مفهوم السلام
يُعرف السلام في اللغة بأنه مصدر، وهو اسم مشتق من الفعل سَلِمَ، ويعني بصورة عامة الأمان والنجاة من الأمور غير المرغوبة. يُقال: “سَلِم من الأمر” أي أنه نجا منه، والسلامة من الآفات تعني التحرر منها. في مفهومه الواسع، يمكن أن يُعبر عن السلام من خلال عدة تعريفات؛ حيث يُستخدم في الشرع للدلالة على البراءة من العيوب. كما تُستخدم كلمة السلام كتحية في الإسلام وتعتبر تحية أهل الجنة، مثل عبارة: “السلام عليكم” عند اللقاء أو الوداع، مما يعكس المعنى العميق الذي يحمله السلام في العلاقات الإنسانية. يُقال “عليه السلام” كدعاء بالصلاة والرحمة من الله وملائكته، بالإضافة إلى أن السلام يعد من أسماء الله الحسنى، حيث سُمّي الله بهذا الاسم لسلامته من أي نقص أو عيب أو الفناء، كما ورد في قوله تعالى: “هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ…”. وعند الإشارة إلى “دار السلام” يُقصد بها الجنة، كما أن السلام يشير أيضًا إلى نوع من الأشجار.
يمكن تعريف السلام بشكل مصطلحي على أنه غياب الحروب والاضطرابات وأعمال العنف، مثل الإرهاب والنزاعات الطائفية أو الدينية أو المناطقية؛ وذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية أو عرقية. يكتسب السلام أيضًا دلالات الأمان والاستقرار والانسجام، مما يجعله حالة إيجابية تسعى إليها المجتمعات والدول عبر التوصل إلى اتفاقات لتحقيق الاستقرار والهدوء، مما يعني أن السلام لا يقتصر على غياب الاضطرابات، بل يشمل السعي نحو التقدم الإيجابي.
عناصر تحقيق السلام
لتحقيق السلام في أي مجتمع، يجب توفر مجموعة من العناصر المرتبطة بالإدارة السياسية، ومن هذه العناصر:
- الإدارة الفعالة للتعددية: تقوم المجتمعات على أساس التعددية الدينية والثقافية والسياسية، ومن الصعب وجود مجتمع يتكون من عرق أو دين واحد. إن الإدارة الجيدة تضمن حقوق الأقلية وتتيح لهم مساحة للتعبير عن معتقداتهم في جو من الاحترام والتسامح، في حين أن الأنظمة التي تخشى التنوع تؤدي إلى صراعات دينية أو عرقية تسهم في تفكك الدولة.
- الاحترام للقانون: ينبغي تطبيق العدالة والمساواة بين الأفراد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية أو العرقية. يجب أن يتاح للجميع الحق في الوصول إلى المحاكم وتطبيق الأحكام بشكل فعّال، حيث أن غياب العدالة يؤثر سلبًا على الأمن المجتمعي.
- الحكم الرشيد: الاضطرابات وأعمال العنف عادة ما ترتبط بفساد الأنظمة الحاكمة، لذا فإن الحكم الرشيد يتطلب نظامًا يقوم على المحاسبة ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مما يعزز وعيهم وقدراتهم ويشجعهم على المشاركة في الحياة العامة.
معوقات السلام
توجد عدة معوقات تحول دون التوصل للأمن والسلام في العالم اليوم، ومنها:
- الصراعات بين القوى العظمى التي غالبًا ما تضع مصالحها فوق مصالح الأمن العالمي.
- التعصب الديني والعرقي الذي يولد الكثير من الاضطرابات والعنف.
- أطماع الدول الكبرى في السيطرة على الموارد الطبيعية للدول النامية.
- اختلال النظام الاقتصادي العالمي، مما يساهم في وجود فوارق كبيرة بين المجتمعات الفقيرة والغنية، مما يؤدي إلى التوتر والاحتقان.
الجهود التاريخية نحو السلام
يعتقد الكثير من المؤرخين أن العلاقات السياسية الدولية بدأت من مؤتمر وستفاليا في عام 1648م، بينما هناك من يرى أن العلاقات السياسية تعود لعصور أقدم، مثل معاهدة السلام التي وقعها رمسيس الثاني ملك الحبشيين في آسيا الصغرى عام 1278 ق.م، حيث أظهرت المكتشفات الأثرية وجود علاقات بين دول ما بين النهرين منذ نحو 3000 سنة قبل الميلاد.
عند الاطلاع على التاريخ، نجد المعاهدات التي أبرمها الفراعنة مع الحبشيين والتي كانت ترتكز على التحالفات الدفاعية. في حين أن العلاقات السياسية للآشوريين اتسمت بالنزعة العدائية، كانت العلاقات بين المدن اليونانية تقوم على طرق دبلوماسية للحل عند حدوث النزاعات. الإمبراطورية الرومانية، رغم استخدامها للقوة، لم تغفل عن إبرام الاتفاقيات مع الدول التي استولت عليها، مما أرسى نوعاً من القانون لحماية استقرارها مع الاعتراف بالقوانين المحلية للشعوب.
جهود الأمم المتحدة في نشر السلام
تأسست منظمة الأمم المتحدة في عام 1945م، وتضم في عضويتها معظم دول العالم المستقلة، والعدد الإجمالي لأعضائها هو 193 دولة، حيث تهدف إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ونزع السلاح وتعزيز العلاقات بين الدول والتعاون الدولي.
من بين الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة المعنية بشؤون السلم العالمي:
- الجمعية العامة: تعتبر الجهاز الرئيسي لتداول السياسات وتمثيل الدول، حيث يجتمع الأعضاء سنوياً لمناقشة القضايا العامة التي يشارك فيها زعماء العالم.
- مجلس الأمن: يتحمل مسؤولية رئيسية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ويتكون من 5 أعضاء دائمين و10 غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة لمدة عامين.
- محكمة العدل الدولية: تساهم في حل النزاعات بين الدول.
- الأمانة العامة: تقدم الدعم في إدارة عمليات السلام وتعمل على إعداد دراسات خاصة بحقوق الإنسان.