تعريف الشعر السياسي
يُعرف أحمد الشايب الشعر السياسي بأنه الأسلوب الأدبي الذي يتناول الشؤون الداخلية والخارجية للدولة، وعلاقاتها مع الدول الأخرى، ومكانتها ضمن الساحة الدولية. بمعنى آخر، يُعتبر الشعر السياسي أشبه بهجوم من جهة ، ودفاع من جهة أخرى، حيث يُستخدم كوسيلة للتعريف بأفكار معينة، أو لإحياء مذهب ما وتأكيد رأي معين، أو حتى لنقد السياسات الحكومية.
ظهر هذا النوع من الشعر في العصر الأموي، وسط الخلافات التي نشأت حول الدولة الأموية، حيث اعتبرت بعض الأحزاب وصولها للحكم ذا شرعية، بينما رأت أحزاب أخرى أنها أخذت الحكم من علي بن أبي طالب وآل البيت. وبالتالي، يتناول الشعر السياسي الهجوم أو المدح تجاه الحكام ويتعلق بمجموعة من الأحداث السياسية التي تطرأ في الدولة.
أنواع الشعر السياسي
تنوعت أشكال الشعر السياسي وفقًا للمواضيع المطروحة، ومن تلك الأنواع ما يأتي:
الشعر السياسي الوطني
يمثل الشعر الوطني بواحد من الأغراض الشعرية المشهورة؛ حيث يعبر الشاعر فيه عن حبه وولاءه لوطنه. يعتبر الوطن بالنسبة للشاعر بمثابة المحبوبة التي يتم الغزل في تفاصيلها؛ لذا تكون العلاقة بين الشاعر ووطنه علاقة عشق وتعلق، تبادلهما مشاعر الارتباط القوي.
في هذا السياق، يستخدم الشاعر مجموعة من الصور والاستعارات عميقة المعاني، مما يثير مشاعر القارئ ويجعله يشهد القصيدة كأنها لوحة فنية حية. وقد كرس العديد من الشعراء أقلامهم لتناول قضية عشق الوطن وما يجول في خواطرهم تجاهه.
ما تميز به الشعر الوطني هو أنه لم يكن مجرد تعبير ساذج عن الحب والفراق، بل احتوى أيضًا على معاني التضحية والفداء، حيث يبني الشاعر مع أبناء وطنه حائطًا يحمي وطنهم الذي احتضنهم منذ الطفولة. يُعتبر شعراء مثل أبو القاسم الشابي وأحمد شوقي من أبرز من كتبوا في هذا النوع، حيث أن الشعر الوطني يُعد نضالًا لا يقل عظمة عن النضال الجسدي.
الشعر السياسي التحرري
ولدت هذه النوعية من الشعر في القرن الماضي تحت وطأة الاحتلال الذي تعرضت له الدول العربية بسبب الالتوترات السياسية. عانى المجتمع من الفقر والاستغلال من قبل المستعمر، مما أدى إلى استثارة حماس طبقة من الشباب للتعبير عن مشاعرهم وتأسيس أحزاب سياسية تهدف إلى التحرر من الاستعمار.
كانت مهمة الأقلام في تلك الفترات هي إنارة العقول المظلمة بالجهل بسبب المستعمر، إذ تمثل الشعر السياسي التحرري وسيلة لإشعال الهمم واستنهاض الشعوب من رقادها.
الشعر السياسي الملحمي
تعتبر الملحمة الشعرية واحدة من أقدم أشكال الأدب العربي، وقد ظهرت في بيئات بسيطة وغير متعلمة كثيرًا، حيث كانت المفاهيم القبلية تتحكم في المصائر. كان يتم تفسير الظواهر الطبيعية من خلال مجموعة من الخارقات، مثل اعتقادهم أن خسوف القمر هو بسبب غضب كائن خرافي.
تعتبر أعمال الشاعر القديم هوميروس من بين أهم الأعمال الملحمية التي ظهرت، وأبرزها الإلياذة والأوديسة. يُعتبر الشعر الملحمي في الأساس تقليدًا يونانيًا، مما يستدعي من الشاعر المهتم بهذا النوع الاقتداء بتلك الأعمال العظيمة.
السمات البارزة للشعر السياسي
لقد تمتع الشعر السياسي بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن أنواع الأدب الأخرى، ومن أبرز هذه الخصائص:
- صدق المشاعر
إذ يسعى الشاعر للدفاع عن قضية سياسية يؤمن بها إيماناً عميقاً. فالشخص الذي يناصر شرعية حكم علي بن أبي طالب يكون مؤمنًا تمام الإيمان بأحقيته في الحكم.
- الابتعاد عن الذاتية
لا تقوم دوافع الشعر السياسي على المصالح الفردية، وإنما تخدم المصلحة العامة والوطنية.
- نبذ الظلم
إن الشاعر الذي يستخدم قلمه ويخاطر بحياته من أجل الكلمة التي يؤمن بها بعيد كل البعد عن الظلم، حيث تدعو معظم الأشعار السياسية إلى الثورة على الظالمين والمحتلين.
- الإيحاءات الشرعية
تظهر العديد من القصائد بعد ظهور الإسلام استخدام ألفاظ دينية تسعى إلى إضفاء الشرعية على القضايا المطروحة.
اقتباسات من الشعر السياسي
انتشرت الأشعار السياسية عبر العصور، وفيما يلي بعض من أشهر القصائد في هذا السياق:
- قصيدة أحمد مطر:
الوطن المنفى أم الوطن؟! أم الرهين الممتهن؟ أم سجننا المسجون خارج الزمن نموت كي يحيا الوطن كيف يموت ميتوكيف يحيا من اندفن نموت كي يحيا الوطن كلا سلمت للوطن
- قصيدة مفدى زكريا:
ديغول يعلم ما نريد ويفهم
ما باله حيران لا يتكلم
فقد الصراحة أم أضاع فصاحة
أم أن تقرير المصير توهم
إن السياسة لا تزال تناقضًا
و حديثها أبدًا حديث مبهم
وقف القتال خرافة إن لم يكن
للشعب في أمر المصير تحكم
أرض الجزائر لابنها ثرواتها
ومن الخيانة أن تباع الأسهم
- قصيدة الإلياذة لهوميروس:
اقبلوا فديتي وردُّوا فتاتي
فجميع الإغريق ضجوا قبولا
آثروا حفظ حرمة الشيخ فيهم
وارتضاء الفكاك منه بديلا
غَيْر أن المقال ساء أغاممندنون أترَا فردَّه مخذولا
إن الشعر السياسي ينشأ استجابة لظروف خاصة تمر بها البلدان، مما يحتم على أبنائها التعبير عن مشاعرهم من خلال الكتابة في قضايا معينة، ولديه أقسام متنوعة تتباين حسب الغرض من كتابته، وله خصائص محددة تعكس ذلك التنوع.