المسرح
المسرح هو في اللغة المكان المخصص لعرض المسرحيات، وجمعه مسارح. وفي الإطار الفني، يمثل المسرح نوعاً من الفنون التي تقوم بتحويل النص الأدبي المخصص للمسرحية إلى مشاهد تمثيلية يقوم بتأديتها الممثلون على خشبة المسرح أمام جمهور. على الرغم من استخدام مصطلحي “المسرح” و”المسرحية” بشكل متبادل في بعض الأحيان، إلا أن هناك فرقاً بينهما؛ إذ تشير المسرحية إلى النص الأدبي المكتوب، بينما المسرح هو مجموعة من العناصر الفنية التي تتضمن الإخراج، التمثيل، الأزياء، الإضاءة، فن الديكور، الموسيقى، والغناء، والرقص في بعض الأحيان. لذا وُصف المسرح بأنه “أب الفنون”، لأنه يتضمن تلك العناصر الفنية جميعها.
ببساطة، يمكن تعريف المسرح كظاهرة فنية تتلخص في تفاعل واعٍ ومقصود بين الممثل والمشاهد، يحدث في زمان ومكان محددين. يهدف هذا التفاعل إلى تجسيد نص أدبي للممثل أمام الجمهور، مستخدماً لغته أو حركاته أو كليهما معاً، لتحقيق متعة فكرية وجمالية. ومن المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من بساطة مفهوم المسرح، إلا أنه لا يوجد تعريف متفق عليه واحد له، وهو ما يتضح في تنوع تعريفاته في المعاجم والموسوعات المختلفة.
يمثل المسرح وسيلة للتعبير عن مشاعر الإنسان وأفكاره عن طريق فنون الكلام والحركة، مُستعيناً ببعض المؤثرات الأخرى. كما يُعتبر المسرح وسيلة ترفيهيّة بقدر كونه أداة تعبيرية؛ فعلى سبيل المثال، يحدد معجم مصطلحات الأدب المسرح على أنه الإنتاج المسرحي لمؤلف أو مؤلفين معينين في حقبة معينة، ويشمل البناء الذي يجمع بين خشبة المسرح، الممثلين، قاعة الجمهور، وغيرها من المرافق الإدارية لمساعدة الممثلين. ويمكن أن يقتصر المسرح على القاعة التي تضم الممثلين والمشاهدين فقط. وقد ورد تعريف للمسرح في “دائرة المعارف البريطانية” يُشير إلى أنه فن يتمحور حول العروض الحية التي تُخطط بدقة لخلق تجربة درامية مكثفة.
تاريخ المسرح
نشأة المسرح
يعتبر المسرح فناً قديماً، حيث عرف منذ العصور القديمة عند المصريين واليونانيين. ارتبط المسرح في بدايته بالشعائر الدينية، لكنه سرعان ما أصبح فناً قائماً بذاته يهدف إلى إمتاع المشاهدين وتحقيق أهداف فكرية وثقافية. ولذلك يعتبر المسرح مدرسة الشعوب. ويتفق العديد من الباحثين على أن بدايات المسرح كانت في الحضارة الإغريقية، لما حققه هذا الفن من ازدهار عند اليونانيين القدماء، حيث تعود جذور المسرح هناك إلى القرن الخامس قبل الميلاد. غير أن هذا الازدهار لا ينفي وجود فنون مسرحية في حضارات سابقة للإغريق، مما يدل على أن الانسان عبر الثقافات المختلفة كان لديه القدرة على الترفيه عن نفسه.
يُعتبر المسرح بمختلف أشكاله وألوانه نوعاً من التعبير الفني الذي تطور عبر الزمن، ومن الصعب تحديد مكان وزمان نشأته الحقيقيين. فقد ظهرت التراجيديات في أثينا في القرن السادس قبل الميلاد وبلغت ذروتها في القرن الخامس، وكانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاحتفالات الدينية والأعياد.
لم يتعرف العرب المسلمون على المسرح في عصر الحضارة العربية الإسلامية في بداياتها، ولم يدركوا أهمية الأبنية المسرحية الرومانية المنتشرة من شمال سوريا إلى المغرب. وعندما قاموا بترجمة فن الشعر لأرسطو، وضعوا مفهومي الرثاء والهجاء مقابل مفهومي المأساة والملهاة اليونانية، نظراً لعدم معرفتهم بالنص المسرحي أو العروض المسرحية. كما لم ينقل الصليبيون المسرح إلى المسلمين بسبب التحريم الذي فرض على هذا الفن. ومع انتهاء العصور الوسطى، عاد المسرح الأوروبي للظهور مجدداً، مستنداً إلى الطقوس الدينية المسيحية، وكانت أول النصوص المسرحية تتعلق بالحروب الصليبية وشخصية صلاح الدين الأيوبي.
نشأة المسرح عند العرب
ظهر المسرح بمعناه الحديث عند العرب في القرن التاسع عشر نتيجة الاحتكاك بالثقافة الغربية، حيث ظهرت فرق مسرحية في بلاد الشام ثم انتقلت إلى مصر، مما أسهم في ظهور فرق تمثيلية جديدة. ومع بداية القرن العشرين، أُنشئت العديد من المسارح الحكومية، وكانت معظم المسرحيات المقدمة مقتبسة أو مترجمة، أو مستوحاة من القصص الشعبية العربية. وقد ساهم نجاح المسرح في توجيه الكتّاب نحو كتابة المسرحيات، وبدأت حركة المسرح في العالم العربي تتزايد وتكتسب الاعتراف في معظم المؤسسات الثقافية الرسمية، حيث أُسست معاهد متخصصة للتمثيل، وبرزت مواهب عدد من الممثلين والمخرجين العرب لتطوير الفن المسرحي. كما بدأت ظاهرة المسرح المخصص للأطفال تظهر في مختلف الدول العربية.
ومع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، تراجعت الحركة المسرحية العربية بشكل كبير نتيجة الأحداث السياسية والأزمات التي اجتاحت البلدان، مما أدى إلى تراجع دور المسرح في ظل ظهور المسرحيات التجارية والمسلسلات التلفزيونية التي تنافست مع الفن المسرحي بشكل غير عادل.
نبذة عن المسرح العالمي
تطور الفن المسرحي عبر العصور في مختلف دول العالم، حيث عكس فن الدراما العادات والتقاليد المحلية، والمعتقدات الشعبية، والأساطير، بالإضافة إلى الظروف الحياتية. في اليابان، على سبيل المثال، يوجد ثلاثة أنواع من الدراما التقليدية، وهي:
- نوه: المسرحيات الكاملة التي تمثل أقدم أنواع الدراما، وتعتمد على الأدب الياباني القديم.
- كابوكي: المسرحيات الشعبية التي تميزت بشعبيتها.
- جوجوري: مسرحيات الدمى، حيث تحتوي كابوكي وجوجوري على عناصر موسيقية ورقصات رياضية.
في الهند، اكتسب التراث المسرحي الجنوبي المعروف باسم كاثاكالي شهرة كبيرة، حيث كان يُؤدى في طقوس المعابد، مع ارتداء الممثلين لأزياء فاخرة تمثل قصصاً مستمدة من الأساطير الهندية، مع التركيز على الحركات التعبيرية والمبالغ فيها. أما في الصين، فقد كانت الدراما تُعبر بواسطة عروض تجمع بين الرقص والغناء والموسيقى المبهجة، والتهريج، بالإضافة إلى الألعاب البهلوانية.
فيديو مسرحية أم معركة؟
عروض ترفيهية أم مشاهد للموت؟ شاهد الفيديو لتكتشف ما كان يحدث في مسرح الكولوسيوم: