تفسير آيات قسم الله تعالى على ملائكة حفظ الإنسان
يذكر الله -تعالى- في سورة الطارق: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ* النَّجْمُ الثَّاقِبُ* إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)، حيث يقسم الله -عز وجل- بالطارق، وهو نجم بارز يُشاهد في الليل فقط، مما يعكس عظمة خلق الله -تعالى- في هذا الكون الذي يسير بتدبيره.
يُظهر القسم بالطارق بوضوح أهمية هذا النجم، وهو يُشير إلى عجز البشر عن إدراك كنهه إلا من خلال الله، إذ إن مظاهر وظروف هذا النجم تحتوي على دلالات قوية على وجود خالق مُدَبِّر له.
علاوة على ذلك، يقسم الله -تعالى- بالسماء الجميلة والنجوم التي تُنير ظلام الليل؛ ويفيد جواب القسم بأن الله قد أنعم على الإنسان بملائكة تحرسه وتحفظه من المخاطر، وتوثق أعماله وأقواله، وكل ما يحصل عليه من خير أو شر.
تفسير الآيات المتعلقة بخلق الإنسان
يقول الله -تعالى-: (فَليَنظرِ الإنسَانُ مِمَّ خُلِق)، وهذه دعوة للإنسان للتفكر والتأمل، ما يدعوه للتفكر به هو ذاته وجسده. هل تساءلت، أيها الإنسان، من أي شيءٍ خُلِقت؟ وكيف نمت وتحولت؟ فيأتي الجواب من الله -تعالى-: (خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ).
تُظهر هذه الآيات أن الإنسان خُلق من ماءٍ حقير، يخرج من ظهر الرجل وضلوع المرأة، ليصب في رحمها حيث يتكون الجنين بإرادة الله. وعندما يتأمل الإنسان في هذا الأمر، يدرك أن الله -تعالى- الذي خلقه من العدم قادر على إعادته بعد موته، وهو ما ستتناوله الآيات التالية.
تفسير الآيات المتعلقة بقدرة الله على البعث
تحدثت الآيات السابقة عن عظمة الله وقدرته في خلق السماء والنجوم، وكذلك عن حفظه ورعايته للأنفس، وخلق الإنسان من ماءٍ دافق. كل هذه الأدلة تشير بقوة إلى قدرة الله -تعالى- على الإيجاد وإعادة الخلق يوم القيامة.
ثم تأتي آية جديدة كإجابة لقسم الله -تعالى- في بداية السورة، عندما قال: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ)، مما يدل على أن الذي بدأ الخلق في البداية قادر على تكراره مرات عديدة.
ويشير الله -تعالى- إلى زمن هذه الإعادة بقوله: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)، وهو يوم القيامة، حيث يتم كشف كل ما أخفاه الإنسان، ويظهر ما كان سِرًّا للمجتمع بشكل جلي.
في ذلك اليوم، لن تكون لدى الإنسان قدرة على إنقاذ نفسه من العذاب، ولن يجد من يساعده أو يدافع عنه. وفيه يستقبل عاقبة تكذيبه، فمن جحد الله رغم الأدلة القاطعة، فإن جزاءه عذاب شديد.
تفسير الآيات المتعلقة بكون القرآن من عند الله
تدعو الآيات الأخيرة للتدبر في خلق الله، حيث يقسم الله بالسماء التي تحقق دورة المياه من خلال المطر، وهو ما يُعرف بالرَجْع في قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)، ويعني ذلك أن السماء لا تتوقف عن تزويدنا بالخير والرزق الذي أعده الله لنا، لذا خلق الله من الماء كل كائن حي.
ثم يستكمل -تعالى- بقوله: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ)، حيث يقسم الله بالأرض التي تتصدع، وهو يشير إلى الشقوق التي تنشأ بفعل الزرع والأشجار، حيث تنقسم الأرض لتخرج النبات وتنمو.
تفسير الآيات المتعلقة بتحذير الكافرين وبيان مصيرهم
يُؤكد الله -تعالى- في هذه الآيات على أن القرآن الكريم بما يحمله من الآيات هو القول الفصل، وأنه يميز بين الحق والباطل، وليس هزلاً أو لعباً كما يتصور المكذبون، بل هو جد وصدق، فلا يمكن أن يتساوى طريق الحق والنور مع طريق الضلال.
فورد في قوله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ* وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)، ويُبين بعد ذلك حال المكذبين الذين اختاروا طريق الباطل بقوله -سبحانه-: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا).
وهذا يعني أن الكافرين يُدبرون المكائد لإبطال أمر الله وإطفاء نور الحق، ويخادعون الناس ليضلّوهم عن الحق، بينما يُشدد الله -تعالى- على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بألا يدعُ عليهم بالهلاك، بل أن يصبر عليهم قليلاً، إذ لكل عمل جزاء، وجزاء مكائدهم وضلالهم هو الهلاك.