حروف الإخفاء في أحكام التجويد
تعتبر أحكام التجويد من الأمور الأساسية التي ينبغي على كل شخص التعرف عليها، حتى لو بقدر يسير، نظراً لأهميتها البالغة؛ إذ تجعل القراءة أكثر جمالاً، وتحسن قدرة اللسان على النطق، مما يساهم في تصحيح اعوجاجه. في هذا المقال، سنسلط الضوء على أحد الأحكام الرئيسية في التجويد وهو: الإخفاء.
أنواع الإخفاء
ينقسم الإخفاء في علم التجويد إلى نوعين رئيسيين؛ الأول يتعلق بأحكام النون الساكنة والتنوين، والثاني يتعلق بأحكام الميم الساكنة. يشمل الإخفاء المتعلق بالنون ما يعرف بالإخفاء الحقيقي، بينما يختص الإخفاء المتعلق بالميم بما يسمى بالإخفاء الشفوي. لكل قسم منهما تعريفه الخاص ومراتبه وحروفه المحددة.
الإخفاء الحقيقي
يمكن تعريف الإخفاء لغويًا بأنه الستر، ولكن اصطلاحًا يعني النطق بحرف ساكن خالٍ من التشديد، بين صفة الإظهار والإدغام، مع بقاء الغنة في الحرف الأول، وهو النون الساكنة والتنوين.
حروفه وأمثلة عليه
- ذَكَرَ صاحب التحفة الجمزوري حروف الإخفاء عبر البيت الشعري المعروف:
صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا *** دُمْ طَيِّبًا زِدْ فِي تُقًى ضَعْ ظَالِمَا
- الحرف الأول في كل كلمة من هذه الكلمات هو حرف من حروف الإخفاء الحقيقي، وهي: (ص، ذ، ث، ك، ج، ش، ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ).
- يحدث الإخفاء بعد النون الساكنة في كلمة واحدة أو في كلمتين، بينما في حالة التنوين لا يحدث سوى في كلمتين. على سبيل المثال، في قوله تعالى: (جُندٌ) حيث تلتقي النون دون حركة مع حرف الإخفاء (د)؛ وبالتالي يكون الحكم إخفاءً حقيقيًا. كما يظهر ذلك في قوله تعالى: (يَنصُرُكُم) حيث تأتي النون قبل حرف (ص)، مع تطبيق نفس الحكم. وهذان المثالان يبينان الإخفاء في كلمة واحدة.
- أما الإخفاء الذي يحدث في كلمتين، فيظهر في حالة النون والتنوين، كما يتضح في قوله تعالى: (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
سبب التسمية ومراتبها
- تتمثل تسمية الإخفاء بهذا الاسم في إخفاء النون الساكنة والتنوين بشكل حقيقي، مما يضمن تحقيق الإخفاء بشكل أكبر عند التقاءهما مع أحد الحروف المحددة من حروف الإخفاء.
- وفقًا لما ذكره صاحب الوجيز، تنقسم مراتب الإخفاء إلى:
- المرتبة العليا: عند الحروف الطاء والدال والتاء.
- المرتبة الوسطى: عند بقية الحروف العشرة الأخرى.
- المرتبة الدنيا: عند القاف والكاف.
الإخفاء الشفوي
هنا نقدم تعريفًا للإخفاء الشفوي، وخصائصه وكيفية نطقه:
- يُعرف الإخفاء الشفوي كنوع من أنواع أحكام الميم الساكنة، على عكس الإخفاء الحقيقي المتعلق بالنون الساكنة.
- الإخفاء الشفوي هو الحدث الذي يأتي بعد الميم الساكنة بحرف الباء، ويقتصر على ظهور هذا النوع في كلمتين. تمت تسمية هذا الإخفاء بـ”الشفوي” لأن كلا من الباء والميم يخرج من الشفتين.
- تنشأ حالة الإخفاء من اشتراك الميم والباء في المخرج، بالإضافة إلى تجانسهم في صفتي الانفتاح والاستفال.
- يُفضل في حالة الإخفاء التحفظ على الغنة بدلاً من الإطباق، مما يعني أنه ثمة خلاف حول ضرورة إطباق الشفتين أو ترك فرجة، والرأي السائد بين أهل الأداء في الشام ومصر هو ترك الفرجة.
- على سبيل المثال، يظهر الإخفاء الشفوي في قوله تعالى: (عَلَيْهِم بُنْيَانًا)، حيث تظهر الميم دون حركة في كلمة (عَلَيْهِم) تلتقي مع حرف الباء في كلمة (بُنْيَانًا)، مما يجعله مثالًا واضحًا للإخفاء الشفوي.