تعريف الحضارة الفينيقية وأهم مميزاتها

ما هي الحضارة الفينيقية؟

تعتبر الحضارة الفينيقية من أبرز الحضارات القديمة التي نشأت في منطقة كنعان، حيث انتشرت على طول الساحل الغربي لبلاد الشام. أسس الفينيقيون العديد من المدن الكبرى على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وشهدت ثقافتهم البحرية التجارية تطوراً ملحوظاً بين عامي 1550 و300 قبل الميلاد. كما تمكنوا من تأسيس مستعمرات في مناطق مثل صقلية وشمال إفريقيا.

تُعرف مدينة قرطاج الكبرى كواحدة من أشهر المدن التي أسسها الفينيقيون، حيث برزت كأحد أعداء روما العتيدة، وتعتبر موقعها في أقصى الغرب، قرب إسبانيا، وخصوصاً في ميناء قادس، رمزاً لمكانتها الفينيقية القديمة. وقد لُقّب الفينيقيون في العصور القديمة، سواء في اليونان أو روما، بـ”تجار اللون الأرجواني”، نظرًا لتخصصهم في تجارة الصبغة الأرجوانية المستخرجة من حلزون الموريكس، التي كانت تستخدم في صنع الملابس الملكية. علاوة على ذلك، اشتهر الفينيقيون بنشر الأبجدية الفينيقية التي تُعتبر أصلًا لجميع الأبجديات الحديثة المعروفة اليوم.

مدينتا صور وصيدا

تشكل مدينتا صور وصيدا أشهر المدن التي أسسها الفينيقيون، حيث كانت المنافسة بينهما شديدة. وقد ساهمتا، إلى جانب تجار جبيل، في نشر المعتقدات الثقافية والأعراف الاجتماعية للدول التي تعاملوا معها. أطلق العديد من الباحثين على الفينيقيين لقب “الوسطاء القدماء” نظرًا لدورهم البارز في التبادل الثقافي. كانت مدينة صيدا، والمعروفة اليوم بسيدون في لبنان، الأكثر ازدهارًا في البداية، ولكن سرعان ما انتقلت الأضواء إلى مدينة صور المجاورة.

قامت صور بتشكيل تحالف مع مملكة إسرائيل في تلك الفترة، حيث أدرك الفينيقيون أن تجارتهم تعود عليهم بالربح. وقد عززوا ثروتهم من خلال تقليل نفوذ رجال الدين وتحسين توزيع الثروة بين سكان المدينة. حاول الفينيقيون في صيدا تعزيز تجارتهم لتزدهر بما يكفي لتنافس صور، وعقدوا تحالفات تجارية عبر الزواج. لكن العلاقات التجارية بين صيدا وإسرائيل تدهورت مع مرور الوقت، واستمرت صور في الازدهار رغم ذلك.

تجارة الفينيقيين

جلبت مدينة جبيل علاقات تجارية ودينية غنية مع مصر في أسرة الفراعنة الرابعة. ومع ذلك، فقد استمرت مغامرات التجارة الواسعة في القرن السادس عشر قبل الميلاد، بينما فرض المصريون سيطرتهم على جزء كبير من الأراضي الفينيقية. ولكن بحلول القرن الرابع عشر قبل الميلاد، شهدت المنطقة اضطرابات سياسية أدت لفقدان مصر سلطتها على تلك المنطقة.

في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، كانت استقلالية الدولة الفينيقية في خطر جراء التقدم الآشوري الذي أُجبر فيه الملوك الفينيقيون على دفع الجزية مرارًا. في عام 538 قبل الميلاد، خضعت فينيقيا لحكم الفرس، ثم وقع الاستيلاء عليها من قبل الإسكندر الأكبر، وتم دمجها في مقاطعة سوريا الرومانية عام 64 قبل الميلاد. ومع ذلك، احتفظت مدن مثل أرادوس وصيدا وصور بحكمها الذاتي، ويظهر أن النظام الحاكم الأقدم في تلك المدن كان يتسم بنظام الملكية، الذي كان مقيدًا بسلطة العائلات التجارية الغنية، وكان من غير المرجح أن يتم تشكيل اتحاد واسع النطاق بين هذه المدن.

Scroll to Top