تفسير الآية التي تشير إلى أن العلم محفوظ عند الله في كتابه

آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

تتناول سورة طه قصة النبي موسى وأخيه النبي هارون -عليهما السلام-، حيث تعرضت لجزء من الحوار الذي دار بينهما وبين فرعون. ومن الآيات التي تضمنتها السورة قوله -تعالى-: (قالَ فَمَن رَبُّكُما يا موسى* قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى* قالَ فَما بالُ القُرونِ الأولى* قالَ عِلمُها عِندَ رَبّي في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبّي وَلا يَنسَى).

تفسير العلماء لآية (قال علمها عند ربي في كتاب)

وفقًا لتفسير الطبري، بعد أن شرح النبي موسى -عليه السلام- عظمة الله -تعالى- ونعمه، سأل فرعون عن مصير الأمم السابقة التي لم تقرّ بوحدانية الله. فأجابه موسى بأن علم تلك الأقوام مسجل في أم الكتاب، مؤكداً أن تدبير الله لا يعتريه أي خطأ، سواء في تأجيل العقاب أو التعجيل به، حيث يتم ذلك بحكمة وإرادة.

وعن تفسير المراغي، يضيف أن فرعون بعدما أوضح موسى أن الله -تعالى- هو الخالق والرازق، بدأ بالسؤال حول حال الأمم الماضية مثل فرعون وقوم ثمود الذين لم يلتزموا بعبادة الله، فأكد موسى أن هذا علم غيبي يختص بالله وحده، حيث أحصى الله -تعالى- أعمال العباد في سجل دقيق وسيجازيهم عليها بما يستحقونه.

أما السعدي، فقد بيّن أن معنى هذه الآية هو أن الله -تعالى- قام بتدوين وتسجيل جميع أعمال البشر في اللوح المحفوظ، وهو عالم بكل شيء، فلا يمكن أن يغيب عنه شيء أو ينساه. أما الأمم السابقة، فقد آلت أمورها إلى ما قدمت، ولا يوجد مبرر لسؤال فرعون حولهم، إذ أن ما قدمه موسى من الأدلة كان كافياً ليدفعه نحو الإيمان بالحق.

العبر المستفادة من آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

تتضمن الآية مجموعة من الدروس والعبر، منها:

  • إن سؤال فرعون لموسى عن الأمم السابقة كان ناتجًا عن خوفه من أن يُقْدِم موسى على تقديم مزيد من الأدلة التي تؤكد صدقه، مما يُظهر حال الضالين الذين يسعون لتشتيت أهل الحق عن دعوتهم.
  • ينبغي للمدعو إلى الحق ألا يلتفت إلى الأسئلة التي قد تشتت ذهنه وتبعده عن هدفه الأساسي، حيث حاول فرعون تشتيت تركيز موسى، لكن الأخير أحال علم ذلك إلى ربه -سبحانه وتعالى-.
  • تعكس هذه الآية تأكيداً على أن نبوّة الأنبياء ليست ملزمة بالإجابة عن كل سؤال، فقد رفض موسى -عليه السلام- الرد على سؤال فرعون، ومع ذلك كان يُعترف بنبوته.
  • إن علم الكائنات يحمل جوانب من النقص، إذ لا يمكنهم الإحاطة بكل شيء بالكامل، وقد ينسون ما تعلموه، بينما علم الله -تعالى- شامل، كامل، ولا يعتريه أي نقص أو خطأ.
  • استند العلماء إلى هذه الآية في استحسان كتابة العلم وتدوينه في الصحف والأوراق.
Scroll to Top