مفهوم القصة
تُعَدّ القصة من الفنون الأدبية القديمة والعالمية التي ظهرت في ثقافات متعددة قبل ظهور الإسلام، خاصة في الحضارات الرومانية والفارسية. وقد احتوى القرآن الكريم على مجموعة من قصص الأمم السابقة، حيث اعتمد على أسلوب سردي يتناسب مع ميول العرب الفطرية في حب الاستماع إلى القصص والحكايات التاريخية خلال مجالس السمر. وتتميز القصص العربية قبل الإسلام بسياقها الواقعي وغياب الخيال والمبالغة في السرد، باستثناء بعض قصص الأساطير. ويظهر اهتمام العرب بالقصة من خلال حرصهم على جمع ورواية أحداثهم التاريخية وحكاياتهم المتعلقة بوقائع الحروب وأحداث المهمة التي كانت تقع في فترات زمنية معينة.
ما هي القصة؟
القصة تُعرف لغويًا بأنها حكاية مكتوبة تستند إلى الواقع أو الخيال أو مزيج منهما، وتُعتبر بناءً فنياً أدبياً يتبع أسسًا محددة. تُجمع القصص تحت مصطلح “قصص”. وفي مفهومها الحديث، تُمثل القصة تسجيلًا للأحداث التي تدور خلال فترة معينة، سواء كانت تلك الأحداث عديدة أو تتعلق بحدث واحد ملموس. وتعكس هذه الأحداث أثرًا ملموسًا في نفس الكاتب، مما يدفعه إلى الكتابة عنها. وقد تمتد الأحداث على فترة زمنية طويلة تُعرف بالرواية، أو تمتد لفترة متوسطة تُشكل القصة، أو تكون قصيرة لتصنف كقصة قصيرة.
القصة تُقدّم مجموعة من الأحداث التي يقوم الكاتب بنقلها من الحياة الواقعية وإعادة تشكيلها فنيًا وأدبيًا، حيث يتميز الكاتب بذوقه الخاص. من الجدير بالذكر أن بعض الأحداث قد تكون مختلقة ونتيجة خيال المؤلف، ولكنها لا تخلو من إشارات تمس الواقع. تقع براعة الكاتب في كيفية عرض الأحداث وتنظيمها لتقديم سرد يجذب القارئ. كما تُقدّم القصة مرحلة معينة من الحياة، تبدأ بنقطة وتصل إلى نقطة أخرى، إما لشخص واحد أو لمجموعة من الشخصيات.
رغم الاختلافات في تعريف القصة بين الكتّاب والنقاد، إلا أنهم يتفقون على أنها فن نثري يتناول مجموعة من الأحداث التي يقوم بها أشخاص في بيئة معينة، بدءًا من نقطة معينة وحتى الوصول إلى غاية معينة. ينبغي أن تصاغ أحداث القصة بأسلوب أدبي يحدد نجاحها، حيث يتفق النقاد على ضرورة وجود عناصر محددة تشمل الأحداث، الشخصيات، الزمان، المكان، والسرد. يمكن القول إن القصة تُعبر عن مجريات الحياة اليومية وتحدياتها، تلبي احتياجات الإنسان الاجتماعية والنفسية من خلال سرد الأحداث والوقائع.
تصنيفات القصة
يمكن تصنيف القصص إلى نوعين: النوع الخيالي والنوع الواقعي. إذ تتميز القصة الخيالية بأن شخصياتها من نسج خيال الكاتب وليست لها وجود حقيقي. كما يمكن أن تأخذ القصة طابعًا رومانسيًا يصف بطولات الفرسان والعلاقات الاجتماعية السامية. وهناك القصص الاجتماعية التي تعالج قضايا المجتمع والأحداث الواقعية المسجلة زمنيًا ومكانيًا، بما في ذلك السير الذاتية للملوك والحكام والقصص التاريخية والتراثية.
أهداف القصة
تشمل أهداف القصة توضيح الفوائد من خلال معالجة المشكلات المجتمعية وتقديم حلول لها. كما تسلط أحداث القصة الضوء على قضايا دقيقة قد تهم القارئ وتغنيه بطرق تفسير تلك الأمور. تعزز القصة المتعة لدى الجمهور عبر طريقة بنائها وترتيب أحداثها، بالإضافة إلى إبداع الكاتب في سرد الأحداث وتشكيل الشخصيات. ولا يخفى أن القصة العربية قد شهدت تطورًا ملحوظًا في العصر الحديث نتيجة تداخل الثقافة العربية مع الثقافة الغربية، بجانب التقدم السريع في وسائل الاتصال والإعلام، مما جعل القصة العربية غاية حديثة تُعتبر أداة تواصل فعالة، بالإضافة إلى تزايد الترجمات الغربية للقصص العربية وزيادة عدد الكتّاب العرب من مختلف المناطق.
عناصر القصة
تتكون القصة من عدة عناصر أساسية، وهي كما يلي:
- الفكرة: تمثل الهدف الذي يسعى الكاتب إلى تحقيقه، أو العبرة المُستخلصة من القصة.
- الحبكة: تتضمن مجموعة من الأحداث المرتبطة بالموضوع الرئيسي، مرتبة ومتسلسلة وفقًا لأسبابها، وتتميز بجذب اهتمام القارئ.
- الأحداث: هي الوقائع التي تُنظّم وتُذكر خلال القصة.
- السرد: يُعبر عن كيفية نقل مضمون القصة من الحياة إلى النص.
- الزمان والمكان: يُعدان من العوامل الأساسية التي تضبط إطار القصة.
- الشخصيات: يجب أن تُراعى تطوراتها ونموها أثناء سرد القصة.
- البناء: يمثل التطورات التي تُطرَأ على الشخصيات والأحداث والتغيرات في الظروف.
نصائح لكتابة القصة
توجد خطوات محددة ينبغي اتباعها عند كتابة القصة، وهي:
- القراءة المكثفة لعدد من القصص القصيرة لفهم أسلوب الكتابة والإلهام، مع تدوين الملاحظات الهامة للإفادة منها لاحقًا.
- اختيار موضوع القصة بما يتناسب مع إمكانية الكاتب وقدرته على الإبداع فيه، مع ضرورة أن تكون أحداثها نابعة من خيال الكاتب.
- وضع هدف واضح للقصة يحدد تسلسل الأحداث، وكتابة مقدمة مناسبة تهيئ للمتلقي ما سيجده، يليه تطورها في الحوار والأحداث.
- إلمام الكاتب بقواعد اللغة العربية وأسسها النحوية.
- الابتعاد عن الترويج للسلوكيات السلبية بالمجتمع، مع أهمية التوضيح حول الخاطئ منها عند الضرورة.