اسم أبي هريرة وكنيته
يُنسب أبو هريرة إلى قبيلة دوس اليمانية، ويُعرف أيضاً باسم عبد عمرو أو عبد غنيّ. وقد كان اسمه في الفترة الجاهلية عبد شمس، وكنيته كانت أبو الأسد. لكن عندما أسلم -رضي الله عنه- أطلق عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقب أبو هريرة.
نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- اسم أبي هريرة من عبد شمس إلى عبد الرحمن، مما جعله يُعرف باسم عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني. حصل على لقبه “أبو هريرة” لأنه عثر على هرة صغيرة وأخذها في كمه للعب معها. ويقال أيضاً إنه كان لديه هرة عندما كان طفلاً يعتني بغنم أهله، فكان ذلك سبباً لتلقبه بهذا الاسم من قبل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ينتمي أبو هريرة إلى قبيلة دوس، التي تتبع لأجدادها شنوءة بن الأزد، وهي واحدة من أعرق وأشرف قبائل العرب. أمه تُدعى ميمونة بنت صخر، ويُعتقد أن اسمها أيضاً هو أميمة.
برز أبو هريرة كواحد من أبرز شخصية الصحابة، حيث شهد معركة اليرموك وقام بزيارة دمشق في عهد الخليفة معاوية -رضي الله عنه-. ويُعَد من أكثر الصحابة حفظاً لأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ كانت ذاكرته قوية ودقيقة، وقد ذُكر أنه اختلف في اسمه على أكثر من عشرين رواية.
كما أن كنيته أيضاً تم تداول عدة آراء حولها. ففي صحيح البخاري، ذُكر أن سبب كنيته كان عندما قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: “يا أبا هر”. فقد التقى به بينما كان جنبا، فأخذه النبي من يده ليصحبه حتى جلس، ثم قال له: “أين كنت يا أبا هر”، فشرح له أبو هريرة ما حدث، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: “سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس”.
كَثُرَ الحديث حول كنيته “أبو هريرة” أيضًا لتعود الى عمله مع الهررة قبل الإسلام، إذ كانت له هرة يساعده ويسليه بها، وهو ما يمثل قيم الرأفة ورحمة الحيوان في الإسلام.
إسلام أبي هريرة
دخل أبو هريرة -رضي الله عنه- في الإسلام في السنة السابعة للهجرة، وذلك أثناء فتح خيبر، حيث قدم من اليمن إلى المدينة المنورة. وقد أسلم بفضل الطفيل بن عمرو في اليمن، وصلى الفجر خلف سباع بن عرفطة الذي عينه النبي -صلى الله عليه وسلم- أميرًا على المدينة أثناء فتح خيبر.
ابن مسعود -رضي الله عنه- رافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمدة أربع سنوات تقريباً، حيث رافقه في جميع تنقلاته ومعاركه. وقد أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- حباً عظيماً.
لا تُعرف الكثير عن حياة أبي هريرة قبل إسلامه سوى ما أخبر به عن نفسه، حيث كان يرعى أغنام عائلته، وعندما توفي والده كان ما زال صغيراً، نشأ يتميًا وواجه تحديات في كسب الرزق.
كان إسلامه ما بين الحديبية وخيبر، وشهد فتح خيبر وعاش في ذي الحليفة، وقدم منزله كصدقة لمواليه.
صفات أبي هريرة الخُلُقِيَّة والخَلْقِيَّة
تمتع أبو هريرة -رضي الله عنه- بعدد من الصفات المميزة، ومنها:
الصفات الأخلاقية
تميز أبو هريرة -رضي الله عنه- بالتقوى والالتزام بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحترم كرامة الإنسان بغض النظر عن عرقه أو وضعه الاجتماعي. كان عابداً كثير العبادة وصائماً، يخشى الله في سره وعلنه، وصابراً على الفقر الشديد.
كما كان يقدم النصح للناس ويطبق ما يتعلمه بنفسه قبل الآخرين، ويعمل بجد على التمسك بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما يتضح من حديث ابنته التي كانت تتمنى أن يزينها بالذهب لكنه كان يجيبها بأنه يخشى عذاب النار.
أيضًا، كان من المدّاحين لله، عالماً يسعى دائما لتلقي العلم. وشهدت فترات من حياته الجوع والفقر حتى إنه أحيانا كان يسقط على الأرض من شدة الجوع. كان يعيش مع صحابة الصفة، وهم مجموعة من المسلمين الأكثر فقراً.
الصفات الخَلْقِيَّة
وصف بأنه كان رجلاً عريض المنكبين، وأفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، وكان لون بشرته أبيض مع لحية حمراء. كما كان يخضب لحيته وشعره. وقد وُصف بأنه كان شخصاً ليناً.
حياة أبي هريرة العلمية
استمر أبو هريرة -رضي الله عنه- في صحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمدة أربع سنوات، حيث حفظ فيها العديد من الأحاديث ودرس علوم الشريعة. وقد تعلم ما يجب وما لا يجب، ثم أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى البحرين حيث أصبح مؤذناً وفقيهاً.
كان حريصاً على طلب العلم والتفقه في الدين، ولم يتردد النبي -صلى الله عليه وسلم- في إجابة استفساراته بسبب شغفه واهتمامه بالتعلم.
كان يحضر مجالس الذكر بانتظام ويدوم للمسجد، ورغم قصر الفترة التي رافق فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لديه علم واسع بكثير من السنة وكان يحرص على تطبيقها.
كان يُعتبر أبو هريرة -رضي الله عنه- أكثر الصحابة حفظاً لأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأكثرهم مرافقة له، حيث كان يرافقه في كل مكان.
وفاة أبي هريرة
توفي أبو هريرة -رضي الله عنه- سنة سبع وخمسين للهجرة، حيث مرض مرض الموت، وعبر عن حسرته بعبارة: “أنا لا أبكي على دنياكم لكنني أبكي لبعد سفري وقلة زادي! أصبح لي في صعود مهداة على جنة أو نار، فلا أدري إلى أيهما يُسلك بي”، وهو ما يدل على زهده في الدنيا -رضي الله عنه-.
ويُروى أنه أثناء زيارته لمروان بن الحكم في مرضه، دعا له بالشِّفاء فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: “اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقاءي”. وقد توفي في السنة التي توفيت فيها السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وهنالك آراء تذكر أنه توفي في سنة ثمانٍ وخمسين أو حتى تسع وخمسين للهجرة.