تعدد الزوجات في الإسلام
أباح الله -تعالى- تعدد الزوجات وفقاً لضوابط وأحكام محددة، ولأسباب وحِكم مشروعة. وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحاديث الشريفة دوافع هذا التحليل وشروطه. في هذه المقالة، سنتناول مفهوم تعدد الزوجات، وشروطه، والحكمة وراء مشروعيته.
تعريف تعدد الزوجات ومشروعيته
يعني تعدد الزوجات مشروعية زواج الرجل من امرأتين أو ثلاث أو أربع، مما يدل على ذلك قول الله -سبحانه تعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ).
تجدر الإشارة إلى أن وجود تعدد الزوجات كان شائعاً قبل الإسلام دون أي ضوابط أو شروط، لكن الإسلام حافظ على هذه الممارسة مع تنظيمها وتحديد شروطها، مانعاً من الظلم، مراعيًا المصلحة العامة والخاصة، ولم يجعله فرضاً أو إلزامياً.
ضوابط تعدد الزوجات والأحكام المتعلقة به
أباح الله -عز وجل- للرجل الجمع بين أكثر من زوجة في وقت واحد، وفقاً لشروط وضوابط معينة، وهي:
- العدالة بين الزوجات
تعد العدالة وعدم الظلم من أهم الضوابط المتعلقة بتعدد الزوجات، حيث يجب أن يتمتع الزوج بقدرة على المساواة بين الزوجات في الأمور المالية مثل النفقة والكسوة والمبيت. ويجدر بالذكر أن مشاعر الحب لا يمكن التحكم بها بشكل كامل، فقد يميل الرجل بقلبه نحو واحدة من الزوجات أكثر من الأخرى. يقول الله -تعالى-: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ). لذا، إذا لم يكن الرجل واثقاً من قدرته على العدل، سواء من الناحية المادية أو العاطفية، فلا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة.
- الحد الأقصى لعدد الزوجات هو أربع
يُحظر على الرجل الزواج بأكثر من أربع زوجات في نفس الوقت، استناداً إلى قول الله -تعالى-: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ). تُشير القصة المتعلقة بالصحابي غيلان، الذي كان متزوجاً عشرة نساء، إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره باختيار أربعة منهن.
- عدم الجمع بين الأختين أو المرأة وعمتها أو خالتها
يُحظر على من يرغب في الزواج من أكثر من زوجة الجمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها أو خالتها، لأن ذلك قد يؤدي إلى آثار سلبية من حيث العلاقات الأسرية وزعزعة أواصر المحبة.
- القدرة على الإنفاق
يتحتم على الزوج الإنفاق على زوجاته وتلبية احتياجاتهن الضرورية. فعلى الرجل الذي لا يستطيع تأمين مستلزمات أكثر من زوجة أن يمتنع عن التعدد، وينتظر إلى أن تتوفر له القدرة المالية. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولَهُنَّ عليكم رزقُهُنَّ وَكِسوتُهُنَّ بالمعروفِ).
الحكمة من تعدد الزوجات
يشدد الإسلام على أهمية استجابة أحكامه لحياة الناس وظروفهم واحتياجاتهم، ولا يُشرّع حكماً إلا لحكمة واضحة. وقد تم تشريع تعدد الزوجات في الإسلام لما له من فوائد وأهداف متعددة، منها:
- تحقيق الذرية وزيادة عدد الأمة
يعد تكثير النسل والأمّة هدفاً شرعياً رئيسياً من الزواج. قد تكون بعض النساء غير قادرات على الإنجاب، مما يدفع الأزواج للزواج بأخرى للحصول على الذرية والبنين مع الحفاظ على الزوجة الأولى.
- تزايد نسبة النساء مقابل الذكور
تساهم الحروب بشكل كبير في خسارة عدد كبير من الرجال، مما يرفع من نسبة النساء، ويساهم تعدد الزوجات في التوازن بين الجنسين، كما يوفر للنساء اللواتي ليس لديهن معيل فرصة لتأمين وحدة أسرية تلبّي احتياجاتهن.
يساعد هذا الأمر في حماية النساء من تبعات البقاء بلا زوج، حيث يوفر لهن الرعاية والدعم الضروري، مما يمكنهن من تلبية احتياجاتهن المشروعة، كما يحافظ على حقوقهن في الإنجاب.
- الوقاية من الانحرافات الأخلاقية
يمكن أن يساهم تعدد الزوجات في حماية الرجل من الوقوع في المحرمات، خاصة عند الضرورة الملحة أو في حالات مرض الزوجة حيث تكون غير قادرة على تحقيق احتياجاته.
- دعم النساء المحتاجات
يمكن للرجال الزواج من النساء الأرامل أو المطلقات اللواتي يفتقدن للمعيل. إذا رغب الرجل في تقديم المساعدة لهن، سواء كن قريبات أو غرباء، فإن الإسلام يتيح له الزواج بهن وتلبية احتياجاتهن، ورعاية أبنائهن.