مفهوم طبقة الأوزون وأهميتها

مفهوم طبقة الأوزون

الأوزون (بالإنجليزية: Ozone) هو نوع من الغازات الطبيعية الموجودة في الغلاف الجوي للأرض، وله دور أساسي في حماية الحياة على كوكبنا. تقوم طبقة الأوزون بتوفير الحماية للأرض من الإشعاعات فوق البنفسجية الضارة التي تتعرض لها؛ حيث تتواجد الأوزون في طبقتين من الغلاف الجوي، إذ تحتوي طبقة التروبوسفير (بالإنجليزية: Troposphere) على قمة الغلاف الجوي الأقرب إلى سطح الأرض.

بينما تشغل طبقة الأوزون المتبقية، والتي تتجاوز 90%، مواقعها في طبقة الستراتوسفير (بالإنجليزية: Stratosphere) التي ترتفع حوالي 10 إلى 16 كيلومترًا فوق سطح الأرض وتمتد لما يقارب 50 كيلومترًا. يتكون الأوزون من ثلاث ذرات من الأكسجين، وصيغته الكيميائية هي (O3). يتميز هذا الغاز برائحة قوية ونفاذة حتى عند وجود كميات قليلة منه.

تم اكتشاف الأوزون في الغلاف الجوي عبر تقنيات قياس كيميائية وضوئية بعد أن تمكن العلماء من تصنيعه في المختبرات خلال الخمسينيات من القرن الثامن عشر. وقد أظهرت الأبحاث أن كميات الأوزون تتغير في الغلاف الجوي بناءً على عوامل متعددة، مثل تعاقب الفصول الأربعة، وتغيرات الرياح، بالإضافة إلى النشاطات الشمسية طويلة المدى.

تاريخ اكتشاف طبقة الأوزون

تم اكتشاف طبقة الأوزون في الغلاف الجوي على يد الفيزيائي الفرنسي تشارلز فابري بالتعاون مع الفيزيائي هنري بويسون عام 1913. تم ذلك من خلال دراسة قدرة الأوزون على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، باستخدام تقنيات التحليل الطيفي وأجهزة قياس الأطوال الموجية للضوء.

تشكّل طبقة الأوزون

يعتبر الأوزون عنصرًا أساسيًا لوجود الحياة المتنوعة على سطح الأرض. فقبل تكوّن طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، كانت الحياة محصورة في المحيطات. يُعتقد أن الطبقة الأوزونية بدأت بالتشكل منذ حوالي 600 مليون عام، حيث يعود أصلها إلى أكثر من ملياري عام، وذلك عندما ساهمت الطحالب الخضراء المزرقة (Blue-green algae) في إنتاج غاز الأكسجين الجزيئي (O2) وبعض المركبات العضوية عبر عملية البناء الضوئي.

بفضل عمليات البناء الضوئي، بدأ الأكسجين الجزيئي (O2) بالتراكم في الغلاف الجوي، حيث تفككت بعض جزيئات الأكسجين في الطبقات العليا لتشكل ذرات منفصلة من غاز الأكسجين (O).

أهمية طبقة الأوزون

تتجسد أهمية طبقة الأوزون في حمايتها للأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة الناتجة عن الشمس، حيث تعمل كدرع واقٍ لسطح الأرض. نستعرض أهمية طبقة الأوزون بمزيد من التفصيل:

  • تحمي طبقة الأوزون الإنسان من أشعة الشمس الضارة التي قد تسبب السرطانات وتحمي العيون من الأمراض مثل إعتام عدسة العين.
  • تساعد طبقة الأوزون في الحفاظ على حياة النبات، حيث لا تستطيع النباتات النمو في ظل الأشعة فوق البنفسجية.
  • تحمي طبقة الأوزون الحيوانات من الأضرار التي قد تلحق بحمضها النووي (DNA).
  • تساهم طبقة الأوزون في دعم حياة العوالق، التي تُعد غذاءً للعديد من الكائنات البحرية، مما يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي.

طرق قياس نسبة الأوزون

هناك عدة طرق يمكن من خلالها قياس نسبة الأوزون في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى أجهزة مثل الطائرات والصواريخ والبالونات لقياس تركيز الأوزون. من بين الآليات المستخدمة:

مقياس طيف دوبسون

مقياس طيف دوبسون هو جهاز كبير يصل طوله إلى 2 متر تقريبًا ويزن حوالي 40 كيلوغرامًا. يعتمد هذا الجهاز على دراسة أطياف الأشعة فوق البنفسجية الشمسية. ولتجنب الأخطاء الناتجة عن الشوائب، يقوم الجهاز بتحليل زوج من الأطوال الموجية لتقليل نسبة الأخطاء في القياس.

جهاز مطياف بريور

جهاز مطياف بريور هو أداة دقيقة لقياس الأوزون في الغلاف الجوي، ويمتاز بدقته مقارنة بمقياس دوبسون، حيث يمكنه قياس نسبة غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO2) الذي قد يتداخل مع غاز الأوزون، مما يتيح له الفصل بين الأطوال الموجية وفق الأشعة فوق البنفسجية.

المُرشحات الضوئية

يمكن قياس الأوزون باستخدام بعض أدوات المُرشحات الضوئية لقياس الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية. توفر هذه الطريقة إمكانية معرفة كمية الأوزون وكذلك بعض الخصائص المتعلقة بالأشعة فوق البنفسجية، وتعتبر هذه الطريقة أكثر اقتصادًا وأسهل من الأجهزة السابقة.

الأقمار الصناعية

تستخدم الأقمار الصناعية أجهزة استشعار لقياس نسبة التركيز الأوزوني في الغلاف الجوي، وذلك من خلال قياس كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تنعكس إلى الفضاء بعد تفاعلها مع الغلاف الجوي للأرض، مما يسمح بتحديد كمية الأوزون المتاحة.

ثقب الأوزون

ثقب الأوزون (بالإنجليزية: Ozone hole) هو تراجع كبير في درجة الأوزون فوق منطقة القطب الجنوبي. وقد نتج هذا الاستنزاف من الممارسات البشرية، حيث أطلق العديد من المواد الكيميائية الضارة التي تحتوي على ذرات الكلور والبروم، مما أدى إلى تفاعلات في الجو أدت إلى تدمير الأوزون.

أضرار ثقب الأوزون

تتمثل الأضرار الناتجة عن ثقب الأوزون في زيادة تعرض سطح الأرض للأشعة فوق البنفسجية، مما يؤثر سلباً على الكائنات الحية والنظم البيئية، بالإضافة إلى الأضرار المادية مثل التآكل في المواد البلاستيكية. ومن بين هذه الأضرار:

  • تسبب مشاكل صحية مثل سرطانات الجلد، حروق الشمس، أمراض نقص المناعة، وإعتام عدسة العين.
  • تؤثر على صحة الحيوانات بتدمير الحمض النووي في خلاياها، مما يؤثر على سلامتها، ويمكن أن يسبب مشاكل للكائنات وحيدة الخلية مثل البكتيريا.
  • تؤدي إلى فقدان بعض النباتات ونموها، مما يؤثر على التنوع البيولوجي.

بروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون

بدأت آثار استنزاف طبقة الأوزون تظهر في مناطق أخرى من كوكب الأرض، مثل القطب الشمالي. وفي هذا السياق، عمل المجتمع الدولي على معالجة قضية استنزاف طبقة الأوزون عبر توقيع أكثر من 70 دولة في عام 1986 على ما يعرف ببروتوكول مونتريال (بالإنجليزية: Montreal Protocol).

بموجب هذا البروتوكول، التزمت الدول الموقعة بتقليص إنتاج المواد التي تشكل تهديدًا لطبقة الأوزون، مثل مركبات الكلوروفلوروكربون، بنسب تدريجية بدأت بنسبة 20% في عام 1993، وازداد هذا الخفض ليصل إلى 50% في عام 1998. وقد أسهم هذا الاتفاق العالمي في تقليل تركيز المواد الضارة في طبقة الأوزون.

يتوقع أن تكون حالة طبقة الأوزون في مناطق خطوط العرض الوسطى جيدة بحلول عام 2050، بينما قد تعود طبقة الأوزون في المناطق القطبية إلى حالتها الطبيعية بحلول عام 2065. وعلى الرغم من أن حل مشكلة الأوزون قد يستغرق عقودًا، فإن بروتوكول مونتريال يعد خطوة هامة وحاسمة في معالجة هذه القضية البيئية العالمية.

الخلاصة

يُعتبر الأوزون أحد أهم الغازات الطبيعية في الغلاف الجوي، حيث يحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة. ومع ذلك، فإن الأنشطة البشرية أدت إلى ظهور ثقب الأوزون، الأكثر وضوحًا في القطب الشمالي، مما يسبب انخفاضًا في نسبة الأوزون في الغلاف الجوي وآثار سلبية متعددة.

Scroll to Top