تعريف الإحرام وأهميته في الحج والعمرة

ما هو الإحرام؟

الإحرام هو مصطلح يُشير إلى نية الدخول في مناسك الحج أو العمرة. لغويًا، يُعتبر اسمًا مُشتقًا من الجذر الثلاثي (حَرُمَ)، الذي يعني المنع أو الحظر. تختلف تعريفات الفقهاء للإحرام في الاصطلاح الشرعي، والآراء هي كما يلي:

  • الحنفية: تعريف الإحرام هو بداية الالتزام بحُرمات معينة تتطلب النية والذكر والابتعاد عن بعض المحظورات.
  • المالكية: يرون أن الإحرام يمثل حالة حكمية تمنع المُعتمر أو الحاج من ارتكاب المحظورات المعروفة مثل الطيب والجماع ولبس المخيط للرجال.
  • الشافعية: يعرّفون الإحرام بأنه نية الدخول في الحج أو العمرة أو نية قصارىً لمناسبتهما، ويُطلق عليه هذا الاسم لكونه يمنع المُحرِم من الأفعال المحرمة.
  • الحنابلة: يشددون على أن الإحرام هو نية المُسلم دخول المناسك دون تحديد كونه للحج أو العمرة.

مواقيت الإحرام

المواقيت تعني الأوقات أو الأماكن المحددة لبدء فعل معين. في سياق الحج والعمرة، يوجد نوعان من المواقيت: الزمانية والمكانية.

المواقيت الزمانية

حدد النبي -صلى الله عليه وسلم- مواقيت زمنية لأداء الحج تبدأ من أول شهر شوال وحتى يوم النحر، ويعتقد بعض العلماء أنها تمتد حتى نهاية شهر ذي الحجة، حيث يُسمح للحجاج بتأخير طواف الإفاضة حتى نهاية الشهر.

أما العمرة، فلا يوجد وقت محدد لأدائها، حيث يمكن للناس أداؤها في أي يوم من السنة، لكن هناك أوقات ممنوعة مثل أداء العمرة أثناء الإحرام بالحج، كما أجمع العلماء.

المواقيت المكانية

حدد الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكل منطقة ميقاتًا خاصًا بها لا يجوز تجاوزه إلا بعد الإحرام، وهذا يعتبر واجبًا في مناسك الحج والعمرة. يُعتبر أهل مكة أو المقيمون فيها مُستثنين، حيث يُمكنهم الإحرام من منطقة تُسمى “الحِل”. أما من يسكن خارج تلك المواقيت، فعليه الإحرام من موقعه.

تشمل المواقيت المكانية: ذو الحليفة لأهل المدينة، الجُحفة لأهل الشام، قرن المنازل لأهل نجد، ويلملم لأهل اليمن. أما من لم يكن من هذه المناطق، فعليه الإحرام من المواقيت المحددة.

يُروى عن عبد الله بن عمر قوله: (وقّت النبي -صلى الله عليه وسلم- قَرْنًا لأهل نجد، والجُحْفَةَ لأهل الشام، وذو الحليفة لأهل المدينة… إلخ). من يتجاوز المواقيت دون الإحرام، يجب عليه فدية تتمثل في ذبح شاة وتوزيعها على فقراء مكة.

للاطلاع على مزيد من التفاصيل حول الإحرام من المواقيت، يمكن مراجعة المقالات التالية:

حكم الإحرام

الإحرام يعد من الفرائض الأساسية لمناسك الحج والعمرة، والدليل على ذلك يشمل ما يلي:

  • قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنما الأعمال بالنيات)، إذ لا يصح العمل بدون نية، والإحرام يتطلب هذه النية.
  • اجماع العلماء على أن الإحرام يجب في العمرة والحج كما ذكر ابن حزم.

كما توجد آراء مختلفة بين الفقهاء حول مسألتي الإحرام قبل الميقات ومجاوزته دون إحرام، وتفصيلها كالتالي:

  • الإحرام قبل الميقات

اتفق العلماء على أن الإحرام يكون صحيحًا إذا تم قبل الميقات، لكن آراءهم مختلفة حول حكم ذلك، حيث ينقسمون إلى رأيين:

  • الرأي الأول: يرى معظم العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أن الإحرام قبل الميقات مُكروه، ويفضل أن يكون من الميقات.
  • الرأي الثاني: يرى الحنفية أن الأفضل هو أن يكون الإحرام قبل الميقات مع ضرورة أن يضمن المُحرم عدم الوقوع في المحظورات.
  • تجاوز الميقات دون إحرام

يُفضل عدم تجاوز الميقات دون إحرام لأولئك الراغبين في العمرة أو الحج. وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى إجماع العلماء على استحباب ذلك، بينما تختلف آراء العلماء حول حكم من تجاوز الميقات إلى آخر، وفيما يلي توضيحاتهم:

  • الرأي الأول: الشافعية والحنابلة يقولون بوجوب الإحرام لمن مر بالميقات، حتى لو كان سيمر بميقات آخر، وذلك استنادًا إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • الرأي الثاني: الحنفية قالوا بجواز تجاوز الميقات إلى ميقات آخر حتى وإن لم يكن خاصًا بأهل البلد.
  • الرأي الثالث: المالكية يرون جواز تجاوز الميقات طالما كان المُعتمر أو الحاج ينوي الإحرام من ميقاته.

شروط الإحرام

حدد الفقهاء سلسلة من الشروط لصحة الإحرام، وهي كما يلي:

  • الإيمان.
  • النية، فتجب في القلب، كأن ينوي المسلم أداء الحج أو العمرة عن نفسه أو عن شخص آخر، حيث يُستحب أن يتلفظ بها كقول: “لبيك اللهم حجاً عن فلان”، أو “لبيك اللهم عمرةً عن فلان بن فلان”، وذلك لتأكيد ما في القلب. ولا يُشترط تحديد النية عند قيام المُحرم بأداء الفرض، بشرط أن يكون قد أدى الحج من قبل.
  • التلبية، وهي أي قول يدل على تعظيم الله؛ الحنفية يعتبرونها شرطًا للإحرام، في حين لم يشترطها غالبية العلماء.

مستحبات الإحرام

حدد العلماء بعض الأمور المستحب فعلها قبل الإحرام، ومنها:

  • الاغتسال

يُسَنّ لكل من الرجال والنساء، حتى لو كانت المرأة حائضاً أو نفساء؛ حيث ثبت عن زيد بن ثابت أنه قال: (رأيت النبي يغتسل لإهلاله).

  • التطهر والتطييب

يتضمن ذلك حلق الشارب، ونتف الشعر تحت الإبط، وتقليم الأظافر، ومعطر البدن وليس اللباس؛ حيث قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كنت أطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند إحرامه بأطيب ما أجد).

  • تجرّد الرجل من الثياب المخيطة

يجب عليه ارتداء إزار ورداء نظيفين يستران العورة، ويُفضل أن يكون بلونهما الأبيض، حيث قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم).

لمعرفة المزيد حول كيفية لبس الإحرام، يمكن الاطلاع على المقالة: طريقة لبس الإحرام.

محظورات الإحرام

يجب على المُعتمر أو الحاج مراعاة عدد من المحظورات بعد الإحرام، وهذه المحظورات تختلف بين الرجال والنساء، وتفصيلها كالتالي:

  • محظورات الإحرام الخاصة بالرجال

يجب على الرجال تجنب عدة محظورات، منها:

  • تغطية الرأس أو جزء منه إلا للضرورة، بينما الاستظلال بشيء مسموح بشرط عدم لمس الرأس. من يتعمد ذلك عليه إخراج ثلاثة آصع من الطعام للمسلمين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة.
  • ارتداء الملابس المخيطة؛ إذ يجب على المُحرِم ارتداء إزار ورداء غير مخيطين.

أما المرأة المُحرِمة فلا يحق لها ارتداء النقاب أو القفازات، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- عن لباس المرأة: (لا تتنقب المُحرِمة ولا تلبس القفازين)، لكن بإمكانها ترك ما يستر وجهها دون لمسه.

  • محظوراتٌ يشترك فيها الرجال والنساء

هناك عدة محظورات مشتركة يجب عليهما تجنبها، منها:

  • يُحرم قطع أي شيء من الشعر سواءًا كان رأسًا أو غير ذلك، كما أنه لا يمكن تقليم الأظافر، وعليهم إخراج ثلاثة آصع من الطعام كفدية أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة إذا فعلوا ذلك متعمدين.
  • لا يجوز عقد النكاح سواء لنفسه أو للآخرين، وإذا تم ذلك فلا يعتبر صحيحًا.
  • يُمنع قتل الطيور البرية، إلا أن صيد البحر مسموح له، ومن يفعل ذلك عمدا عليه ذبح الشبيه من الأنعام أو التصرف بقيمة ذلك على فقراء الحرم أو الصوم.
  • يُحرم الجماع ومقدماته، ومن يفعل ذلك عليه ذبح شاة وتوزيعها على مساكين الحرم. وإذا جامع الحاج زوجته قبل التحلل الأول، فإن حجه يصبح باطلاً.

للمزيد من المعلومات حول محظورات الإحرام، يمكن الرجوع إلى المقالة: ما هي محظورات الإحرام.

التحلل من الإحرام

التحلل يعني السماح بما كان محظورًا خلال الإحرام. يتفاوت التحلل بين العمرة والحج؛ فالتحلل من العمرة يتم بعد الانتهاء منها، بينما يتم التحلل من الحج على مرحلتين. الأولى بعد رمي جمرة العقبة أو الحلق أو التقصير، حيث يُسمح بالمحظورات باستثناء الجماع، أما التحلل الثاني فيكون بعد رمي الجمرة الثانية وطواف الإفاضة.

Scroll to Top