توجيه وتربية الشباب في مرحلة المراهقة

مرحلة المراهقة

تُعدُّ مرحلة المراهقة فترة حيوية من التحول والنمو بين الطفولة ومرحلة البلوغ. تُعرفها منظمة الصحة العالمية بأنها الفترة العمرية التي تبدأ من سن 10 إلى 19 عامًا. ترتبط هذه المرحلة في العديد من المجتمعات بسن البلوغ والتغيرات الجسدية التي تصل ذروتها مع النضج التناسلي. بينما في بعض الثقافات الأخرى، يتم فهم المراهقة بشكل موسع لتشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية والأخلاقية بجانب الجانب الجسدي للنمو. خلال هذه الفترة، قد يواجه المراهق (ابن أو ابنة) تحديات في الانفصال عاطفياً عن والديه، وهو أمر يُعتبر خطوة حيوية في تكوين القيم الشخصية، حيث يتطلب الانتقال نحو الاستقلال الذاتي مجموعة من التعديلات بالنسبة للعديد من المراهقين.

تربية المراهقين

تربية المراهقين تتطلب من الآباء اهتمامًا خاصًا، حيث ينبغي عليهم مراعاة العديد من العوامل خلال هذه المرحلة الحرجة. وفيما يلي، بعض النصائح المهمة لتربية المراهقين:

احترام حرية المراهق

  • منح المراهق مساحة خاصة: ينبغي على الآباء أن يطرقوا الباب قبل دخول غرفة ابنهم المراهق، وتفادي قراءة بريده الإلكتروني أو التجسس على هاتفه. فالمراهقون يحتاجون إلى الخصوصية، وإنشاء هذه الحدود الصحية يعزز الثقة بين الآباء والأبناء.
  • تقدير آراء المراهقين: يسعى المراهق عادةً لتحدي سلطة والديه، ومن المهم الاعتراف بحقه في تقديم آراء خاصة تختلف عنهم. ينبغي للآباء توضيح أن لديه الحق في التعبير عن آرائه الشخصية فيما يتعلق بقواعد المنزل.
  • تشجيع المراهق على حل النزاعات باستقلالية: من الصعب أحيانًا على الآباء، ولكن من الضروري إشراكهم في حل مشكلاتهم بمفردهم، مما يساعدهم في تطوير المهارات اللازمة للانتقال إلى مرحلة البلوغ.
  • إشراك المراهق في وضع القوانين: على الرغم من أن وضع القواعد يعود للآباء، إلا أنه ينبغي السماح للمراهق بالمشاركة في كيفية ووقت في تطبيقها، على سبيل المثال، يمكنهم اختيار اليوم الذي يريدون فيه تنظيف غرفتهم بشرط أن يتم ذلك قبل نهاية الأسبوع.

التعرف على علامات التحذير

على الرغم من أن بعض التغييرات خلال فترة المراهقة تعتبر طبيعية، فإن حدوث تغييرات جذرية في الشخصية أو السلوك قد يؤدي إلى مشكلات جدية ويستدعي تدخلًا محترفًا. لذلك، يجب الانتباه إلى علامات التحذير التالية:

  • زيادة أو نقصان ملحوظ في الوزن.
  • مشاكل في النوم.
  • تغيرات سريعة وجذرية في الشخصية.
  • تغييرات مفاجئة في الأصدقاء.
  • التغيب المتكرر عن المدرسة.
  • تراجع في الأداء الدراسي.
  • الإدلاء بتصريحات أو نكات تتعلق بالانتحار.
  • علامات تدل على التدخين أو شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
  • سلوكيات غير قانونية.

التحدث حول المواضيع الحساسة

من المهم أن يستخدم الآباء لغة واضحة وشفافة عند شرح التغييرات الجسدية والعاطفية التي قد يمر به أبناؤهم المراهقون، وأن يوضحوا لهم أن هذه التجارب طبيعية. ينبغي مناقشة السلوكيات الخطرة مثل شرب الكحول وتعاطي المخدرات وكيفية التصرف عند مواجهة ضغوط من الأقران للمشاركة في هذه السلوكيات.

تعزيز العلاقة مع المراهقين

ينصح بترسيخ علاقة قوية مع الأبناء المراهقين من خلال مشاركة وجبة الطعام يوميًا، وإظهار اهتمام الآباء بمصالحهم وأنشطتهم، مثل حضور مبارياتهم الرياضية. كما يُفضّل القيام بأنشطة مشتركة مثل جلسات التدليك أو ركوب الدراجة الهوائية.

كيفية التعامل مع المراهقين صعبي الإرضاء

يُمكن وضع استراتيجيات فعالة للتعامل مع المراهقين الذين يصعب إرضاؤهم من خلال الخطوات التالية:

  • تقوية الروابط عبر قضاء أوقات ممتعة معًا، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز التفاعل بين الوالدين والأبناء، مع التعبير المستمر عن الحب والاهتمام بحياتهم وتقليل المشكلات العائلية.
  • ضمان سلامة المراهقين من خلال إزالة المواد الضارة من المنزل، حيث ارتبط وجودها بسلوكيات خطرة في مرحلة المراهقة. ينبغي أيضًا مناقشة المواقف الخطرة معهم والتفكير في العلاج النفسي لتطوير طرق صحية للتأقلم.
  • فهم طبيعة دماغ المراهقين، إذ إن التغيرات التي تحدث في الدماغ خلال هذه المرحلة قد تؤدي إلى زيادة الميل للمخاطرة والتجريب، مثل تعاطي المخدرات أو شرب الكحول.

أخطاء شائعة في تربية المراهقين

هناك مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها الآباء أثناء تربية أبنائهم المراهقين، ومنها:

  • توقع الأسوأ: كثيرًا ما يتوقع الآباء الأسوأ من أبنائهم، مثل تعاطي المخدرات أو شرب الكحول. فإن توقع مثل هذه السلوكيات قد يؤدي بالفعل إلى حدوثها. دراسة من جامعة ويك فورست أظهرت أن المراهقين الذين أبدوا سلوكيات محفوفة بالمخاطر كانوا في الغالب مدركين لتوقعات آبائهم السلبية.
  • الاعتماد المفرط على الكتب حول تربية الأبناء: يسعى الكثير من الآباء للنصائح من خبراء غير معروفين بدلاً من الوثوق بحدسهم. قد ينتهي بهم الأمر باتباع نصائح غير متناسبة مع أسلوب حياتهم.
  • تجاهل المشكلات الكبيرة: إذا كان هناك شك في سلوكيات الطفل مثل شرب الكحول، يجب على الآباء عدم التغاضي عنها، بل التصرف بسرعة لحل المشكلة قبل أن تتفاقم.
  • التشدد أو التساهل الزائد: يفرز نوعان من الآباء. الأول يتسم بالصرامة الزائدة، بينما الثاني يتجنب أي صراع، مما قد يؤدي لفقدان التواصل. من المهم أن يكون هناك توازن بين الحرية والانضباط لضمان تواصل فعال مع الأبناء.
Scroll to Top