رسائل حب للشاعر نزار قباني

رسالة تعبّر عن الحب

عزيزتي، لدي الكثير مما أودّ أن أعبّر عنه.

أين أبدأ يا غاليتي؟ فكل ما فيك هو أميرة الجمال.

أنتِ التي تجعلين كلماتي تحلق كشرانق الحرير.

هذه هي أغنيتي، وهذا أنا؛ يجمعنا هذا الكتاب الصغير.

غداً، عندما تقلبين صفحاته، سيشتاق إليكِ مصباح ويدندن سرير.

واخضرجت أحرف الشوق، وكادت الفواصل أن تطير.

فلا تقولي: يا لهذا الشاب الذي يتحدث عن المنحنيات والجداول.

وأيضاً اللوز والتوليب، فأنا أعيش حياتي كلما مشيتِ.

وعندما يتحدثون، لا نجمة تلمع إلا وقد شع منها عبيري.

غداً، سيشاهدني الناس في شعره، في كلمات نبيذية، وشعر قصير.

لا تعبئي بحديث الناس؛ لن تصبحين كبيرة إلا بحبي العميق.

ما هي حال الأرض إذا لم نكن نحن فيها؟

وإذا لم تكوني عيناك، فماذا ستصبح؟

القبلة الأولى

قد مر عامان على قبلة شفتينا، يا مقبلتي،

وعطرها لا يزال يعبق في شفتي.

كأنها ما زالت تحتفظ بحلاوتها،

ولا زال شذاها يغمر قلبي.

عندما كان شعركِ يتراقص في كفي كزوبعة،

وكأن ثغرك ما هو إلا نار مشتعلة.

قولي لي: هل أفرغت في ثغري جحيم الحب؟

أم أنكِ حرقتيني بدفء مشاعرك؟

عندما تقابلت شفتانا، شعرت بدفء يلامس روحي،

والآن أرى أن شفتيك تحملان ذكرياتي.

فتقال الحكايات إن القبلة في حد ذاتها معصية،

ولكنك قد جعلت من تلك المعصية متعة.

ويزعم الناس أن تلك اللحظة لعبٌ مبهج،

لكن لماذا شعرت بأنني أضعت كل شيء؟

يا لجمال قبلتك الأولى، شذاها يرفرف بي،

بين جبالي وغاباتي وودياني.

أنتِ نكهة ذلك الثغر، وعندما أذكركِ،

تغمرني حالة من الشوق.

ماذا تركت على شفتي السفلية، وهل

تركتي أثرًا في قلبي المتأجج؟

لم يبق لي منك سوى خيط من رائحتكِ،

يدعوكِ للعودة إلى وطني، سيدتي.

لقد رحلتي، لكن ذكراكِ باقية،

كنبع مضيء لم يمحُه الزمن.

تركتني أتعذب من شوقي، منفرداً،

فأنا أعيش على أمل اللقاء، فالتفتي إلي.

دخول حبك إلى حياتي

قد ألقى بي حبك في مملكة الدهشة،

فاجأني كعطر امرأة تدخل مصعدًا،

بينما كنت أجلس في المقهى مع قصيدة.

نسيت تلك القصيدة التي كنت أقرأها.

فاجأني، وأنا أستعرض خطوط يدي،

نسيت يدي فيما كنت مشغولاً.

كان حضورك كديك متوحش،

لا يرى ولا يسمع.

اختلط ريشه بريشي،

وتعانقت صرخاتنا جميعاً.

فاجأني، وأنا جالس على حقائبي،

في انتظار قطار الزمن.

نسيت القطار وغيرت مساري،

وسافرت معك إلى أرض الدهشة.

كلما طال شعرك

كلما طال شعركِ،

طال عمري أيضاً.

كلما رأيتِ شعركِ منثوراً على كتفيكِ،

كأنه لوحة مرسومة بالفحم،

أو بالحبر الصيني،

وأجنحة السنونو تحلق من حولنا.

لقد أحطتُ ذلك الشعر بكل أسماء الله.

هل تعلمين لماذا أتمسك بشعركِ؟

لأن تفاصيل قصتنا،

من أول سطر إلى آخر سطر،

منقوشة عليه.

شعركِ هو دفتر مذكراتنا،

لذا لا تتركي أحدًا يسلبك هذا الدفتر.

لا أعتبر نفسي معلماً

لا أعتبر نفسي معلماً،

لأعلمك كيف تحبين.

فالأسماك لا تحتاج إلى معلم

لتتعلم كيف تسبح،

والعصافير لا تحتاج إلى معلم

لتتعلم كيف تطير.

استخدمي قلبك وحدك،

وارفعي عينيك نحو السماء.

لا توجد دفاتر في الحب،

وأعظم العشاق في التاريخ

كانوا لا يعرفون القراءة.

Scroll to Top