تفسير الآية التي تذكر ضياع الصلاة من قبل الأجيال اللاحقة

تفسير الآية (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)

قال الله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا). تشير الآية إلى أنّه قد جاء بعد الأنبياء أقوام آخرون، وقد وصفهم الله بقول: (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)، ما يعني أنهم تركوا أوامر الله تعالى، ومن أبرزها الصلاة، وانجرفوا وراء ملذات الدنيا دون مراعاة لأحكام الدين.

وكانت نتيجة أفعالهم، كما ورد في الآية الكريمة: (فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا)، أي أنهم سيواجهون الخسران في يوم القيامة. وقد اختلف العلماء في معنى إضاعة الصلاة، فبعضهم اعتبر أن المقصود هو تركها بالكامل، بينما رأى آخرون أن التأخير عنها يعتبر إضاعة. وقال قتادة إن “الخَلف” تشير إلى اليهود، بينما ذكر إسماعيل السُّدِّيّ أنّ المقصود بالخلف هم اليهود والنصارى.

تعريف الصلاة وحكمها

تُعرف الصلاة في اللغة بأنها الدعاء، وفي الاصطلاح تُعرَّف بأنها “أقوال وأعمال محددة، تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم”. تُعتبر الصلاة عمود الدين وأحد أركان الإسلام، وهي واجبة على كل مسلم بالغ وعاقل. ومن يُهمل الصلاة يعد من الكبائر؛ فمن تركها تكاسلاً فهو فاسق، ومن أنكر وجوبها جاحداً بها فهو كافر. وقد ثبت وجوب الصلاة في القرآن الكريم، والسنّة النبوية، وإجماع الأمة الإسلامية.

مشروعية الصلاة

قد ذُكرت مشروعية الصلاة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وفيما يلي بعض الآيات والأحاديث المتعلقة بذلك:

  • قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
  • قال الله تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
  • قال الله تعالى: (إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).
  • قال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ).
  • ورد عن ابن عمر -رضيَ الله عنهما- عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إله إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البيتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ).
  • قول النبي -صلّى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضيَ الله عنه- حين بعثه إلى اليمن: (إنَّكَ سَتَأْتي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ).
  • أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة.

حكمة تشريع الصلاة

فرض الله -تعالى- الصلاة على المسلمين لعدة حكم قد تكون ظاهرة أو غير ظاهرة لنا. ومن بعض هذه الحكم ما يلي:

  • تعبير عن العبودية لله -تعالى-، فهي صلة وثيقة بين العبد وربه.
  • تكفير الذنوب ورفع الدرجات، كما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (مثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ، غَمْرٍ على بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ).
  • وسيلة لتحقيق رضا الله -تعالى- والسعادة في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).
  • إيجاد الطمأنينة في القلوب والسكينة، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا*إِلَّا الْمُصَلِّينَ).
Scroll to Top