تفسير آية (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)
تظهر هذه الآية في سورة المعارج، حيث يقول الله -تعالى-: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). ووفقاً لما أشار إليه الإمام الطبري، فإن الملائكة، برفقة الروح وهو جبريل -عليه السلام-، يصعدون إلى الله -تعالى-، حيث يتطلب هذا الصعود المقدر زمنه بخمسين ألف سنة مقارنةً مع زمن الآخرين من الخلق، نظراً للمسافة التي يقطعونها من أعماق الأرض السابعة إلى أعالي السماوات.
وقد قيل إن هذا الصعود يحدث في اليوم الذي يفرغ فيه الله -تعالى- من الحساب بين الخلق، وهو يوم القيامة، الذي يقدر زمانه بخمسين ألف سنة، ويكون هذا اليوم بادياً بشكل أثقل للكافرين بينما يشعر المؤمن بخفته.
كما جاء في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: ({يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4])، وعندما سئل عن طول هذا اليوم، أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والَّذي نفسي بيده إنَّه لَيُخفَّفُ على المُؤمِن حتَّى يكون أخفَّ عليه من صلاة مكتوبة يُصلِّيها في الدُّنيا). وذكرت الروايات أن رجلًا استفسر ابن عباس -رضي الله عنه- عن طبيعة هذا اليوم، فأجابه بأنه من الأيام التي ذُكرت في القرآن والتي يعلمها الله -تعالى- بشكل أكمل.
وفيما يتعلق بهذا الموضوع، أفاد ابن كثير بأربعة تفاسير، وهي كما يلي:
- المقصود بخمسين ألف سنة هو المسافة بين العرش وعمق الأرض السابعة.
- المقصود بها هو الفترة الزمنية التي تفصل بين الحياة الدنيوية ويوم القيامة.
- المقصود بها هو اليوم الذي يميز بين هذه الحياة والحياة الأخرى.
- المقصود بها هو يوم القيامة نفسه.
آيات مشابهة
ترد الآية الأولى في سورة السجدة حيث يقول الله -تعالى-: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). كما تأتي ثانية في سورة المعارج والتي ذكرناها سابقاً.
تشير الآية الأولى إلى الحياة الدنيا، بينما تسلط الثانية الضوء على الآخرة، حيث يتناول الله -تعالى- بعدها عذاب الكافرين وعواقبهم، مما يجعلها مرتبطة بما بعدها أكثر من ارتباطها بما قبلها.
سبب نزول سورة المعارج
وفقًا لما نقله ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد، فإن سورة المعارج نزلت في النضر بن الحارث عندما قال: “اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم”، وقد قُتل يوم بدر.
وقيل إن السورة نُزّلت بسبب الحارث بن النعمان الفهري عندما دعا: “اللهم إن كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم”، فعقبه الله -تعالى- بحجر أصابه على رأسه. هناك أيضًا تفسيرات أخرى تشير إلى أن هذه السورة نُزلت في أبي جهل أو جماعة من قريش.