تعريف المنطق الصوري
تُشير كلمة “منطق” في اللغة إلى مفهوم النطق، والذي يُقسم إلى نوعين؛ الأول هو النطق الخارجي، الذي يتضمن التخاطب مع الآخرين، بينما الثاني هو النطق الداخلي، والذي يعكس التفكير الذاتي. هذا يدل على أن الفرد يكون مُدركًا عقليًا لما يقوله للآخرين، وهذه خاصية تميز الإنسان عن سائر الكائنات الحية، وفقًا لرأي العلماء والمتخصصين في علم المنطق.
أما بالنسبة لاشتقاق كلمة “منطق” في اللغات الأوروبية، فهو يعود إلى الكلمة اليونانية “Logos” التي تعني الكلام، بالإضافة إلى ما يصاحبها من عمليات عقلية تعكس التفكير، والبراهين والحجج التي تُستخدم في ذلك. ومن هنا، emerged مصطلح “Logic” الذي يُشير إلى التفكير العقلاني.
يسمى هذا النوع من التفكير بالتفكير المنطقي، والذي يعتمد على استدلال الأحكام وتقديم البراهين عنها، مع ضرورة أن تكون القضايا المنطقية متصلة ومترابطة وفقًا لقواعد وشروط معينة تؤدي إلى نتائج لازمة. ولذلك، فإن “المنطق” يُعتبر علمًا يشمل جميع العلوم، مما يجعل كلمة “Logos” ومرادفاتها موجودة في أسماء عدة علوم أخرى.
تم نقل كلمة “منطق” إلى العربية من اللغة السريانية، رغم أن العرب تفضلوا استخدام المصطلح اليوناني. وتميز العرب بين نوعين من النطق: النطق الخارجي الذي يُعبر عن الكلام، والنطق الداخلي الذي يعبر عن إدراك الأفكار المعقولة، وذلك كما عرّفه العالم عبد القاهر الجرجاني.
ماهية المنطق الصوري
المنطق الصوري هو المنطق الذي وضع أسسه الفيلسوف اليوناني أرسطو، ويُعرف بأنه العلم الذي يستنبط القوانين العامة التي تتعلق بالتفكير البشري، بغض النظر عن موضوع الأفكار، مما يساعد على تجنب الأخطاء في التفكير.
لذا، لا يقتصر المنطق على مجموعة من العلوم المتخصصة، بل يُعتبره كثير من العلماء بمثابة الإطار الذي يشمل كافة العلوم والمعارف الإنسانية. ويتكون المنطق الصوري من مجموعة من القواعد والقوانين والشروط التي ينبغي أن تنطبق على هذه العلوم لضمان أنها صحيحة وغير خاطئة.
المنطق الأرسطي
يُعتبر أرسطو هو المؤسس لمنطق الصوري، حيث تم استخدام مصطلح “التحليلات” كمرادف له للإشارة إلى نفس المفهوم. استخدم كذلك مصطلحات مثل القياس والعلم البرهاني للدلالة على المنطق، حيث يُعتبر البرهان هو القياس المُؤلف والنهائي الذي لا يدع مجالًا للشك، ويتم التعبير عنه بطريقة واضحة.
أما العلم البرهاني، فيشير إلى المعرفة الناتجة في النفس من ذلك القياس الذي يسعى إلى إثبات فكرة معينة. وقد قال أرسطو: “إن أول ما ينبغي أن نذكره هو الشيء الذي نفحصه هنا، والغرض الذي نسعى إليه، أما الشيء الذي نقوم بفحصه فهو البرهان، وغرضنا هو العلم البرهاني”.
ويستخدم المنطق الصوري الرموز للتعبير عن القضايا، وهذه الرموز خضعت لتطورات عبر الزمن. ومن أبرز خصائص المنطق الصوري أنه يأتي قبل التجربة، مما يعني أن القضايا تُعتبر صحيحة أو خاطئة بناءً على ضرورة عقلية، وهذه الميزة تضعه في مكانة متميزة مقارنة مع العلوم الطبيعية التي تعتمد على المنهج التجريبي. ومع ذلك، فإن الرياضيات تُعتبر الأقرب له، لأنها تعتمد على استنباط النتائج من المقدمات الأساسية.