مستويات الصبر في مواجهة الابتلاءات

الصبر في الإسلام

  • إن مفهوم الصبر يُعتبر من الواجبات الهامة على الأمة الإسلامية، فقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في كتابه الكريم، حيث قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).
  • كما نجد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
  • يُعتبر الصبر من أبرز صفات المؤمن، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبدُ بعث اللهُ إليه ملَكينِ فقال: انظُروا ما يقول لعُوَّادِه؟ فإن هو إذا جاءوه حمد اللهَ وأثنى عليه).
  • وفي حديث آخر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).
  • الصبر يعتبر عاملاً مهمًا في حياة الإنسان، حيث اتصف به الأنبياء والمرسلون بسبب ما واجهوه من أذى وصعوبات، وكان صبرهم سببًا لظهور الفرج.
  • يكتسب الصبر أهمية خاصة عندما يتم استخدامه لمواجهة صعوبات الحياة، إذ أن الله يجزي الصابرين خير الجزاء.

كما أدعوكم للاطلاع على: 

درجات الصبر على الابتلاء

قسم العلماء درجات الصبر إلى ثلاث مراتب رئيسية وهي:

الصبر على الطاعة

  • يُعتبر الصبر على الطاعة من أرقى درجات الصبر، حيث يسعى المسلم للامتثال لأوامر الله بكل تصميم، بغض النظر عن الموانع.
  • يواجه الإنسان العديد من الانشغالات، ولكن من خلال الصبر يمكنه التغلب عليها وطاعة الله تعالى.
  • قال الله تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
  • يتجلى الصبر على الطاعة من خلال الإخلاص والمثابرة في عبادة الله تعالى.

تابع القراءة: 

الصبر على قضاء الله أو الابتلاء

  • يعتبر الصبر على قضاء الله أو الابتلاء من المراتب الرفيعة في الصبر، حيث لا يدرك المسلم غالبًا الحكمة من الابتلاءات.
  • ومع ذلك، يشعر المؤمن أن الله عز وجل يدبر له الخير في هذه المحن، مما يمنحه الطمأنينة، ويتوجه بعبارة: إنا لله وإنا إليه راجعون، تعبيرًا عن رضاه بقضاء الله.
  • كما لا يتمنى المسلم أن يرفع الله البلاء عنه، قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
  • يترتب على الصبر على البلاء حسن الجزاء وذكر النعم السابقة، مما يساعد في تخفيف حدة البلاء وانتظار فرج الله.

الصبر على المعاصي

  • كثير من المسلمين يتحلون بهذه الدرجة من الصبر، حيث يمتنع المسلم عن ارتكاب المعاصي، ويكون صابرًا على البلاء.
  • يستبدل المسلم الأعمال السيئة بأعمال صالحة ويسعى جاهدًا للابتعاد عن الأماكن التي تدعوه إلى المعصية.
  • عند ارتكاب المعصية، يتوجب على المسلم التقرب إلى الله والإكثار من الاستغفار، حيث إن الله مطّلع على جميع أحوال البشر.

كما يمكنكم الاطلاع على: 

أسباب التعرض للابتلاء

تتعدد الأسباب المؤدية إلى ابتلاء الإنسان، ومنها:

  • السبب الأول: ينص الله عز وجل على معاقبة المسلم الذي يرتكب المعاصي وابتلائه.
  • السبب الثاني: قد تأتي الابتلاءات من الله عز وجل رغبةً في وصول الشخص إلى أعلى درجات الرضا في الدنيا والآخرة، لتجعله في مرتبة الصالحين.

وصايا للصبر على الابتلاء

الإيمان بالقضاء والقدر

يجب على المؤمن أن يؤمن بالقضاء والقدر ليجد الطمأنينة في نفسه، حيث يُعتبر المؤمنون أقل تأثرًا بالابتلاء.

في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفت الصحف».

تذكر حال الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح

قال الله تعالى: {لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِّـمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.

كما تُشير الآيات إلى السلف الصالح: {لَقَد كَانَ لَكُم فِيهِم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِّـمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ}.

إعداد النفس

يجب على المسلم تهيئة نفسه لأي بلاء قبل وقوعه والتفكير دومًا في زوال الدنيا وسرعة الفناء، حيث لا بقاء للإنسان فيها.

استحضار سعة رحمة الله وواسع فضله

المؤمن الصادق دائمًا يحسن الظن بالله، حيث قال الله كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: «أنا عند ظن عبدي بي».

كما ورد في قوله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَّكُم وَعَسَى أَن تُحِبٌّوا شَيئًا وَهُوَ شَرُّ لَّكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ}.

تذكر حسن الجزاء

عندما سأل أبو بكر رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم مستشعرًا قلقه، قال: يا رسول الله كيف تكون الصلاح بعد هذه الآية: {لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلا أَمَانِيِّ أَهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَل سُوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}.

كف النفس عن تذكر المصائب

يجب على الشخص المصاب بمصيبة أن يتجنب التفكير فيها، وعن رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «لا تستفزوا الدموع بالتذكُّر».

الابتعاد عن العزلة والانفراد

يُفضل الابتعاد عن العزلة لأن الوساوس تقوى على النفس المنعزلة.

تذكر أن البلاء من دلائل الفضل

قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ فقال: «الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».

ترك الجزع والتشكي

يجب تجنب الشكاوى الكثيرة لأن ذلك يُزيد من البلاء، حيث قال الحسن رحمه الله: «ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه، فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوَّضه خيراً مما انتزعه».

مراتب الصبر على البلاء

أشار ابن القيم رحمه الله إلى مراتب الصبر التي هي:

  • مرتبة الصابر: تُعتبر أعم وأشمل المراتب.
  • مرتبة المتصبر: وهو الذي يتحمل الصبر وفقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ”، مما يشير إلى أن الله يعينه على ذلك.
  • مرتبة الصبار: وهو كثير الصبر.
  • مرتبة المصطبر: المملوء بالصبر.
  • مرتبة الصبور: وهو عظیم الصبر، ويكون صبره أكبر من أي شخص آخر.
  • توجد مرتبة أخرى هي أعلى وأكمل المراتب، وهي مرتبة الرضا، والتي ليست واجبة إنما هي سنة حسنة.

أنواع الصبر

ثمّة ثلاثة أنواع من الصبر وهي:

  • الصبر بالله: يعني الاستعانة بالله عز وجل، كما قال تعالى: (وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ).
  • الصبر مع الله: هو صبر العبد على أحكام الشريعة كما هو دون كلل، ويُعتبر من أشق أنواع الصبر والأصعب.
  • الصبر لله: يكون الدافع للصبر هو حب الله وتقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى.

فضل الصبر على المصائب والأمراض

  • الشخص الذي يصبر على المصيبة أو المرض يُكافأ دون حساب وذلك لقول الله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
  • كذلك يُكسب حب الله عز وجل لقوله تعالى: والله يحب الصابرين.
  • يكون في معية الله تعالى لقوله: إن الله مع الصابرين.

أسئلة شائعة حول الصبر على الابتلاء

Scroll to Top