مفهوم القرآن الكريم وأهميته في الدين الإسلامي

مفهوم القرآن من الناحية اللغوية

يستمد لفظ القرآن جذوره من الفعل “قرأ”، والذي يعني الجمع والضم. لذا يُقال: “قرأت الشيء”، أي جمعت بين أجزائه. كذلك كانت العرب تستخدم تعبير: “ما قرأت هذه الناقة سلى قط”، في إشارة إلى عدم وجود جنين في رحم الناقة. وقد أشار الإمام أبو عبيدة -رحمه الله- إلى أن كلمة القرآن تُستخدم لوصف كتاب الله -تعالى-، لأنها تجمع بين السور وتضم بعضها إلى بعض.

وقد أوضح الله -تعالى- هذا في كتابه حيث قال: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)، مما يدل على ضمّ الآيات بعضه إلى بعض. كما قال -سبحانه وتعالى- في موضع آخر: (فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ)، أي عندما تُرتل الآيات بالتتابع لتتآلف مع بعضها، مكتسبةً بذلك معنى الضم والتأليف.

تعريف القرآن اصطلاحًا

القرآن الكريم هو كلام الله -تعالى- المُنزَّل على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو معجزة في ألفاظه، يُتعبّد بتلاوته، ويبدأ بسورة الفاتحة وينتهي بسورة الناس، ويُكتب في المصاحف ويُنقل إلينا بالتواتر.

يمكن تلخيص التعريف بالشكل التالي:

  • يُشار إليه ككلام الله -تعالى-؛ ليكون تمييزًا له عن كلام المخلوقين.
  • إشارته إلى كونه مُنزَلاً؛ مما يستثني الكلام الخاص بعلم الله أو ما أُوحِي إلى الملائكة دون الإنس.
  • إقرار بأنه مُنزَل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليفرقه عن الكتب السماوية الأخرى كالتوراة التي أُنزِلَت على النبي موسى -عليه السلام-.
  • اعتباره معجزة؛ لأنه يعد عملًا خارقًا للعادة يؤكّد صدق رسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
  • يتم نقله إلينا بالتواتر، عبر جبريل -عليه السلام-، ثم النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلى الصحابة -رضوان الله عليهم-، حتى جمع في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، ثم أُثبت في مصحف واحد على عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
  • التواتر هنا يعني أنه نُقل عن مجموعة كبيرة لا يُحصى عددهم، مما يستحيل معه اجتماعهم على الكذب.

أسباب تسمية القرآن بهذا الاسم

سُمّي الكتاب باسم القرآن لأنه يحتوي في طياته على القصص والأخبار، والوعود والوعيد، والأوامر والنواهي، بينما يجمع الآيات والسور معًا. وقد أشار الإمام الباقلاني -رحمه الله- إلى أن القرآن يأتي في صيغة المصدر كما في قوله -تعالى-: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)، وأيضًا في صيغة الاسم كما في قوله: (وَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ…).

بيّن الإمام الشافعي -رحمه الله- أن كلمة القرآن ليست مشتقة، بل هي اسم علم مُطلق على كتاب الله -تعالى-، مثل التوراة والإنجيل، في حين ذكر الإمام القرطبي -رحمه الله- أن القرآن والتوراة والإنجيل كلها تعتبر ألفاظًا مشتقة.

أول اسم أُطلق على كتاب الله

كان “القرآن” هو الاسم الأول الذي أُطلق على كتاب الله -تعالى-، وهو الأكثر شهرة؛ فكان مرادفًا لمعنى القراءة. ثم تطور هذا المعنى ليصبح اسمًا علميًّا خالصًا للكتاب المُنزَل على خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-. ويُمكن أن يُفهم لفظ “اقرأ” بمعاني مثل التدبر والفهم أو التعلم، بينما “قرأ” تعني تحمل هذا الكتاب المُنزَل، كما جاء في قوله -تعالى-: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا).

ويستند لفظ القرآن أيضًا إلى فعل غير مهموز، مثل “قرن”، والذي يُشير إلى الربط، بينما يُمكن اعتبار القرى دلالة على الكرم وحسن الضيافة، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوص تلاوة القرآن في بيوت الله.

خصائص القرآن الكريم وأهميته

القرآن الكريم يتمتع بعدد من الخصائص التي تعزّز مكانته كأهم الكتب السماوية، وأهم تلك الخصائص هي:

  • يُحفظ في الصدور: تمتاز الأمة الإسلامية بحفظ القرآن بفضل الله -تعالى-، مما يحتم على المسلمين الالتزام بحفظه وتلاوته.
  • يتضمن الحق المطلق: يتسم القرآن الكريم بكونه مصدر الحق الذي لا يتعارض مع الواقع أو مع علم المستقبل.
  • شفاعته لأهله: يُعتبر القرآن شفيعًا لأصحابه يوم القيامة، كما ورد في الحديث النبوي.
  • يُيسر الله -تعالى- حفظه وتلاوته: وصفه الله بأنه ميسّر للذكر، مما يُشجّع المؤمنين على الاهتمام به.

مكانة القرآن الكريم

تلاوة القرآن الكريم تعتبر من أفضل الأعمال التي يُمكن للمسلم الانشغال بها في حياته، فهو أفضل الكلام وأجمله وأكثره صدقًا. إنه الكتاب الذي نزل بالوحي الأمين، وهو معصوم من الخطأ. فضّله الله -تعالى- على سائر الكتب السماوية، وجعله خاتمه.

تجلّى فضل القرآن الكريم بوضوح بين المسلمين؛ فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي رفع من قدره، وأعزّ مكانته، وجعله حكماً بين الناس. آيات القرآن دقيقة وشاملة، وهي دعوة للتفكر والتأمل، وتوظف لتوجيه الأمة نحو الحق.

ملخص المقال: القرآن الكريم هو كلام الله -تعالى- المُنزَل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويتمتع بخصائص تعزز مكانته كخاتم الكتب السماوية، وهو محفوظ في الصدور، ومُفصّل للحقائق.

Scroll to Top