الهجرة في الإسلام: مفهومها وأبعادها
الهجرة المكانية
الهجرة تعني انتقال المسلم من موقع إلى آخر، حيث يترك بلدان الكفر التي تمنعه من ممارسة دينه بحرية حيث يخشى على عائلته وعرضه. في هذه العملية، ينتقل إلى بلدٍ آخر يتمكن فيه من الحفاظ على مال عائلته وأدائه لشعائر دينه دون أية مضايقات. يُعتبر هذا النوع من الهجرة مثالًا واضحًا لما قام به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه عند هجرتهم من مكة إلى المدينة.
الهجرة الحُحالية
تشير الهجرة الحُحالية إلى ما أكد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: “والمهاجر هو من هجر ما نهى الله عنه”. تُعّد هذه الهجرة من أسمى معاني الهجرة الحقيقية؛ إذ يتوجب على المسلم الابتعاد عن المحرمات والمنكرات في الأقوال والأفعال، والتوجه إلى طاعة الله والامتثال لأوامره. يشمل هذا النوع من الهجرة ضمناً الهجرة المكانية، حيث ينبغي على المسلم أن يغادر البيئات التي لا تعينه على عبادة الله، والذهاب إلى أماكن تعزز إيمانه.
الحكم الشرعي للهجرة المكانية في الإسلام
يجوز الانتقال من بلد مسلم إلى بلاد الكفار في الإسلام لمن يضمن الحماية لدينه، ولديه القدرة على ممارسة شعائر دينه، ولكن يُفضل البقاء في بلاد المسلمين.
خصائص المهاجر لله ولرسوله
استعرض العلماء بعض الخصائص التي ينبغي أن يتصف بها من يسعى للهجرة طلبًا لرضا الله ورسوله. ومن هذه الصفات:
- يكون لديه إرادة قوية في طاعة الله، ملتزمًا بتجنب نواهيه.
- يستطيع التغلب على شهواته، تاركًا حب غير الله، ويعمل على تجديد خوفه ورجائه لله وحده.
- يتمسك بالله تعالى دون سواه.
- يسعى جاهدًا لحب الله، ويحرص على قراءة القرآن والتمسك بأخلاقه وتعاليمه.
- يعيش حياة التقوى، ملتزمًا بتحفظ جوارحه عن المحرمات ويدعو إلى الطاعات والخير.
أشكال الهجرة في حياة المسلمين
لا تقتصر الهجرة في حياة المسلم على الانتقال من بلاد الكفر إلى مساحات آمنة، بل تشمل أنواعًا متعددة من الهجرة المشروعة. من هذه الأنواع: الهجرة لطلب العلم، أو السعي وراء الرزق، أو التجوال للاستمتاع والترفيه، أو زيارة الأماكن المقدسة والتاريخية. كما يمكن أن تكون الهجرة للحج في سبيل الله، أو الهجرة في سبيل الجهاد، وهو أعلى وأكرم أنواع الهجرة عند الله تعالى.