تفسير الآية: “من يعمل خيرا حتى وإن كان بقدر ذرة سيرى أثره”

تفسير الآية

قال الله تعالى في محكم تنزيله: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). في هذه الآية، يُبرز الله سبحانه وتعالى أن كل من يعمل حسنة حتى وإن كانت بوزن ذرة سيحصل على الثواب في الآخرة، في حين أن من يقوم بعملٌ ذُرّة من الشر سيواجه العقاب. هذا يُعزز أهمية السعي للخير وطاعة الله تعالى، والابتعاد عن المعاصي. وقد أوضح علماء التفسير أن جميع الأفعال، سواء من قبل المؤمنين أو الكافرين، ستُعرض عليهم يوم القيامة. حيث يغفر الله للمؤمنين ذنوبهم، بينما يُعاقب الكافرين على ما ارتكبوه. وذكر بعض المفسرين أن الله يُعجل عقوبة الذنوب للمؤمنين في الدنيا، مما يجعلهم يقيمون بأعمالهم وليس لديهم شيئاً يُحاسبون عليه عند الوفاة، بينما يُنعم الله على الكافرين في الدنيا بحسنات سريعة تُسرّهم، وبالتالي يُؤخر عقابهم للآخرة.

سبب نزول الآية والدروس المستفادة

يذكر بعض المفسرين أن الآيتين نزلتا في سياق قصة رجلين. أحدهما كان يتردد في إعطاء السائل شيئًا حتى لو كان مجرد تمرة أو كسرة خبز، حيث اعتبرها قليلة ولا تُحسب في العطاء، بينما كان الآخر يتهاون في ارتكاب الذنوب الصغيرة، مُبرراً ذلك بأن العذاب هو للكبائر فقط. لذلك نُزلت هذه الآيات لتؤكد على أهمية الأعمال الخيرية والابتعاد عن الذنوب. فالخير، وإن كان يسيراً، قد يصبح كثيراً، والشر، حتى وإن كان ضئيلاً، قد يتفاقم. ويجب على المؤمن أن يحرص على فعل الخير مهما كان قليلاً، إذ إن الله تعالى يحفظه ويُظهره له يوم القيامة، مما يُبرز كرمه وعفوه، فمن الممكن أن يعصي المؤمن ربّه، ولكن لن يضيع الله أجر عمله الصالح مهما كان ضئيلاً.

نظرة على سورة الزلزلة

سورة الزلزلة هي سورة مدنية تتكون من ثماني آيات، تحمل في طياتها عبارات قوية تصف الزلزال الهائل الذي يهز القلوب والأرض. فلا يكاد الإنسان يفيق من رعب الزلزال حتى يُواجَه بيوم الحساب، حيث يُحاسب على أعماله في مشهد يُفزع كل قلب ويزعزع كل استقرار. تطرقت السورة إلى أحداث الآخرة وما ينتظر الناس من حساب، مع تصوير كيف تُخرج الأرض ما بداخلها من أفعال، مُشيرة إلى الأهوال ويوم العقاب. وتؤكد السورة على البعث والنشور، فأعمال البشر تظهر أمام خالقهم سبحانه وتعالى، ومن قام بعمل الخير سيرى الثواب، بينما من فعل الشر سيواجه العقاب.

Scroll to Top