حكم الإقامة في منى يوم التروية
يغادر الحاج مكة المكرمة في يوم التروية، والذي يصادف اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، بعد شروق الشمس متجهًا إلى منى. يمكث هناك ليصلي الصلوات الخمس: الظهر، العصر، المغرب، العشاء، والفجر. ويُعتبر هذا العمل سنة متفق عليها. في هذا اليوم، يبيت الحاج في منى ليلة التاسع من ذي الحجة، بينما يكون الحجاج المتمتعين قد أحرمو بحجهم، في حين أحرمت فئات الحجاج الأخرى (القارن والمفرد) في وقت سابق.
أعمال الحاج في يوم التروية
يستحب للحاج في يوم التروية القيام بالأعمال التالية:
إحرام المتمتع بالحج
ينبغي للحاج المتمتع أن يُحرِم من الحج في فترة الظهر أو الضحى، ويُستحب له طيب نفسه والاستحمام، وارتداء ملابس الإحرام البيضاء. بعد ذلك، ينوي الحج ويقول: (لبيك حجاً)، ثم يتبعها بعبارة (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ).
يستند هذا إلى ما رواه جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (…فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ).
الذهاب إلى منى
يتوجه الحاج إلى منى ليؤدي صلاته من الظهر والمغرب والعصر والعشاء. خلال هذه الصلوات، تُعتبر الصلاة الرباعية ركعتين، ويجب تأديتها في أوقاتها المحددة دون جمع. ثم يقوم الحاج بأداء صلاة الفجر لليوم التاسع من ذي الحجة.
هذا أيضًا يتماشى مع فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث روى جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (…فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَصَلَّى بهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ).
حكم صيام يوم التروية
يتفق الفقهاء على استحباب صيام يوم التروية لغير الحاج؛ وذلك بناءً على ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن فضل الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ). وقد أشار المالكية إلى أن صيام يوم التروية يكفر سنة ماضية.
وفقاً للرأي الشافعي والمالكي، يفضل للحاج صيام يوم التروية، فيما يُرى أن الصيام في هذا اليوم قد يُضعف الحاج عن أداء أعمال الحج كما هو الحال في يوم عرفة.
فضل يوم التروية
يوم التروية له العديد من الفضائل، أبرزها:
- يعتبر يوم التروية واحدًا من أيام العشر الأجلاء من ذي الحجة، التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).
- يُعتبر يوم التروية من أهم أيام الحج، إذ يُمثل أول أيام الحج، ويحتوي على أحكام أساسية مرتبطة بالحج، من أبرزها التوجه إلى منى اتباعًا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- يُمهد الحاج في هذا اليوم ليوم عرفة العظيم، الذي يعد الركن الأهم في الحج، حيث يُغفر فيه الذنوب والخطايا، ويطهَّر قلب المؤمن، ويُعتق من النار. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).