تعريف فريضة الحج في الإسلام

ما هو الحج؟

الحج في اللغة يعني: التوجه إلى شيء عظيم. بينما في الاصطلاح الشرعي، يتم تعريفه بأنه: التوجه إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك معينة. يُعتبر الحج زيارة لمكان محدد في وقت محدد، بنية القيام بأداء مناسك معينة بعد الإحرام. الأماكن المعنية تشمل: الكعبة وعرفة، والفترة المحددة هي: أشهر الحج، وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة.

حكم الحج

الحج هو فريضة من فرائض الإسلام وأحد أركانه الأساسية. وقد ثبتت مشروعيته في القرآن الكريم والسنة وأيضًا بالإجماع. ومن النصوص الدالة على وجوبه من القرآن: قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، وكذلك قوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).

من السنة النبوية، قَوْل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ على خَمْس: شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)، ويجب أداء الحج مرة واحدة في العمر.

ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فقال: أَيُّهَا النَّاسُ، قدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فَأْتُوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدَعُوه).

وأجمع المسلمون على وجوب الحج على المسلم البالغ العاقل الحر مرة واحدة في العمر حال وجود الاستطاعة.

فضل الحج

توجد العديد من الأدلة الشرعية التي تُبرز فضائل الحج وكذلك الثواب المرتبط بأداء مناسكه، ومن هذه الفضائل:

  • الحج من أعظم الأعمال والعبادات وأحبها إلى الله، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: أي العمل أفضل؟ فقال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور).
  • الحصول على الأجر العظيم المرتبط بأداء الحج، فهو من أكبر أسباب كسب الحسنات ومغفرة الذنوب، ووسيلة لدخول الجنة، كما ورد في صحيح البخاري: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، وقال أيضًا: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد).

الحكمة من مشروعية الحج

استنبط العلماء من الآيات والأحاديث التي تناولت الحج ومناسكه الحكمة من مشروعيته، ومن هذه الحكم: أن الحج يمثل مناسبة لتعزيز توحيد الله -تعالى-، كما قال -سبحانه-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا).

كما يعتبر الحج Gelegenheit عظيمة لتربية النفس وتحفيزها على تجنب المعاصي، وفي هذا السياق قال الله -عز وجل-: (الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله)، وعلاوة على ذلك، تُعزز مناسك الحج معاني الوحدة بين المجتمع، حيث تختفي الفوارق بينهم، وتتحقق معاني الألفة والتعاون.

أنواع الإحرام في الحج

يُعرف الإحرام بأنه: نية الدخول في مناسك الحج أو العمرة، ويتحقق من الميقات المحدد شرعًا. ويستطيع المسلم الذي ينوي الحج أن يُعقد النيّة بثلاث صور مختلفة: إفراد الحج، القران بين الحج والعمرة، أو أن يؤدي العمرة أولاً ثم الحج. وفيما يلي شرح لكل واحدة منها:

  • الصورة الأولى: الإفراد بالحج، حيث يُعقد النية على الحج فقط.

يقول الحاج: “لبيك اللهم بحج”.

  • الصورة الثانية: القِران بين الحج والعمرة، حيث يُعقد النيّة لأداء كلا العملين، بقوله: “لبيك اللهم حجة وعمرة”.

تكون هذه الإحرام بإدخال فريضة الحج على العمرة قبل الطواف، حيث يكفي في ذلك الطواف والسعي مرة واحدة وفقًا لرأي جمهور العلماء.

  • الصورة الثالثة: التمتُع، حيث يبدأ الحاج بأداء مناسك العمرة ثم يُحرم مرةً ثانية للحج.

وعلى الحاج أن يُؤدي مناسك العمرة خلال أشهر الحج، وبعد التحلل من العمرة، يجب عليه أن يبقى في مكة حتى وقت الحج.

أحكام الحج

شروط الحج

الشرط في اللغة يعني: العلامة، وفي الاصطلاح الشرعي، هو الصفة التي يتوقف عليها الحكم. ولا يتحقق الحكم الشرعي إلا بوجود هذا الشرط. ومن الشروط التي يُشترط بها الحج:

  • الإسلام، فلا يجب الحج إلا على المسلم، ويدل على ذلك قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ، فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عامِهِم هَـذَا). كما أن السنة النبوية تؤكد ذلك.
  • العقل، فلا يجب الحج على المجنون لعدم قدرته على التكليف، كما ورد في الحديث النبوي: (رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثٍ…).
  • البلوغ والحرية، فلا يُلزم الصبي بالحج إلا بعد البلوغ، ويجب عليه أداء الفريضة بعد ذلك.
  • الاستطاعة والقدرة، وتُفسر الاستطاعة الواردة في قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)…

يشترط توفر الزاد ووسيلة النقل، ويجدر بالذكر أن الحاج قد يكون عاجزًا عن أداء الحج إما بصورة مؤقتة أو دائمة.

  • وجود الزوج أو المحرم للمرأة، حيث لا يجب الحج ولا يجوز لها بدون محرم.

أركان الحج

تشير أركان الحج إلى الأجزاء الأساسية التي يشترط وجودها للحج، حيث لا يُقبل الحج بدون وجودها. تشمل أركان الحج الأربعة: الإحرام، الوقوف بعرفة، السعي، وطواف الزيارة بحسب مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة. بينما يحدد الحنفية أركان الحج في الوقوف بعرفة والطواف فقط.

  • الإحرام بالحج، وهو الركن الأساسي، ويعتبر شرط صحة عند الحنفية.
  • الوقوف بعرفة، وهو من الأركان الهامة، وعدم القيام به يستدعي إعادة الحج في السنوات القادمة.

فمن القرآن، قوله -تعالى-: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)، ومن السنة: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (الحج عرفة…)

  • طواف الزيارة أو طواف الإفاضة، وهو الطواف الذي يؤديه الحاج بعد النحر.
  • السعي بين الصفا والمروة، وهو ركن واجب عند الشافعية والمالكية.

واجبات الحج

تتضمن واجبات الحج عدة أمور، منها:

  • الإحرام من الميقات والامتناع عن محظوراته.
  • المبيت بمنى وأداء الصلاة.
  • رمي الجمار.
  • الحلق أو التقصير.
  • طواف الوداع.

سُنن الحج

تشمل السنن الأعمال التي يُثاب الحاج على أدائها، ومنها:

  • طواف القدوم، وهو سنة للمسافرين إلى مكة.
  • خطبة الإمام، حيث يلتزم الحاج بخطب معينة خلال الحج.
  • المبيت بمنى، وما يُؤدى من صلوات هناك.

آداب الحج

تتعلق بها عدة آداب، مثل:

  • المبادرة إلى تفريغ الذمة وسداد الديون.
  • الاستخارة في الأمور المتعلقة بالحج.
  • كتابة الوصية والتزود بالمال اللازم.
  • اصطحاب الرفقة الصالحة.

مبطلات الحج

توجد بعض الأسباب التي تُبطل الحج، ومنها:

  • عدم أداء ركن من أركان الحج.
  • الجماع قبل رمي جمرة العقبة.
Scroll to Top