد من الروايات إلى أن عمر بن الخطاب كان يتمتع بقوة شخصية استثنائية.
- كان وجهه أبيض يفيض بالاحمرار، ولكن في عام الرمادة تحول لونه بسبب المجاعة التي واجهها المسلمون.
- في هذا العام، عانى المسلمون من مجاعة شديدة، كما كان أصلعًا ولديه لحية طويلة.
- كان يحب استخدام الحناء لتزيين لحيته، وكان لديه خطان أسودان على وجهه بسبب كثرة الدموع.
- بالإضافة إلى كونه أعسر اليد وطويل القامة، مما جعل البعض يعتقد أنه واقفٌ حتى عندما يكون على ظهر حصان.
للمزيد من التفاصيل، إليك:
أنواع القوة عند عمر بن الخطاب
يمتلك عمر بن الخطاب أنواعًا متعددة من القوة، وهي من النعم التي أنعم الله بها عليه.
فالقوة ليست مقتصرة على القوة البدنية فقط، بل تشمل القوة النفسية والقدرة على التحمل وكظم الغيظ، وسنتحدث عن هذه الأنواع بالتفصيل كما يلي:
القوة النفسية
- قال ابن عمر: عند إسلام عمر بن الخطاب لم تعلم قريش بإسلامه، فسأل: من أكثر أهل مكة إخبارًا بالحديث؟
- فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فذهب إليه بينما كنت ألاحقه، لأسمع وأرى جيدًا، فقال له: أنا أسلمت.
- فقال: والله لم يرد عليه بكلمة واحدة، حتى ذهب إلى المسجد ونادى قريش، وقال: يا معشر قريش، إن ابن الخطاب قد صبأ.
- فرد عمر: كذب، بل أنا أسلمت وآمنت بالله وصدقت رسوله.
- فتجمعوا ضده فقاتلهم حتى غشي عليه من التعب.
- فجلس، وقال: افعلوا ما شئتم، والله لو كنا ثلاثمائة رجل لتركتموها لنا أو تركناها لكم.
- وبينما هم كذلك، اقترب رجل يرتدي حلة من حرير، وسأل: ماذا يجري؟ فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ.
- قال: وما المشكلة، هو اختار عقيدته لنفسه، هل تظنون أن بني عدي سيسلمون إليكم صاحبهم؟ ومع هذا، عادت قريش مغلوبة.
- ولما كنت في المدينة، سألته: يا أبت، من هو الرجل الذي منعهم عنك يومئذ؟ فقال: يا بني، إنه العاص بن وائل.
- هذا هو عمر بن الخطاب، الذي لا يخشى إعلان إسلامه أمام الجميع، حيث أن الله قد أنار قلبه.
- وهذا دليل على قوته النفسية في مواجهة المشركين.
- قال عبد الله بن مسعود:
- (إن إسلام عمر كان فتحًا، وهجرته نصراً، وإمارته رحمة.
- لقد رأينا أنه لم يكن بإمكاننا الصلاة في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتى أذن لنا بالصلاة).
القوة البدنية
- نشأ عمر بن الخطاب في بيئة صعبة، حيث كان هناك ضغط اقتصادي، مما كان له أثر كبير على تكوين شخصيته.
- ولد بعد عام الفيل ب13 عامًا، وكان والده الخطاب قوي البنية، ورث منه القوة.
- كل من جالسه وصفه بأنه رجل قوي وضخم الجثة، كما كان طوله يفوق أطوال باقي الناس، مما جعل الأشخاص يخافون منه.
- كما كان ينافس الشباب في سوق عكاظ في الفروسية، وغالبًا ما ينتصر عليهم، لذا كان يُعتبر من أقوى فرسان قريش نظرًا لقوته وشجاعته وصلابته.
القوة الإيمانية
- كان عمر بن الخطاب معروفًا بشدته في الدين، وكان يملك قوة وصراحة في قول الحق.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة قوته:
- (إِيِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَان سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ. إِنِّي لأَنْظُر إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عمَرَ).
- فعندما أعلن عمر إسلامه، أُظهر الإسلام بصورة واضحة، وأصبح لدى المسلمين قوة كبيرة بعدها.
- كما روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عمَر).
- وهذا دليل قاطع على قوة إيمان عمر بن الخطاب بالله وبرسوله الكريم، خاتم الأنبياء والمرسلين.
في ختام الحديث، تناولنا قصة عمر بن الخطاب مع الشيطان، وأيضًا استعرضنا نشأته ومراحل حياته.