السير نحو الإيمان

سبيل الإيمان

وضّح الله -عز وجل- علامات الإيمان الحقيقي الذي يملأ القلب، حيث جاء في قوله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آيَاتُهُ زَادَتهُم إيمانًا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ). كما أشار -عز وجل- إلى الصفات التي تميز المؤمنين الصادقين بقولهم (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ). وبهذه الصفات، وصف الله المؤمنين بأنهم أهل الإيمان الحق، حيث قال: (أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ). ومن المهم التنويه إلى أنّ من أبرز صفات المؤمن الحق التي ذكرها الله هي إقامة الصلاة، وذلك لأنها تُعتبر من أعظم العبادات التي تشير إلى الهداية وتبعد الإنسان عن الضلال والمعاصي، حيث قال -عز وجل-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).

وقد أوضح الله -عز وجل- أن أداء الصلاة بشغف وحماس لا يكون إلا من أصحاب القلوب المليئة بالإيمان في الله -تعالى- ولقائه، وهو ما يرفع من مستوى الخشوع والخشية في الصلاة. بينما من كان قلبه عكس ذلك، فإنه فعلاً سيتجنب الصلاة أو يقدم عليها كسلاً وفتوراً، حيث قال الله -عز وجل-: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ). لذا فإنّ الشخص الذي يسلك طريق الإيمان يجد الاطمئنان الذي يلتمسه، كما قال -عز وجل-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ). ويجب على المؤمن أن يحرص على توافق أفعاله مع ما يعتقده قلبه ويعبر عنه لسانه، فالإيمان هو قول وعمل، كما جاء في قوله -عز وجل-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

تعريف الإيمان بالله تعالى

الإيمان من الناحية اللغوية يعني تصديق القلب بكل ما يتطلبه الخبر، أما في الاصطلاح الشرعي فالإيمان هو تصديق القلب واللسان والعمل بالجوارح. ونتيجة لذلك، فإن الإيمان بالله -تعالى- يتمثل في تصديق العبد بوجود الله -عز وجل- الذي أثبت وجوده العقل والشرع والفطرة. ويشمل الإيمان بالله -تعالى- التصديق بأسمائه وصفاته وما ورد عن الله من أحكام، مثل اليوم الآخر، والجنة والنار، والمحاسبة. فإن العبد يُجزى بعمله من حسنات وسيئات، بالإضافة إلى الاعتقاد بوحدانية الله -تعالى- في ألوهيته وربوبيته.

وسائل تقوية الإيمان

الإيمان يمكن أن يتعرض للضعف بشكل تدريجي، وهو ما أشار إليه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عندما قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يُكثِر من قول: يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثبِّت قَلبي على دينكَ). ولذا، ينبغي أن يكون لدينا الوسائل التي تُساعد على تثبيت الإيمان، ومنها:

  • السعي للقيام بالأعمال الصالحة التي تعزز وتقوي الإيمان في القلب.
  • التوبة، حيث إنّ العبد الذي يقدم على المعصية دون توبة يفقد فرصة المغفرة، بينما من يتوب إلى الله -تعالى- يحصل على رحمته.
  • ذكر الموت، لما له من أثر عميق في تحفيز الإنسان للابتعاد عن الذنوب والعمل للآخرة.
  • تذكّر الجنة، والتي هي هدف يسعى إليه كل مؤمن، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُذكّر أصحابه بها في الشدائد.

طرق لزيادة وتجديد الإيمان

يجب أن يسعى المؤمن لتجديد إيمانه وزيادته، ومن الوسائل التي تعين على ذلك ما يلي:

  • الالتزام بالتقوى والسعي لتحقيقها في القلب، مما يجعل العبد يلتزم بأوامر الله -تعالى-.
  • التعرف على الله -تعالى- ونِعمه التي لا تُحصى، خصوصاً نعمة الهداية.
  • إقامة الصلاة والخشوع فيها، مما يفتح الأبواب لزيادة الإيمان.
  • قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته، حيث أنه ينير القلب ويقوي الإيمان.
  • طلب العلم الشرعي، الذي يُهذب النفس ويزيد من الوعي بحكم الله.
  • قيام الليل والدعاء في السحر، والذي له أثر كبير في تكفير الذنوب.
  • الصحبة الصالحة التي تعين على الالتزام بالدين.
  • التأمل في اليوم الآخر وأهواله، مما يدفع للعبادة والعمل الصالح.
  • الإكثار من الدعاء لله -تعالى- لزيادة الإيمان.
  • الذكر المستمر لله، فهو مصدر الاطمئنان ووسيلة لزيادة الشوق للقائه.

أهمية الإيمان وأثره

للإيمان آثار عديدة في الدنيا والآخرة، ومنها:

  • الإيمان بالله -تعالى- يحفظ العبد من الأعداء ويكسبه الدعم.
  • الإيمان يُبعد العقل والنفس عن الخرافات.
  • الإيمان يُعزز الرضا والرحمة ويؤدي إلى دخول الجنة.
  • الإيمان يحقق النجاح في الدنيا والآخرة.
  • الإيمان يُنشر السعادة والطمأنينة في الحياة.
  • الإيمان يُجيب على الأسئلة الوجودية في حياة الإنسان.
  • الإيمان يُكسب العبد ولاية الله -سبحانه-.
  • الإيمان يضبط تصرفات العبد وفقاً لتعاليم الله.
  • الإيمان يُهيئ العبد لحسن الخاتمة.
  • الإيمان يُساعد في الثبات في القبر والإجابة عن الأسئلة.
  • الإيمان يُبعث العبد آمناً يوم القيامة.
Scroll to Top