تحليل قصيدة “بلادي هواها في لساني وفي دمي”
كما قال الرافعي:
بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ
ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها
يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ
فآواهُ في أكنافِهِ يترنم
وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها
فداء وإن أمسى إليهنَّ ينتمي
على أنها للناس كالشمس لم تزلْ
تضيءُ لهم طراً وكم فيهمُ عمي
ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها
تجبه فنون الحادثات بأظلم
ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره
أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم
وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها
فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم
وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها
وهل يترقى الناسُ إلا بسلم
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ
على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم
ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ
إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم
تحليل القصيدة من الناحية الموضوعية
تبدأ القصيدة بكلمة “بلادي”، التي تعتبر مبتدأ، وتعبّر عن ارتباط الشاعر القوي بوطنه. تتواجد في النص مجموعة من الأفعال المضارعة مثل “يمجدها، يجحد، يتيم، يترنم”، التي توحي بأن المعاني التي يعبر عنها الشاعر تتعلق بحاضره بشكل وثيق.
الجملة الأساسية التي يستند إليها الشاعر في قصيدته هي: “بلادي هواها في لساني وفي دمي”. ومن خلال الأجزاء اللاحقة من القصيدة، يعبر عن تعلقه بوطنه وأهمية الحب الوطني. كما استخدم الشاعر بعض الأفعال الماضية مثل “أقام، جهل جاء”، لإظهار تواصل حاضر الحياة بماضيها.
يتناول الشاعر في القصيدة محور حب الوطن، مشيراً إلى أنه لا خير في من لا يحب بلاده. عبارة “بلادي هواها في لساني ودمي” تعكس شغف الشاعر وانتمائه لوطنه، بينما تشير إضافة ياء المتكلم إلى كلمة “بلاد” إلى اعتزازه وفخره بوطنه.
تحليل القصيدة من الناحية الصرفية
تحوي القصيدة مجموعة من الأفعال المضارعة على وزن “يفعل” مثل: “يمجد، يحب، يجحد”. هذا يدل على موقف الشاعر من الأحداث الجارية، بالإضافة إلى مجموعة من الأفعال الماضية على وزن “فعل”، مثل “جاء، جهل”، التي تعكس ثبات الشاعر على مواقفه. كما استخدم الشاعر اسم التفصيل في كلمة “بأفضل” التي تدل على المقارنة بين المحسن لوطنه وغير ذلك.
تحليل القصيدة من الناحية الفنية
تنوعت أساليب الشاعر بين الخبر والإنشاء، مما يساعد على جذب انتباه القارئ. بدأ قصيدته بعبارة خبرية: “بلادي هواها في لساني وفي دمي”، ثم نفى الخير عن من يجحد الوطن بقوله: “ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ”، واستخدم أسلوب الاستفهام الاستنكاري في جملة: “ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ”.
تحليل القصيدة من الناحية الإيقاعية
بُنِيَت القصيدة على البحر الطويل، الذي يعد من أبرز البحور المستخدمة في الشعر العربي، وهو يتكون من تكرار تفعيلتين: “فعولن مفاعيلن”. تم تكرار حرف اللام بشكل ملحوظ في الجمل، كقول الشاعر: “بلادي، لساني، لها، لا، تزل”، مما يدل على العوامل الداخلية التي دفعت الكاتب لطرح أفكاره. كما ذكرت كلمة “الأوطان” عدة مرات في النص، لتسليط الضوء على أهميتها بالنسبة للشاعر.
الصور الفنية في قصيدة “بلادي هواها في لساني وفي دمي”
تحتوي القصيدة على مجموعة من الأفكار والتشبيهات التي ينبغي توضيحها:
- يمجدُها قلبي: هنا يُعبر الشاعر عن أن القلب هو من يمجد، مما يشكل استعارة مكنية أزال فيها المشبه به.
- ومن يظلمِ الأوطان: يعتمد الشاعر استعارة مكنية عبر جعل الأوطان مثل شخص يتعرض للظلم.
- وقد طويتْ تلك الليالي: يشبه الشاعر الليالي برداء يُطوى، مما يُجسد استعارة مكنية.
- وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها: يعبّر عن أن الأوطان تُرفع على أكتاف الرجال، مجسدًا استعارة مكنية.
- ومن يتقلبْ في النعيم: يُصور النعيم كفراش يتقلب عليه الإنسان، في استعارة مكنية واضحة.
الأفكار الرئيسية في قصيدة “بلادي هواها في لساني وفي دمي”
تتضمن القصيدة مجموعة من الأفكار الأساسية، وهي:
- الحب العميق للشاعر تجاه وطنه والفخر بذلك الحب.
- الانتماء للأرض هو واجب كل إنسان شريف.
- استعداد الإنسان للتضحية من أجل وطنه عند الحاجة.
- من يجحد حق بلاده فلا خير فيه على الإطلاق.
- الأوطان ترتفع بفضل عزيمة الرجال الشرفاء الذين يدافعون عنها.
- من يُبخل بنعمه على الآخرين فسيكون ذلك النعيم مصدرًا لشقائه.