تفسير آية (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا)
ورد في سورة الإسراء قول الله سبحانه وتعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). فيما يلي تفسير هذه الآية الكريمة:
- تشير عبارة “وقضى ربك” إلى حكم الله الثابت بوجوب عبادة الله وحده، فهو لا يستحق العبادة سواه.
- استخدم الله -سبحانه وتعالى- مصطلح “رب” لتأكيد دوره كخالق ومربٍ، حيث يجسد هذا اللفظ العناية والنعمة التي يفضل بها الله عباده، ويجب احترامه وطاعته لأنه المنعم الذي لا يجوز للمخلوق معصيته.
- العبارة “إلا إياه” تعني ضرورة توحيد الله وعدم الإشراك به في عبادته.
- أما “وبالوالدين إحساناً” فتشير إلى وجوب الإحسان إليهما والبر بهما، حيث يأمر الله تعالى بذلك.
- قد ربط الله بين عبادته والإحسان إلى الوالدين في هذه الآية، مما يدل على وجوب عبادة الله وحده، حيث إنه السبب الرئيسي لوجودنا، ولأنه صاحب النعم قبل والديك.
كيف نبر الوالدين
طاعتهم
تعد طاعة الابن لوالديه واجبة، فإذا قاما بإصدار أوامر، فإن من واجبه الاستجابة ما لم يتعارض ذلك مع معصية الله -سبحانه وتعالى-. في هذه الحالة، لا تجب طاعة المخلوق فيما يتعارض مع أوامر الخالق.
خفض الصوت أثناء الحديث معهم
من الآداب التي ينبغي اتباعها عند بر الوالدين هو مخاطبتهم بألفاظ تُظهر الاحترام والتقدير، مع خفض الصوت أثناء الحديث والاستماع إليهم دون مقاطعة.
الإنفاق عليهم
من أسس البر بالوالدين هو الإنفاق عليهم في وقت حاجتهم، حيث قد يعاني الكثير من الآباء والأمهات من ضعفهم وكبر سنهم، مما يتطلب من الأبناء توفير متطلباتهم وسد حاجاتهم.
الدعاء لهما في حياتهما وبعد وفاتهما
يعتبر الدعاء للوالدين بالرحمة من مظاهر البر والإحسان إليهما. وقد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء لكل من قدم لنا معروفًا، فالأولى بالرحمة هم الوالدان الذين قدموا لنا الكثير في حياتنا.
قال تعالى: (وَقُل رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). ومن الواجب أيضًا الدعاء لهما والاستغفار بعد وفاتهما، حيث ورد في الحديث: (إنَّ الرَّجُلَ تُرَفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ).
التصدق عنهما
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عملُه إِلَّا مِن ثَلاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له). لذا، من مظاهر البر بهما هو التصدق عنهما والحج أو العمرة لهما إذا لم يقوما بها أثناء حياتهما، كما يجدر بالأبناء سداد الديون إن وجدت.
صلة أصدقائهم والإحسان إليهم
من صور البر أيضًا صلة أصدقاء والديك، إذ يسهم ذلك في إسعادهم في حياتهم وبعد وفاتهم. وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه: (مَنْ أحبَّ أن يَصِلَ أباهُ في قبرِهِ، فلْيَصِلْ إخوانَ أبيه من بَعدهِ).