كيفية تعامل الرسول محمد مع أتباع الديانات الأخرى

أهل الكتاب

يُعتبر أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، وفقًا لما ورد في القرآن الكريم، فئة متميزة أطلق عليها الله سبحانه وتعالى اسم “الكتابيين”؛ إذ نزلت عليهم كتبٌ مقدسة تدعوهم إلى عبادة الله وحده. فقد أُنزِلت التوراة على النبي موسى -عليه السلام-، والإنجيل على النبي عيسى -عليه السلام-.

كما أوضحت الشريعة الإسلامية أن هناك أحكامًا خاصة بأهل الكتاب تختلف عن تلك المترتبة على المشركين. ومثال ذلك: إباحة الزواج من نسائهم المحصنات العفيفات والطاهرات، إضافةً إلى جواز تناول ذبائحهم.

وثيقة المدينة

تعامل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مع أهل الكتاب بأسلوب إيجابي، فلم يترك فرصة لدعوتهم إلى دين التوحيد، ولم يتبنى معتقداتهم، بل حمى حقوقهم. حين هاجر إلى المدينة المنورة، نظم العلاقة بين المسلمين واليهود الموجودين هناك، ووضّح الحقوق والالتزامات لكل طرف. ومن أبرز بنود الوثيقة ما يلي:

  • الحق في الحياة

فقد كان النبي وصحبه لا يقتلون يهوديًا دون سبب مُبرر، بل العقاب كان من نصيب من خان وغدر.

  • الحق في اختيار الدين

لم يسعَ النبي إلى إكراه اليهود على اعتناق الإسلام.

  • الحق في التملك

أقر النبي لليهود حق تملك ما يرغبون دون المصادرة.

  • حق الحماية والدفاع

تكفل الرسول بحماية اليهود وجعلهم مثل المسلمين في الدفاع عن المدينة ضد الأعداء الخارجيين.

  • حق العدل في المعاملة ورفع الظلم

تعامل النبي -صلى الله عليه وسلّم- مع اليهود على أساس المساواة، ولم يساوم على حقوقهم حتى لو تعرضوا للظلم من بعض المسلمين، بل كان يرعى حقوقهم ويقف إلى جانبهم.

  • عدم إنشاء أي نشاط عسكري خارج المدينة دون إذن النبي.
  • الاعتراف بسلطة واحدة يعودون إليها، وهي سلطة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

تعامل النبي مع اليهود

تظهر رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع الناس جميعًا، سواء كانوا مسلمين أو ذميين، كفار أو مشركين، كبارًا أو صغارًا. ومن ملامح حسن معاملته لليهود:

  • زار مريضهم

ثبت عن أنس بن مالك أن غلامًا يهوديًا كان يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصيب بمرض، فزار النبي، وجلس عند رأسه، داعيًا إياه للإسلام. نظر الغلام إلى أبوه الذي أشار إليه بأن يطيع أبا القاسم، فأسلم. وعندما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، حمد الله الذي أنقذه من عذاب النار.

كما ورد في صحيح البخاري: “(كانَ غُلْمانٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ -صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَمَرِضَ، فأتاهُ النبيُّ -صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَعُودُهُ…)”.

  • كان يقبل الهدايا منهم ولا يردها

ورد عن عبد الرحمن بن عوف أن امرأة يهودية قدّمت شاة مسمومة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يردها حتى أُخبر بأنها مسمومة.

إذ قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقبَلُ الهديَّةَ، ولا يأكلُ الصَّدقةَ…” وهناك تفاصيل أخرى عن الحادثة.

  • كان يعفو ويصفح عنهم

رأينا ذلك عندما عفا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن اليهود الذين قالوا: “السام عليك”، في محاولة منه لتأليف قلوبهم ودعوتهم للإسلام.

  • كان يتعامل معهم في الأمور المالية

فكان يشتري منهم ويتعامل معهم، حتى أنه توفي ودرعه مرهونة عند يهودي.

  • كان متواضعًا معهم

كذلك، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- متواضعًا مع جميع الناس على حد سواء، حيث كان يسعى لإصلاح العلاقة حتى مع أعداء الإسلام.

تعامل النبي مع النصارى

تمتع النصارى بحق ممارسة شعائرهم الدينية، ولم يكن هناك إكراه على اعتناق الإسلام. وتم التوصل إلى معاهدات معهم، منها تلك التي أبرمت مع نصارى نجران، حيث كانوا يتمتعون بالأمان على أنفسهم وأموالهم.

كما اعترف -صلوات الله وسلامه عليه- ببعض الصفات الحميدة لدى بعض النصارى، وقد طلب العون من النجاشي ملك الحبشة الذي كان نصرانيًا، مؤكدًا أنه ملك عادل.

Scroll to Top