تعدد الزوجات في القرآن الكريم
تمت الإشارة إلى موضوع تعدد الزوجات في القرآن الكريم من خلال آيتين. الآية الأولى تعبر بوضوح عن إباحة التعدد حتى أربع زوجات، وهي قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ). وتكملتها تشير إلى ضرورة الاقتصار على زوجة واحدة إذا كان الرجل يخشى عدم القدرة على تحقيق العدل بين الزوجات، كما في قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً).
أما الآية الثانية التي تتعلق بتعدد الزوجات فهي قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً).
وتؤكد هذه الآية على أهمية العدل بين الزوجات في حالات التعدد، مشيرةً إلى أنه مع صعوبة تحقيق العدل التام في الحب والمودة، فإن العدل في الأمور القابلة للتحقيق مثل النفقة والمبيت ليس بالأمر المستحيل. كما تحذر الآية من الميل عن أداء حقوق الزوجات، وهذا يُعتبر ظلمًا محرمًا.
سبب نزول آية تعدد الزوجات
أُنزلت الآية: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) على رجل يتولى أمر يتيمة ويعجل في طلب الزواج بها بسبب جمالها ومالها، لكنه يخشى ألا يفي بحقها في المهر أو أن لا يمنحها ما تستحقه مثل غيرها من النساء.
ويعود السبب إلى ضعف اليتيمة في المطالبة بحقوقها، وغياب ولي يدافع عنها، لذلك جاءت الآية لتوجيه من يخشى ذلك للزواج من نساء أخريات، حيث يمكن له الزواج منهن مثنى وثلاث ورباع، وهو ما يشجع على أن يتلاءم مع حقوقهن واحتياجاتهن.
الحكمة في إباحة التعدد
تهدف إباحة التعدد في الشريعة الإسلامية إلى مراعاة احتياجات الناس وقدراتهم، وفيما يلي بعض الجوانب التفسيرية لذلك:
- تأخذ الشريعة بعين الاعتبار القدرة الجسمانية والمالية للرجل ومدى حاجته لأكثر من زوجة لتلبية احتياجاته، وضمان العفة إذا لم تكفِ زوجة واحدة لمتطلباته.
- تعالج مشكلة عدم التوازن في أعداد الذكور مقابل الإناث التي تنشأ عن الحروب والصراعات، والتي تؤدي إلى نقص في نسبة الرجال، مما يسبب قلة فرص الزواج للنساء.
- تقديم حل بديل عن الطلاق في حال مرض الزوجة أو عدم قدرتها على الإنجاب، عن طريق الزواج من زوجة أخرى عوضًا عن طلاق الزوجة الأولى.
- تقليل حالات الطلاق والتخفيف من انتشاره، مما يساعد في الحفاظ على تماسك الأسر واستقرارها، خاصةً لمن لا عائل لها مثل الأيتام أو من فقدوا أولياءهم.