تناول مجمع البحوث الإسلامية مسألة فوائد البنوك في مصر بشكل دقيق. تُعرف فوائد البنوك بأنها العوائد التي يمنحها البنك على الودائع، بغض النظر عن نوعها. كما تمثل هذه الفوائد الأرباح التي يحصل عليها المستثمر نتيجة لاستثماره أمواله في البنك. لقد أثارت قضية فوائد البنوك جدلاً واسعًا بين العديد من الشيوخ والفقهاء، وفيما يلي نستعرض موقف مجمع البحوث الإسلامية من فوائد البنوك في مصر.
مفهوم الربا في الإسلام
- الربا في اللغة يعني الزيادة في الشيء، وفي الشرع يشير إلى الزيادة التي تحدث بعد مدة معينة دون مقابل. وقد عرّف الإمام أبو حنيفة الربا بأنه الزيادة التي تحدث في وقت البيع، مثل بيع درهم حال بدراهم مؤجلة.
- تحظر الإسلام الربا استنادًا إلى أدلة عديدة من القرآن والسنة النبوية. فقال الله تعالى في سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)، وأيضًا في سورة النساء: (وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل).
- وقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله، مما يدل على حرمانية الربا في الدين الإسلامي.
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا)، حيث أدرج الربا ضمن هذه المعاصي الكبرى.
أسباب تحريم الربا
تحظر الإسلام الربا لأسباب عديدة منها:
- تعزيز العداوة والتنازع بين أفراد المجتمع، حيث يمكن أن يؤدي الربا إلى زيادة فقر الفقراء ورفع مستوى ثراء الأغنياء، وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني.
- الربا يُؤدي إلى زيادة أسعار السلع، حيث يلجأ التجار إلى رفع الأسعار لتعويض الفوائد عند سداد ديونهم.
- يساهم الربا في تفشي البطالة لكونه يشجع الاستثمار في المشاريع ذات العائد الثابت، مما يؤدي إلى إغلاق المشاريع ذات القيمة العامة.
- تشمل أنواع الربا كلاً من ربا النسيئة، الذي يكون فيه الاتفاق على سلع معينة ويدفع ثمنها في وقت لاحق، وبهذا يكون هناك زيادة بسبب التأخير، وهو ما يحرمه الشارع.
- وهناك أيضاً ربا الفضل، الذي يحدث عند بيع سلعة بنفس السلعة ولكن مع زيادة دون أي تأخير، بالإضافة إلى “ربا القرض” حيث تتم الاستفادة من الفائدة المفروضة على القرض، مما يؤدي إلى الربا في التعامل.
موقف مجمع البحوث الإسلامية من فوائد البنوك في مصر
- أجاز مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الشيخ محمد سيد طنطاوي فوائد البنوك، وهو ما وافق عليه أغلب الأعضاء، باستثناء عبد الفتاح الشيخ ومحمد رأفت، اللذان كان لهما وجهة نظر مختلفة.
- أفاد عبد الفتاح الشيخ، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، بأن فوائد البنوك تُعتبر ربا ومخالفة للشريعة، معتبرًا أن التعامل مع كل حالة بنكية يجب أن ينظر إليها بموضوعية.
- وأشار الشيخ إلى جواز الاستثمار في البنوك بشرط أن تكون المشاريع المعنية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
- أما محمد رأفت عثمان، فرأى أن الشروط المحددة مسبقًا للفوائد تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي.
حكم فوائد البنوك في الإسلام
- تنقسم الفوائد البنكية إلى نوعين: أولاً، الفوائد الناتجة عن البنوك الإسلامية والتي تتبع نظام المرابحة وتُعد حلالاً تحت شروط معينة.
- هذه الشروط تتضمن استثمار الأموال في مشاريع مشروعة، وألا يكون هناك ضمان لرأس المال في حالة الخسارة؛ لأن هذا يُعتبر ربا محرم.
- أما النوع الثاني، فهي الفوائد من البنوك الربوية، وهي محظورة بالكامل لأنها تعتمد على الربا، حيث تفرض البنوك زيادة على أصل المال عند الاقتراض.
حكم الوديعة البنكية
تختلف أحكام الودائع البنكية حسب نوعها، حيث يوجد نوعان:
- الأول: الوديعة غير الاستثمارية، وهي حساب جاري يتم استخدامه في أي وقت دون أرباح، وهذه جائزة.
- الثاني: الوديعة الاستثمارية، التي تحقق عائدًا محددًا بناءً على اتفاق مع البنك، وهذه تكون جائزة بشرط أن تتعلق بمشاريع متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وإلا فتصبح محرمة.
وجهة نظر الشيخ يوسف القرضاوي حول فوائد البنوك
يرى الشيخ يوسف القرضاوي، أحد أبرز علماء الإسلام، أن فوائد البنوك محرمة، حيث تُعتبر عائدات يحصل عليها المودع دون أي مخاطر أو مضاربة، وهو ما يُعتبر ربا محرم.
آراء متنوعة لبعض الشيوخ حول فوائد البنوك
- الشيخ جاد الحق علي جاد الحق كان له رأي مختلف حيث رأى أن تحديد الفائدة يعتبر ربا محرم، بينما الاستثمارات غير المحددة مسبقًا تعتبر مقبولة.
- الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أكد أن أي قرض يُستخدم لحاجة مشروعة ليس محرماً، بما في ذلك القروض البنكية التي تعد استثماراً.
- الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، يعتبر فوائد البنوك جائزة لما تمثله من عقود استثمارية، وقد أبدى جواز الانتفاع بهذه الفوائد والتصدق بها.