تعريف بسورة الأنعام في القرآن الكريم

مقدمة حول سورة الأنعام

تُعد سورة الأنعام سورة مكية بامتياز، وهي تأخذ المرتبة الخامسة والخمسين في ترتيب النزول، بينما تحتل الموقع السادس في ترتيب القرآن الكريم. نزلت هذه السورة بعد سورة الحجر وقبل سورة الصافات، ويبلغ عدد آياتها 167 آية في العد المدني والمكي، و165 آية وفق العد الكوفي، و164 آية وفق العد الشامي والمصري.

تشكل سورة الأنعام واحدة من سور الطوال السبع، وقد سُمّيت بهذا الاسم بسبب تكرار ذكر لفظ “الأنعام” فيها. وقد نزلت السورة بالكامل دفعة واحدة، وهو أمر غير متوفر لسورها الطوال الأخرى. تعكس هذه السورة أساساً هاماً في محاجّة المشركين وغيرهم من المبتدعة الذين كذّبوا بفكرة البعث والنشور، وهو السبب في نزولها جملةً واحدة.

التفاعلات والروابط في سورة الأنعام

تمتاز سورة الأنعام بارتباطها بالقضايا المطروحة في السور التي تسبقها وتلك التي تليها. كما أن آياتها تتداخل فيما بينها برابط وثيق ومعجز. ومن أمثلة هذه الروابط ما يلي:

توافق اسم السورة ومحتوياتها

تدور محاور سورة الأنعام حول دحض الشبهات التي يثيرها المشركون في مجال العقيدة والأحكام، وكشف جهلهم وسخافتهم، كما يتضح من مواقفهم المتناقضة تجاه الأنعام بين تحليلها وتحريمها حسب أهوائهم. قال الله تعالى: (وَمَا لَكُم أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَد فَصَّلَ لَكُم مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُم إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ).

ترابط فاتحة السورة مع ختامها

تبدأ السورة بتعظيم حمد الله -تعالى- وتنتهي بتأكيد وحدانيته، فليس هناك رب سواه ولا معبود غيره. وفي مطلع السورة إشارة إلى نعم الخلق، وفي ختامها إشارة إلى نعمة الاستخلاف في الأرض، مع توضيح الحكمة من ذلك، والتي تتمثل في الابتلاء.

يتناول بداية السورة أيضًا إحاطة علم الله -تعالى- بأحوال عباده وأعمالهم، بينما تختتم ببيان مصيرهم وأنهم سيرجعون إلى ربهم ليُحَاسَبوا على ما قدموا، كما قال الله تعالى: (قُل أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

التوافق بين مضمون السورة وما قبلها

ترتبط سورة الأنعام بسورة النساء من عدة جوانب، ففي سورة المائدة تمت الإشارة إلى محاجّة أهل الكتاب، في حين تتناول سورة الأنعام محاجّة المشركين. تفصل سورة المائدة المحرمات بالتفصيل نظرًا لكونها من آخر ما نزل من القرآن الكريم، بينما تشمل سورة الأنعام ذلك بصورة عامة.

محاور سورة الأنعام

تتضمن سورة الأنعام مجموعة من المواضيع والتوجيهات الإلهية الهامة، ومنها ما يلي:

  • دعوة الأفراد للتفكر في معالم الكون وما تحتويه من دلائل على عظمة الخالق وجلاله ووحدانيته.
  • التركيز على عجائب خلق الله في السماوات والأرض، مثل إنبات النباتات من الأرض القاحلة وظهور الحبوب والنوى.
  • توضيح الحلال من الأطعمة الذي أباحه الله -تعالى- والحرمات التي وضعها، وبيان الضلال الذي وقع فيه المشركون بخصوص ما حرموا على أنفسهم دون دليل.
  • عناد المشركين ورفضهم للاستجابة لدعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث أنهم لو تلقوا كتابًا من الله لرفضوه لو اعتبروه سحرًا.
  • تقديم العزاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول ما يواجهه من قومه من عناد وأذى من خلال ذكر ما عاناه الأنبياء السابقون وإهلاكهم بسبب ذلك.
  • توجيه اللوم للمشركين بسبب ممارساتهم من قتل أولادهم خشية الفقر وغيرها من الأسباب.
  • النهي عن سب معبودات المشركين لتجنب ردود أفعالهم التي قد تشمل سب الله، مما يؤدي إلى الإثم.
  • التأكيد على أن دين الله واحد ولا يجوز فيه التفرقة، وأن من يجهدون في التفرقة هم بعيدون عن دينه.
  • التأكيد على أن كل إنسان يتحمل مسؤولية أعماله، فلا يحمل أحدٌ وزر غيره.
  • تقديم مفهوم الدين الحق ومناهج السلوك الفاضل من خلال الالتزام بالصلاة والتقوى وترك الإثم.
  • التأكيد على نجاح الأمم في طاعة رسل الله واتباع هديهم، وفشلها عند الابتعاد عن ذلك.
  • استعراض الوصايا العشر التي وصى الله -عز وجل- بها، والتي تجمع بين الفضائل التي تُسعد البشرية.
Scroll to Top