فهم مفهوم حلقة موسكو اللغوية

تأسيس حلقة موسكو اللغوية

تأسست حلقة موسكو اللغوية في عام 1915 في مدينة “موسكو” الروسية، على يد مجموعة من الطلاب والباحثين من جامعة موسكو. كان الهدف الرئيسي من إنشاء هذه الحلقة هو القيام بدراسات وأبحاث تتعلق بالشعر والأدب والفنون. وقد جذبت حلقة موسكو اللغوية عددًا كبيرًا من المهتمين والممارسين في مجالات الأدب، مما جعلها المرجع الأساسي لبروز ما يُعرف لاحقًا بمنهج الشكلانية أو الشكلية الروسية.

أهداف ومبادئ حلقة موسكو اللغوية

عند نشأة حلقة موسكو اللغوية، كانت مناهج النقد الأدبي تركز على تحليل النصوص الأدبية كاستجابة للعوامل الخارجية التي تؤثر في الكاتب. كان يُنظر إلى النصوص الأدبية كوثائق تعكس الظروف الاجتماعية أو السياسية أو النفسية التي تحيط بالكاتب. ولهذا السبب، رفض رواد حلقة موسكو الهيمنة المسيطرة لهذه المناهج السياقية، وأبرزوا أهمية النصوص الأدبية كعنصر أساسي في العملية الإبداعية.

ركز أعضاء الحلقة على الأعمال الأدبية باعتبارها كائنات مستقلة تمامًا عن العناصر الخارجية، وطالبوا بإعادة النظر في تلك الأعمال كأنظمة مغلقة تعكس جمالياتها وسماتها الفنية. ومن هنا نشأ مفهوم “الأدبية”، الذي يشير إلى أن موضوع الدراسة الأدبية ليس الأدب ذاته، بل القيم الأدبية. كما طرحوا سؤالًا محوريًا: ما الذي يجعل عملًا ما يُعتبر عملًا أدبيًا؟

يُشير مفهوم الأدبية إلى تحويل تركيز النقد الأدبي من سؤال “لماذا قال ما قال؟” إلى سؤال “كيف قال ما قال؟” وهذا يعني الاهتمام بما يميز النص الأدبي عن سائر الأعمال الأدبية الأخرى، مما يُعرف بالوظيفة الجمالية أو الشعرية. هذا يتضمن دراسة الخصائص الفريدة لكل جنس أدبي على حدة، فكل نوع أدبي له وظيفته الخاصة؛ على سبيل المثال، تمتاز القصة بوظيفتها القصصية، في حين تتمتع القصيدة بوظيفتها الشعرية، والمسرحية بوظيفتها التمثيلية، وهكذا مع بقية الأجناس الأدبية.

رئيس حلقة موسكو اللغوية وأهم أفكاره

رومان ياكبسون

يُعتبر ياكبسون أحد أبرز منظري النظرية الشكلانية في الأدب والنقد، وهو أحد المؤسسين الرئيسيين لحلقة موسكو اللغوية، بالإضافة إلى حلقة براغ اللغوية بعد مغادرته بلده الأصلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية. في عام 1941، بعد الغزو النازي، قام ياكبسون بتطوير مفهوم “القيمة المهيمنة”، الذي عرفه كعنصر مركزي للعمل الفني يحدد ويؤثر على بقية العناصر. وقد تتطور الأشكال الأدبية نتيجة لهذا التحول المهيمن.

كان يؤمن بأن النظرية الأدبية في أي حقبة معينة تتأثر بالقيمة المهيمنة، حيث إن هذه القيمة تضفي خصائص نوعية على الأثر الأدبي. على سبيل المثال، الخصيصة النوعية في اللغة الشعرية تتعلق بوزنها الشعري، بينما كانت الفنون البصرية تسود في عصر النهضة، وكانت الموسيقى تتصدر في العصر الرومانسي، في حين كانت النصوص الأدبية الأكثر هيمنة خلال فترة الجمالية الواقعية.

Scroll to Top