الطموح والطمع: الفروقات الأساسية
تعتبر الحياة متألّفة من تجارب ومراحل تعلّمنا منها الكثير، مما يساهم في تطور خبراتنا ويساعدنا على المضي قدمًا. يعد الطموح من المفاهيم الجوهرية التي يجب أن تمتلكها النفس البشرية، حيث إنه يشكل أساس التقدم ويعد دافعًا رئيسيًا يدفع الفرد للعمل بجد لإنجاز طموحاته. وطموح الإنسان يشكل الوجه الآخر للأهداف، من خلاله يمكن للفرد تطوير نفسه وتحقيق مراتب عليا. فبدون الطموح، لا يمكن للإنسان أن يتقدم، بل سيظل عالقًا في مكانه، متكلًا على الصدفة، كما أن من يفتقر إلى الطموح يعيش حياة بلا هدف، تشبه حياة الميت.
يميل الكثير من الناس إلى خلط طموحاتهم وأهدافهم بالرغبات الطامعة، التي تجعل الإنسان أحيانًا يتجاوز الحدود المعقولة. فكثيرًا ما يفكر الأفراد في الحصول على أمور لا تندرج ضمن حقوقهم، أو يسعون لتحقيق طموحات على حساب طموحات الآخرين. في هذه الحالات، يتحول الطموح إلى طمع ويظهر شعور بالأنانية، حيث قد تؤدي الرغبة الجامحة لتحقيق الأهداف إلى عتمة الرؤية، مما يعمي الفرد عن حقوقه وحقوق الآخرين. وهذا يقودنا إلى مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة)، ويجعل من الضروري وجود تمييز واضح بين الطموح والطمع، لتجنب الانزلاق نحو أفعال تضر بمبادئ الأخلاق الأساسية.
يكمن الفرق بين الطموح والطمع في شعرة رفيعة يجب أن تبقى ثابتة، حيث ينبغي ألا يتحول الطموح إلى طمع وينبغي ألا يُنظر إلى ما يمتلكه الآخرون. إذ أن الطموح مشروع وطبيعي بينما الطمع مرفوض تمامًا، لأن الطمع يدفع بالإنسان إلى الانخفاض عن مستوى أخلاقه ويجعله لا يرى سوى مصلحته الخاصة. فمثلاً، إذا كان هناك شخص يطمح للحصول على منصب معين أو أن يتفوق في مجاله، فإنه يستحق تحقيق طموحاته إذا تم ذلك من خلال جهوده الشخصية ودون اللجوء إلى طرق غير قانونية. أما إذا كان يسعى لإطاحة الآخرين أو تشويه سمعتهم ليحل مكانهم، فهذا يعد طمعًا بعيدًا عن الأخلاق ولا يبرره أي شيء.
إن الشخص الطموح الذي يتجنب الطمع يكون موفور الحظ، حيث يحقق أهدافه بنية صافية، بينما الشخص الطماع لن يتمكن من تحقيق ما يأمل به، إذ أن الطمع يجلب المشكلات ولا يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية. على عكس الطموح الذي يكسب الشخص احترام الآخرين، فإن الطمع يزرع الكراهية في القلوب ويزيد من مشاعر البغضاء.