تفسير الآية التي تتحدث عن تسهيل الطريق للإنسان

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) وفقاً للطبري

يتحدث الله -تعالى- في هذه الآية الكريمة عن تيسير الطريق للإنسان، مشيراً إلى أنه قد مهد له السبيل المستقيم وأرشده إليه. وقد أشار الطبري إلى تعدد آرائهم في تفسير السبيل الذي يسره الله للإنسان، كما يلي:

  • رأى بعضهم أن المعنى هو طريق هبوط الإنسان من بطن أمه، أو مغادرته لرحمها، وهو المكان الذي تم تكوينه فيه.
  • وذهب آخرون إلى أن المقصود هو طريق الحق والخير الذي يرتبط بالفضائل، بجانب طريق الباطل والشر الذي يرتبط بالمذمة والقبيح.

وقد وضح الله -تعالى- للإنسان كلا الطريقتين، كما أشار في كتابه الكريم بقوله: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا). ثم هدى الله -تعالى- الإنسان إلى ما يسره له وهو الإسلام، حيث يُعتبر السبيل هنا هو سبيل الإسلام، الذي يتسم بالحق والاستجابة لأمر الله -تعالى-، وطاعته من خلال الامتثال لأوامره وترك نواهيه.

وأشار الطبري إلى أن التفسير الذي يراه الأكثر صحة هو قول الذين يرون أن التيسير يقصد به هبوط الإنسان من بطن أمه. ويعزي الطبري هذا الرأي إلى أنه يتماشى مع سياق الآيات السابقة واللاحقة، التي تتناول صفات الله في خلقه وإتقانه لمواهبهم وظروفهم، وفق ما تقتضيه حكمته.

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) في كتاب الوسيط

بعد أن خلق الله -تعالى- الإنسان في أحسن صورة، مُنحه العقل الذي يُمكنه من التمييز والمعرفة. هذا العقل يساعد الإنسان على التفريق بين الحق الذي تفضله النفوس والباطل الذي لا تقبله. وقد بين الله -تعالى- للناس طريق الهدى والرشاد، وطريق الضلال والهلاك. وقد أشار الطنطاوي إلى قول بعض المفسرين بأن المقصود بالسبيل هو مغادرة الإنسان بطن أمه والخروج إلى الحياة.

كما ذهب آخرون إلى أن معنى “هديناه” هو إرشادنا للإنسان وتسهيل قيامه بالسبيل. وتدل الآية على ترتيب زمني، حيث استخدم العطف بكلمة (ثم) للدلالة على ذلك، فمعرفة طريق الحق والباطل تُظهر عظمة الله -تعالى- وإتقان صنعه أكثر من أي شيء آخر.

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) وفقاً لابن عاشور

يمكن أن تشير كلمة “السبيل” في قوله -تعالى-: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) إلى عدة معانٍ، منها:

  • قد تدل على ما يفعله الإنسان من أعمال وسلوكيات.

وفي هذا السياق، يمكن تشبيه الأفعال بطريق يسير فيه الإنسان.

  • كما قد تشير أيضاً إلى مكان هبوط المولود من بطن أمه.

وأشار ابن عاشور إلى أن هذا التفسير يتلاءم مع السياق الذي يلي الآية الكريمة، حيث أشار الله إلى أنه قد أمات الإنسان كما خلقه، وأقبره وأدخله الأرض كعوض عن تيسير سبيل خروجه من بطن أمه، ويعني بالتيسير: تسهيل الأمور، فقد سهل الله -تعالى- هذا الطريق للإنسان.

نبذة عن السورة التي وردت فيها الآية الكريمة

جاء قوله -تعالى-: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) في سورة عبس، وهي مكية بالإجماع، وتأتي في المرتبة الرابعة والعشرين من حيث النزول، حيث نزلت بعد سورة النجم وقبل سورة القدر. تُعد هذه السورة من وسط المفصل، وهو مجموعة السور القصيرة، وبالنسبة لسبب نزولها فهي متعلقة بقوله -تعالى-: (عَبَسَ وَتَوَلَّى).

Scroll to Top