زيادة حجم الغدة الكظرية

تضخم الغدة الكظرية

يُعرف تضخم الغدة الكظرية، وخاصةً مرض فرط تنسج الغدة الكظرية الخلقي (بالإنجليزية: Congenital adrenal hyperplasia)، بأنه مجموعة من الاضطرابات الوراثية النادرة التي تؤثر على الغدد الكظرية. يتجلى هذا المرض في نقص بعض الإنزيمات الضرورية لإنتاج الهرمونات التي تفرزها الغدة، سواءً بشكل جزئي أو كلي. ومع ذلك، فإنه يمكن التحكم في الأعراض والتقليل من تأثيرات المرض من خلال تلقي المريض الرعاية الطبية المناسبة. لفهم هذا المرض بشكل أعمق، يجب الإشارة إلى أن جسم الإنسان يحتوي على غدتين كظريتين، تقع كل واحدة منهما فوق إحدى الكليتين. تتكون كل غدة من قشرة خارجية (القشرة الكظرية – بالإنجليزية: Adrenal cortex) جزءاً رئيسياً، ونخاع داخلي (بالإنجليزية: Medulla) يقع في المنتصف. وتتمثل أهمية القشرة الكظرية في إنتاج هرمونات حيوية، وهي ثلاثة أنواع: الأول هو القشرانيات السكرية (بالإنجليزية: Glucocorticoids)، وأهمها الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol)، الذي يلعب دوراً في استجابة الجسم للمرض والتوتر؛ الثاني هو القشرانيات المعدنية (بالإنجليزية: Mineralcorticoids)، مثل الألدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone)، الذي ينظم مستوى الصوديوم والبوتاسيوم في الجسم؛ الثالث يتعلق بالهرمونات الجنسية، وبالأخص الأندروجينات (بالإنجليزية: Androgens)، مع تأكيد أن هذه الهرمونات تُفرز بشكل أساسي من الغدد التناسلية. وعادةً ما يُعبر عن تضخم الغدة الكظرية بخفض مستوى الكورتيزول في الجسم وزيادة مستوى الأندروجينات.

أنواع تضخم الغدة الكظرية

توجد عدة أشكال من تضخم الغدة الكظرية الخلقي، تختلف فيما بينها بناءً على نوع الإنزيم الذي يعاني من نقص. وفيما يلي أهم نوعين من تضخم الغدة الكظرية الخلقي:

  • تضخم الغدة الكظرية الخلقي التقليدي: (بالإنجليزية: Classic Congenital Adrenal Hyperplasia) هو النوع الأكثر حدة، حيث لا تستطيع الغدة إنتاج كميات كافية من هرمون الكورتيزول، مما يؤثر بدوره على تنظيم مستوى السكر في الدم واستجابة الجسم للإجهاد. في بعض الحالات، قد يحدث نقص في إنتاج هرمون الألدوستيرون، مما يؤثر على قدرة الجسم على التحكم بضغط الدم. غالباً ما يُكتشف هذا النوع في مرحلة الطفولة ويقسم إلى نوعين:
    • النوع الفاقد للملح: (بالإنجليزية: Salt Wasting type)، وهو النوع الأشد، حيث ينتج كميات قليلة من هرمون الألدوستيرون، مما يؤدي إلى فقدان الصوديوم والماء بكميات تفوق المعدل الطبيعي في البول، مما يُسبب انخفاضاً في ضغط الدم. وعادةً ما يتم تشخيص هذه الحالة بعد أيام إلى أسابيع من الولادة.
    • النوع غير الفاقد للملح: (بالإنجليزية: Simple virilizing non-salt wasting type)، والذي يتمثل بقلة إنتاج هرمون الكورتيزول مع زيادة في إنتاج هرمون الأندروجين.
  • تضخم الغدة الكظرية الخلقي غير التقليدي: (بالإنجليزية: Nonclassic Congenital Adrenal Hyperplasia)، وهو النوع الأكثر شيوعًا ويُشخص عادةً في مرحلة الطفولة المتأخرة أو المراهقة المبكرة، وغالبًا ما تكون مستويات الألدوستيرون طبيعية، بينما ترتفع مستويات الأندروجينات. الأعراض المرتبطة بهذا النوع عادةً ما تكون أقل حدة مقارنةً بتلك المرتبطة بالتضخم التقليدي، وقد لا يحتاج المصابين إلى علاج.
  • تضخم الغدة الكظرية الخلقي المُتأخر: (بالإنجليزية: Late-onset congenital adrenal hyperplasia)، والذي يحدث بسبب نقص إنزيمات رئيسية، خاصةً المرتبطة بإنتاج الكورتيزول. وعادةً ما يتم تشخيصه في مرحلة البلوغ أو في بداية الشباب. تشبه الأعراض المتعلقة بهذا النوع أعراض متلازمة تكيس المبايض، مثل فرط الشعر أو مشاكل الخصوبة.

أسباب تضخم الغدة الكظرية

يرجع تفشي تضخم الغدة الكظرية الخلقي إلى عدم وجود إنزيمات كافية ضرورية لعمل الغدة الكظرية. يعد إنزيم 21-هيدروكسيليز (بالإنجليزية: 21-Hydroxylase) الأكثر شيوعًا بين هذه الإنزيمات. يُعتبر هذا المرض من الأمراض الوراثية الناجمة عن طفرة جينية. من المهم أن نذكر أن الجين المسؤول عن جميع حالات تضخم الغدة الكظرية يتبع نمط الوراثة المتنحية، مما يعني أنه يجب أن يحمل كل من الأبوين نسخًا من الجين المتسبب في المرض لكي يُصاب الطفل، وفي أغلب الأحيان لا يُظهر الأبوين أي أعراض للمرض.

أعراض تضخم الغدة الكظرية

تظهر مجموعة من الأعراض والعلامات لدى المصابين بتضخم الغدة الكظرية، وهذه الأعراض قد تختلف بين الأفراد بناءً على الجين المتأثر ودرجة نقص الإنزيم. من بين هذه الأعراض:

  • الأعراض المرتبطة بالنوع الفاقد للملح التقليدي:
    • زيادة حموضة الدم.
    • انخفاض مستوى الصوديوم في الدم.
    • مشاكل في القلب والأوعية الدموية، مثل اضطرابات في دقات القلب وانخفاض ضغط الدم.
    • الجفاف.
    • التقيؤ.
    • انخفاض مستوى السكر في الدم.
    • سوء التغذية.
    • الإسهال.
    • فقدان الوزن.
    • حالات صدمة، حيث لا تتلقى أعضاء الجسم كمية كافية من الدم.
    • أعراض ناتجة عن زيادة نسبة الأندروجين، مثل:
      • تضخم الأعضاء التناسلية لدى الذكور حديثي الولادة.
      • اضطراب الأعضاء التناسلية الخارجية عند الإناث حديثي الولادة، مثل انتفاخ البظر وظهور تشوهات في الأجزاء التناسلية.
      • علامات البلوغ المبكرة مثل تغير الصوت ونمو الشعر في المناطق الحساسة.
      • مشاكل في الدورة الشهرية وعدم انتظامها.
      • ظهور حب الشباب.
  • الأعراض المرتبطة بالنوع غير الفاقد للملح التقليدي:
    • تشوه في الأعضاء التناسلية عند الإناث.
    • ظهور مظاهر الذكورة لدى الأطفال في سن مبكرة، مثل خشونة الصوت وتضخم العضلات.
  • الأعراض المرتبطة بالتضخم غير التقليدي:
    • صلع في مقدمة الرأس.
    • ظهور علامات البلوغ مبكرًا.
    • نمو سريع في مرحلة الطفولة أو المراهقة المبكرة.
    • عدم انتظام الدورة الشهرية لدى الإناث.
    • تضخم بعض الأعضاء التناسلية وصغر حجم الخصيتين لدى الذكور.
    • اختلاف علامات البلوغ لدى الذكور، حيث قد تظهر علامة البلوغ إلا أن الخصيتين تظلّان صغيرتين الحجم.

تشخيص تضخم الغدة الكذرية

تتضمن عملية تشخيص تضخم الغدة الكظرية العديد من الفحوصات، ومنها:

  • الفحص قبل الولادة: يجرى للفحص الأجنة في حال وجود تشخيص سابق ضمن العائلة. ومن الاختبارات المتبعة:
    • فحص السائل الأمنيوسي: (بالإنجليزية: Amniocentesis) يتم فيه سحب عينة من هذا السائل لفحص الفورمات هناك.
    • فحص الزغابات المشيمية: يتم سحب عينة من خلايا المشيمة خلال الثلاث الأشهر الأولى من الحمل، لإجراء اختبارات وراثية للكشف عن احتمال الإصابة.
  • الفحص البدني: (بالإنجليزية: Physical exam) الذي يحدد الأعراض والعلامات لدى الأطفال، حيث يقوم الطبيب بفحص شامل لتقييم الحالة.
  • اختبارات الدم والبول: (بالإنجليزية: Blood and urine tests) تسهم في قياس مستويات الهرمونات التي تنتجها الغدد الكظرية.
  • فحص الموجات فوق الصوتية: (بالإنجليزية: Ultrasound) تستخدم لفحص أي تشوهات هيكلية تشير إلى الإصابة بالتضخم.
  • فحص الجينات: (بالإنجليزية: Gene testing) يُستخدم لتشخيص الأمراض الوراثية مثل تضخم الغدة الكظرية.
  • فحص النمط النووي: (بالإنجليزية: Karyotype test) يُستخدم لتحديد الجنس الوراثي للطفل عبر قياس مستويات الهرمونات الجنسية.
  • الأشعة السينية: (بالإنجليزية: X-ray) تُستخدم لتقييم نمو الهيكل العظمي، حيث إن الإصابة بتضخم الغدة تؤثر على معدل النمو.
  • فحص تحفيز الكورتيكوتروبين: (بالإنجليزية: Corticotropin Stimulation Test) يتم فيه حقن هرمون الكورتيكوتروبين، ثم إجراء اختبارات للدم للتحقق من استجابة الغدة.

علاج تضخم الغدة الكظرية

يعتمد علاج تضخم الغدة الكظرية على نوع وشدة الحالة. يهدف العلاج بشكل أساسي إلى تقليل إنتاج الأندروجين الزائد وتعويض نقص الهرمونات. في بعض الأحيان، قد لا يكون هناك حاجة لعلاج الأفراد الذين يعانون من النوع غير التقليدي، بينما يحتاج البعض الآخر إلى تركيزات علاجية مستمرة. ومن العلاجات المتاحة:

  • العلاجات الدوائية: يمكن وصف الأدوية اللازمة، مثل:
    • الهيدروكورتيزون (بالإنجليزية: Hydrocortisone) الذي يُستخدم لتعويض نقص الكورتيزول غير المنتج.
    • فلودروكورتيزون: (بالإنجليزية: Fludrocortisone) يُستخدم لتعويض نقص الألدوستيرون المكتشف.
    • أدوية معالجة البلوغ المبكر.
    • بدائل الهيدروكورتيزون مثل الديكساميثازون (بالإنجليزية: Dexamethasone).
    • حبوب للصوديوم تعوض نقص الألدوستيرون.
  • العلاجات الجراحية: تشمل الإجراءات التي تؤثر على الأعضاء التناسلية للإناث المصابات، وتهدف للحد من المضاعفات المحتملة. من ناحية أخرى، في بعض الحالات، قد يلزم إزالة الغدد الكظرية مع الانتباه لاحتمالية الحاجة للعلاج الدوائي مدى الحياة.
Scroll to Top