حضارات أمريكا اللاتينية
ظهرت في أمريكا اللاتينية مجموعة من الحضارات التي أسهمت بشكل كبير في تشكيل الثقافة والحضارة الحديثة في هذه المنطقة. من بين هذه الحضارات القديمة تتألق حضارة المايا، الأزتيك، الإنكا، والإنديك. وعلاوة على تلك الحضارات الأصلية، كان للتأثير الأوروبي دورٌ واضحٌ في تشكيل الهوية الثقافية، ليضفي عليها طابعًا مسيحيًا أرثوذوكسيًا. هذا التأثير كان جليًا في مجالات متعددة، بما في ذلك الفنون، الموسيقى، العادات الاجتماعية، الأدب، وكذلك في عمارة المباني. في هذا المقال، نستعرض حضارة الأزتيك، واحدة من تلك الحضارات القديمة.
حضارة الأزتيك
يطلق على شعب الأزتيك اسم تنوتشكا Tenochca أو مِكسيكا Mexica. وتستمد كلمة الأزتيك من آزتلان Aztlan، وهو مصطلح تضمنته أساطير مِكسيكا. قبل تأسيس حضارة الأزتيك، كانت منطقة وادي المكسيك مركزًا لحضارة سابقة، تتمثل في مدينة تيوتيهواكان التي كانت مركزًا لسلطة قوية. بيد أنه بعد ضعف تلك المدينة، هاجر السكان الأصليون، التولتك، من الشمال إلى وسط المكسيك. وفي القرن الثالث عشر الميلادي، تعرض الوادي لهجوم من الشيشيمك، الذين تمكنوا من السيطرة على مدن التولتك، مما أدى إلى اندماج ثقافاتهم مكونة حضارة الأزتيك.
تستخدم الكتابة لدى الأزتيك نظامًا بيكتوجرافيًا يعتمد على الرموز والصور للتعبير عن مفاهيم متعددة، بالإضافة إلى استخدام الكتابة التصويرية في العمليات الحسابية. ومن ناحية الدين والعبادة، كانت شعوب الأزتيك تعبد قوى الطبيعة، إيمانًا منهم بأن الآلهة الخيّرة يجب أن تظل قوية لحماية العالم من الآلهة الشريرة. ولذا، كانوا يقدمون القرابين والتضحيات، ومن بين هذه الآلهة:
- إله الشمس: كان الأزتيك يقدمون القرابين مثل أسرى الحرب، حيث كانوا يخرجون قلب الأضحية لينبض حياةً نحو الشمس قبل إلقائه في النار.
- إله المطر: عرف إله المطر باسم تلالوك (Tlaloc) وكان مُعظمًا أيضًا من قبل الأزتيك.
- إله الريح: كانوا يعبدون إله الريح بجانب الشمس والمطر.
الملابس التقليدية لشعوب الأزتيك
امتاز الأزتيك بمهاراتهم الحرفية، حيث برعوا في غزل القطن وألياف نبات المجواي Maguey. كانت ملابس الرجال فضفاضة بينما كانت ملابس النساء تتضمن تنورات طويلة وأكمام. كما كانت تصاميم ملابسهم تتزين بأنماط هندسية مميزة، وكانوا يصنعون أغطية الرأس والأعلام من الريش.
العلوم والتجارة لدى الأزتيك
كان لحضارة الأزتيك معرفة متعمقة في مجالات الحياة المختلفة التي ساعدت في تنظيم حياتهم اليومية، ومن بين هذه المجالات:
- في مجال الزراعة: كانت شعوب الأزتيك على دراية بأنظمة الري، واستخدموا الأسمدة، ورغم عدم معرفتهم بالمحراث، فقد قاموا بالحفر لوضع البذور. واهتموا بالزراعة، حيث كانت الذرة من المحاصيل الأساسية التي كانت النساء يطحنونها باستخدام الرحى الحجرية.
- في مجال الصناعة: أبدع الأزتيك في صناعة السلال والفخار، وكانوا يستخدمون جذوع الأشجار لصنع قوارب صغيرة (قوارب الكانو) للنقل، نظراً لعدم توفر الحيوانات أو العربات.
- في مجال التجارة: لم يعتمد الأزتيك على العملات بل استخدموا الملابس القطنية، حبوب الكاكاو، والملح كوسيلة للتبادل التجاري. كما امتدت تجارتهم إلى مناطق خارج سيطرتهم، حيث كان التجار يتنقلون إلى تلك المناطق باعتبارهم جواسيسا يعملون لصالح الإمبراطورية الأزتكية.
الفنون في الأزتيك
تعكس معظم الفنون في حضارة الأزتيك معتقداتهم الدينية، حيث تصور الاحتفالات والطقوس. استخدموا ألوانًا زاهية في لوحاتهم التي كانت تُرسم على ورق لحاء الشجر أو على الأسطح. وكان الأزتيك معروفين بالنحت، سواء الغائر أو البارز. يُذكر أن حجر التقويم، الذي يبلغ قطره 3.7 متر ووزنه 22 طنًا، يعتبر من أبرز الأعمال الفنية لديهم، حيث تظهر في وسطه صورة للشمس محاطة بدوائر تش symbolize السماوات والأيام. وقد قام الأزتيك بنحت تماثيل صغيرة للحيوانات أو الأشخاص باستخدام الياقوت والكوارتز، بالإضافة إلى حجر الإبيسديان (الزجاج الصخري).
التقويم لدى الأزتيك
اعتمد الأزتيك على تقويمين خاصين لمتابعة الأيام وحساب الزمن خلال السنة، وهذان التقويان هما:
- التقويم الأول هو تقويم شيوبوالي أو التقويم الشمسي، الذي يتكون من 365 يومًا مقسمًا إلى ثمانية عشر شهرًا، حيث يحتوي كل شهر على عشرين يومًا، بالإضافة إلى فترة من خمسة أيام فارغة تُسمى نيمونتيمي وتعتبر مشؤومة.
- أما التقويم الثاني، فهو تقويم تونالبوالي أو تقويم العد، الذي يتكون من 260 يومًا، ويتضمن عشرين رمزًا وثلاثة عشر رقمًا. الجدير بالذكر أن تقويم العد يتماشى مع التقويم الشمسي كل 52 عامًا.
اكتشاف برج الجماجم
في مدينة مكسيكو سيتي، اكتشف الباحثون برجًا من الجماجم البشرية دفن تحت الأرض، وتحديدًا في مدينة تينوتشتيتلان (العاصمة الأزتيكية). يحتوي هذا البرج على جماجم أطفال ونساء، بالإضافة إلى جماجم مقاتلين أسرى، ويعتقد أن عدد هذه الجماجم يتجاوز 650 جمجمة. وقد اكتشف الباحثون أن قطر البرج حوالي ستة أمتار، ويُعتقد أنه جزء من تقليد تزومبانتلي، الذي يتضمن عرض الجماجم على الأرفف للبث الرعب في قلب الغزاة الإسبان.
مخطوطة توفار وحضارة الأزتيك
تُنسب مخطوطة توفار إلى المكسيكي خوان دي توفار، وتتميز بجودة لوحاتها الفنية. تتناول هذه المخطوطة طقوس الأزتيك وشعائرهم، وتحتوي على إحدى وخمسين لوحة مائية. وتنقسم المخطوطة إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: يتناول تاريخ أسفار الأزتيك في الفترة التي سبقت الغزو الإسباني.
- القسم الثاني: يعرض تاريخ شعب الأزتيك من خلال رسومات توضيحية تظهر شعائرهم وطقوسهم الدينية.
- القسم الثالث: يحتوي على تقويم توفار.