تعريف التوحيد من الناحية اللغوية
يُعتبر التوحيد الأساس الذي يقوم عليه الإسلام، وهو مفتاح قبول الأعمال، لذلك يتوجب على المسلم أن يُصلح توحيده ويواظب عليه حتى يلقى الله -عز وجل- مخلصاً له. إن المسلم يجني نتائج توحيده في الدنيا والآخرة. وقد قدم العلماء تعريفات متعددة للتوحيد في اللغة، والتي تشمل:
- جعل الشيء واحداً.
- المعرفة بأن الشيء واحد.
- نفي التشبيه عن الواحد.
- نفي التشبيه عن ذات الموحد وصفاته.
باختصار، إذا أدركت أن الشيء واحد وجعلته كذلك في وجوده، مع نفي أي تشابه عن سواه في ذاته وصفاته، فقد حققت معنى التوحيد من الناحية اللغوية. مع الأخذ في الاعتبار أن التوحيد الكامل بالمعنى اللغوي يتطلب إثبات أن هذا الشيء واحد ونفي أي مشابه له.
تعريف التوحيد اصطلاحاً
يظهر التوحيد في القرآن الكريم والسنة النبوية، ويجب على المكلفين أن يوحدوا الله من خلال الأنواع الثلاثة للتوحيد؛ وهي: توحيد الربوبية، توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. بناءً عليه، يمكن تعريف التوحيد اصطلاحاً بأنه: “إفراد الله بالربوبية وما له من الأسماء والصفات، وإخلاص العبادة له -تعالى- في الألوهية.”
هذا يعني أن على المكلفين الإقرار بأن الله واحد في ألوهيته وأسمائه وصفاته، مع ضرورة نفي أية شبه للآلهة الزائفة عنه.
أقسام التوحيد
قسم علماء الدين التوحيد إلى ثلاثة أقسام لتبسيط مفاهيمه للشباب والمبتدئين في الإسلام. قد يكون الشخص مؤمناً بالتوحيد بشكل كامل دون معرفة هذه الأقسام، إذ أن جهله بها لا يضر طالما أن توحيده يشمل الأنواع المذكورة. أقسام التوحيد هي:
- توحيد الربوبية
يشير إلى اعتقاد العبد أن الله هو خالق الكون ومدبره، وهو الذي خلق العباد ورزقهم، ومنزل الغيث وموفر النبات. ولهذا، فإن توحيد الربوبية يعني الإيمان بأن كل ما يصل إلينا يأتي من الله وحده، لأنه رب العالمين، ولا رب سواه يدبر الأمور. قال الله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
- توحيد الألوهية
يتعلق بتوحيد العبادة، حيث يجب على المسلم أن يوجه عبادته لله وحده -تعالى-، وعليه أن يدرك أن تقديم العبادة لغير الله يُعتبر إشراكًا في توحيد الألوهية. وهذا يعني أن كل ما يصدر منا من عبادات يجب أن يكون موجهًا فقط لله -تعالى-، كما ورد في قوله -تعالى-: (قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).
- توحيد الأسماء والصفات
يتطلب إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وعدم إطلاق هذه الأسماء والصفات على غيره، وينبغي نفي أي تشابه بين الله وأحد في كمال أسمائه وصفاته. قال الله تعالى: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).
أركان التوحيد
يتطلب وجود التوحيد ثلاثة أركان يجب على المسلم الالتزام بها معاً، ولا ينبغي له التهاون في أيٍ من هذه الأركان. الأركان الثلاثة هي:
- الركن الأول: اعتقاد القلب
يكون ذلك من خلال الإيمان بوحدانية الله، بالإضافة إلى العبادات القلبية الأخرى مثل المحبة والخشية والخوف والرجاء والتوكل، وغيرها من العبادات التي يجب أن تُوجه لله وحده، مما يجعل العبد محققاً لركن التوحيد في قلبه.
- الركن الثاني: قول اللسان
يجسد ذلك من خلال الشهادتين وقراءة القرآن والذكر المستمر لله -تعالى-، ويجب على المسلم أن يذكر الله وحده ليحقق ركن التوحيد في القول.
- الركن الثالث: عمل الأعضاء
يتعلق بسمع وبصر وحركة أعضاء الجسم، ويجب على المسلم أن لا يُستخدم أعضاؤه في غير عبادة الله، ليتمكن من تحقيق ركن التوحيد في الأعمال.
فضل التوحيد
للتوحيد فوائد وآثار عظيمة يجدها المسلم في حياته الدنيا، وتستمر ثمراتها بعد الوفاة في القبر ثم إلى الآخرة، حيث تقوده إلى الجنة بإذن الله. ومن فضل التوحيد نذكر:
- التوحيد سببٌ لدخول الجنة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يُشرك بالله شيئًا دخل النار.”
- أهل التوحيد لهم الأمان في الآخرة من أهوال يوم القيامة
كما جاء في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). فالمؤمن الصادق في توحيده ينال الأمان يوم القيامة، وقد أوضح ابن مسعود -رضي الله عنه- أن الظلم في هذه الآية هو الشرك بالله -تعالى-.
- إن الله -تعالى- قد حرّم وجه الموحد على النار
كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.”