تعريف مفهوم الإنية في الفلسفة

تعريف الإنية في الفلسفة

وفقًا لمصادر اللغة العربية، تُعَرَّف “إنَّ” على أنها حرف للتأكيد والإثبات، بينما يشير “إنى” إلى تحقيق الشيء وإدراكه. وتُستخدم صيغة “أني” و”تأنى” في سياقات مشابهة. في المجال الفلسفي، يشير مصطلح “الإنية” إلى وجود كائن حقيقي، حيث يوضح الجرجاني في مؤلفاته أن “الإنية تعني تحقق الوجود العيني من منظور مرتبته الذاتية”. من جهته، أشار الكندي إلى أن “كل ما له إنية فهو يمتلك حقيقة”.

الإنية

تعبر الإنية عن ثبات الوجود واستمراريته وتفرده. وقد استُخدم هذا المصطلح في فلسفة أرسطو وأتباعه، والتي انتقلت إلى الثقافة العربية في نهاية العصر الأموي. يُذكر أن مصطلح “الإنية” ورد في كتاب “ما بعد الطبيعة” لأرسطو، وتم استخدامه في وقت مبكر من قبل المتكلمين والفقهاء. كما استخدم الكندي وابن سينا والفارابي نفس المصطلح مشيرين إلى الله تعالى كونه الأول والسبب في صفة الوجود، حيث قال الكندي: “الله هو الإنية الحق”.

شهدت الفلسفة والثقافات المختلفة تأثيرات عدة أدت إلى جمود بعض المفاهيم، وقد أجرى عبد الرحمن بدوي تعديلات على كتابة المصطلح، مشيرًا إلى ضرورة كتابته كـ”آنية” بما يتماشى مع النطق اليوناني. إلا أن بعض النقاد اعترضوا على هذا الرأي، وتبقى هذه القضية قائمة حتى اليوم.

الإنية عند بعض الفلاسفة

يندرج مفهوم الإنية تحت مسألة أوسع، تتعلق بالإنسانية، سواء المتعددة أو الواحدة. يُعتبر البحث عن هذا المفهوم سعيًا نحو فكرة شاملة يشارك فيها كل إنسان له أفكاره الخاصة. لكل مفكر وفيلسوف آراؤه المتعلقة بمفهوم الإنية، ومن بينهم:

أفلاطون

يرى أفلاطون أن الإنية الإنسانية، أو كمال وجود الإنسان، يتحقق من خلال النفس وحدها. يستند في تفسيره لهذا المفهوم إلى مبدأين: الأول روحاني يرتبط بالنفس، والثاني مادي يتعلق بالطبيعة الواعية للإنسان. يعتقد أفلاطون أن النفس تسيطر تمامًا على الجسد.

أرسطو

يناقش أرسطو مسألة العلاقة بين النفس والجسد ضمن إطار مفهوم الشكل والمادة. من هذا المنظور، يُعتبر الإنسان إنسانًا من خلال هيئته، حيث تتجسد الروح على أنها الحقيقة الأساسية للإنسان. يُصنف أرسطو الإنسان على أنه حيوان عاقل، ويُحدد مبدأ الحركة عند الإنسان باعتبارها مرتبطة بالنفس.

ابن سينا

يعكس ابن سينا موقفه من الإنية من خلال مثال يُظهر وجود الرجل في الفضاء، مظهرًا فكرته بأن الإنسان وُجد كوحدة واحدة، بينما يظل يهيم في الفضاء دون قدرة أعضائه على التداخل. ومع ذلك، يستطيع الإنسان أن يُثبت وجوده. بموجب ذلك، يُؤكد أن النفس هي التي تمثل الإنسان عند البحث عن الحقيقة، وأن الجسد ليس المحدد لماهية الإنسان. بالتالي، يتفق الفلاسفة الثلاثة على أن النفس العاقلة هي التي تشكل جوهر الإنسان، ما يسمح له بإدراك ذاته دون الحاجة إلى دلائل خارجية مثل الجسد.

Scroll to Top