ثورة القرامطة خلال فترة الحكم العباسي المتأخر

الأسباب وراء ظهور حركة القرامطة

تُعتبر الثورات الاجتماعية من أبرز أشكال الصراع الطبقي في المجتمعات، ويمثل ظهور حركة القرامطة نتيجة للشروط الاقتصادية القاسية التي عانت منها الطبقات الفقيرة في المجتمع العباسي آنذاك. فقد أدت وتيرة الاستغلال المفرط والضرائب الثقيلة المفروضة على هذه الفئات إلى انقسام حاد في المجتمع إلى طبقتين رئيسيتين: الطبقة الحاكمة التي تعيش في الرفاهية والترف، والطبقة المحكومة التي تعاني من الفقر المدقع. من هنا، برزت حركة القرامطة لتكون صوتًا للضعفاء والمحرومين.

استطاع الدعاة جذب العديد من الأفراد إلى صفوفهم، في الوقت الذي استولى فيه الأتراك على مقاليد الحكم في الدولة العباسية، ولم يكن للخليفة العباسي سوى ذكر اسمه وتدوين اسمه على النقود. ونتيجة للاضطرابات السياسية التي تسببت فيها الأتراك والفرس، وُفِّرت ظروف ملائمة للقرامطة لنشر دعوتهم وتحقيق أهدافهم. كما زادت حدة المشكلات الاجتماعية نتيجة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها ذلك العصر.

أحداث ثورة القرامطة

استجاب عدد كبير من الفلاحين في الكوفة والعراق لدعوة القرامطة بسبب الوعود التي قدموها بتحسين ظروفهم الاقتصادية. كما انضم إليهم عدد ممن ينتمون إلى الطبقة الكادحة، حيث وعدهم قائد حركة القرامطة، حمدان قرمط، بالازدهار والسعادة. وعمل حمدان على تحقيق هذه الوعود من خلال تحرير العبيد وبدافع شجاعته وجرأته في الوقوف إلى جانب الفقراء والمطالبة بحقوقهم.

لم يكتفِ القرامطة بذلك؛ بل دعوا أيضًا إلى التخلي عن الدين الإسلامي وفروضه. ومع تزايد أعداد أتباع حمدان قرمط، قاموا بثورات على الأوضاع القائمة في ذلك الوقت، حيث أرسل حمدان بعض الدعاة إلى اليمن ليعلنوا عن تحررهم، مما تسبب في انتشار الفوضى. كما قاموا بنهب الأموال وسرقة مدن مثل القطيف في البصرة وقتل النساء والرجال، حيث اتسموا بالشراسة والهمجية.

وفي هذا السياق، يصف المقريزي ما تعرض له العباسيون من قسوة خلال مواجهاتهم مع القرامطة: “كان الواحد منهم يُبطح على وجهه فتُقطع يده اليمنى ثم تُرمى ليراها الناس، ثم تُقطع رجله اليسرى وبعدها اليمنى، ثم تُضرب عنقه وترمى…”

نتائج ثورة القرامطة في العصر العباسي

تتمثل نتائج ثورة القرامطة فيما يلي:

1. نجاح حركة القرامطة في منطقة الأحساء بشكل ملحوظ مقارنةً ببقية الحركات، حيث استمرت حتى منتصف القرن الرابع الميلادي، ثم دخلوا تحت حماية الخلفاء العباسيين وبدأت مراحل تأييدهم، إلا أن القرامطة تطاولوا على الخلفاء بعد أن شعروا بالقوة والنفوذ.

2. السعي المستمر للقضاء على الدولة العباسية، حيث استمرت المناوشات بين القرامطة والنظام العباسي، وكان هدفهم تدمير حكم بني العباس الذي اعتبروه رمزًا للظلم والطغيان.

3. تمكن القرامطة من نشر دعوتهم على نطاق واسع، رغم جميع محاولات القمع، إلا أن ذلك لم يثنهم عن الاستمرار في دعواهم.

4. تمكن خلفاء بني العباس من القضاء على القرامطة، حيث ظلوا يلاحقونهم ويدفعون بهم نحو القتل، مُعتبرين أي شخص يرغبون في التخلص منه على أنه من أتباع القرامطة، مما أتاح لهم مبررًا لقتله، ودونوا على سبيل المثال الشاعر الحلاج حيث قُتل بتهمة القرامطة.

Scroll to Top