تعريف الإسلام من الناحيتين اللغوية والشرعية
تعريف الإسلام لغويًا
يُعرَف الإسلام في اللغة العربية بأنه الاستسلام، ويشمل هذا المعنى الخضوع والانقياد. ومن يسلِمُ يصبح خاضعًا لله -تعالى- بشكل كامل من خلال الامتثال لأوامره ونواهيه. وقد وردت كلمة الإسلام بهذا المعنى في القرآن الكريم عندما امتدح الله -عز وجل- نبيَّه الكريم إبراهيم -عليه السلام- في قوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، مما يدل على استسلامه لأمر الله -تعالى- وعدم مخالفته. كما أن خضوع العبد لله -تعالى- يعني أيضًا أنه مُحسنٌ عند خالقه، وقد جمع الله -عز وجل- بين الإسلام والإحسان في قوله: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)، إذ يخضع له جميع من في السموات والأرض.
تعريف الإسلام اصطلاحًا
تتعدد معاني الإسلام في الاصطلاح الشرعي، إذ يشير إلى استسلام العبد لله -تعالى- وتوحيده والخضوع لأوامره، والابتعاد عن الشرك. وقد عرَفه العديد من العلماء بأنه النطق بالشهادتين وأداء الفروض. كما أن الإيمان يعد أوسع من الإسلام، حيث يتضمن التصدق القلبي بالإضافة إلى الأعمال الجوارحية. وعُرِف الإسلام أيضًا على أنه إظهار للاستسلام والانقياد لكل ما ورد في شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
عند التأمل في آيات الله -تعالى- في القرآن الكريم، نجد أن لفظ الإسلام قد يأتي وحده أو مقترنًا بالإيمان. وعندما يظهر مصطلح الإسلام بمفرده، يعكس المفهوم الشامل للدين بما في ذلك الإسلام والإيمان والإحسان، كما في قوله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ). وعندما يقرن الله -تبارك وتعالى- الإيمان بالإسلام، يكون المقصود بالإسلام هو أفعال الجوارح، مثل النطق بالشهادتين وأداء الصلوات وغيرها، بينما ينطوي الإيمان على أعمال القلوب.
أركان الإسلام
تشمل أركان الإسلام الخمسة الجوانب الاعتقادية والعملية، حيث يُعتبر الركن الأول اعتقاديًا، في حين أن الأركان الأربعة الأخرى تعتبر أركانًا عملية. وهذه الأركان هي: الشهادتين، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، صوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا. لا يكتمل إسلام المرء إلا بالجمع بين هذه الأركان، فإذا تُرك ركنٌ منها، يتم اختلال إسلام الفرد. وفيما يلي تفصيل لكل ركن:
الشهادتان: وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. يُعبر ذلك عن اعتقاد العبد بأنه لا معبود بحقٍ إلا الله -تعالى- وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو نبي الله أرسله رحمة للعالمين. النطق بهذه الشهادتين هو بمثابة المفتاح لدخول الإسلام. وتحسب أعمال المسلم بما فيها الشهادتان، إذ أن أساس قبول الأعمال عند الله -تعالى- هو الإخلاص لله -تعالى- واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-. من يقر بهذه الشهادتين ينال رضا الله -تعالى- ويكون في مأمن من الانصياع لغير خالقه.
إقامة الصلاة: الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، وتعتبر عمود الدين وأحد أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين. الصلاة واجبة على كل مسلم عاقل، ولا تسقط عنه مهما كانت ظروفه، لكن تخضع بعض الاستثناءات للأحكام الخاصة. الصلوات المفروضة هي خمس: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء. وقد حدد الله -تعالى- أوقاتًا مخصصة لكل صلاة، ولا تصح إلا في وقتها المحدد، كما يقول: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا).
وضع الإسلام أيضًا شروطًا لأداء الصلوات مثل وجوب الطهارة وأعداد ركعات محددة. من يستمر على الصلاة ويؤديها بانتظام يقطف ثمارها العديدة، فهو في راحة دائمة لقربه من ربّه، مما يجلب له السكينة والطمأنينة.
إيتاء الزكاة: تعني إعطاء المسلم المقتدر الذي يمتلك النصاب ما حدده الشرع للفقراء والمحتاجين. تُدفع الزكاة مرة واحدة سنويًا، والنصاب محدد في الشريعة، حيث نصاب الذهب هو عشرون مثقالًا، والفضة 200 درهم. الزكاة أيضًا تجب على عروض التجارة والزروع، ومقدار الزكاة هو 2.5% سنويًا.
أما الزروع والثمار، فقد حدد الشارع مقدار الزكاة حسب المشقة المبذولة؛ فمن يروي زروعه جيدًا يؤدي 5%، بينما تُفرض 10% إذا كانت تسقى بماء المطر. فرض الله -عز وجل- الزكاة على المسلمين لتحقيق التكافل الاجتماعي، حيث تُطهر نفس الغني من الشح، وتسد حاجات الفقير، مما يعزز روابط المحبة بينهم، كما جاء في قوله: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
صوم رمضان: يمتنع المسلم خلال نهار شهر رمضان عن تناول الطعام والشراب والجماع من الفجر حتى المغرب. رمضان هو الشهر التاسع في السنة الهجرية، وقد فرض الله -تعالى- الصيام على المسلمين لما فيه من فوائد متعددة. فهو يزكي النفس ويعودها على الصبر والتقوى، ويزيد من شعور المسلم بمعاناة الفقراء.
الصيام فرض على كل مسلم بالغ وعاقل وقادر. من رحمة الله -تعالى- أنه أباح لبعض الفئات مثل المرضى والمهاجرين والنساء الحوامل الإفطار في رمضان، على أن تُقضى الأيام المفقودة لاحقًا. كما تركت الشريعة الحائض والنفساء ترك الصيام وقضاء الأيام بعد انتهاء الشهر، وهو أيضًا يُعفي من الأكل والشرب من نسي.
حج البيت: يشير إلى التوجه إلى بيت الله الحرام بمكة لأداء مناسك الحج. يُعد الحج فريضة واجبة على المسلم مرة واحدة في الحياة، ومن يملك القدرة البدنية والمادية فقط هو ملزم بذلك. أوضح الله -تعالى- أحكامًا خاصة للحج، مثل الوقوف بعرفة ومزدلفة. من خلال فرض هذه الفريضة، أراد الله -عز وجل- ترويض النفس على العطاء والاجتهاد لنيل رضاه، ولتأسيس صلات اجتماعية بين المسلمين.