مفهوم أسماء الله الحسنى ومعانيها

ما المقصود بأسماء الله الحسنى؟

أسماء الله الحسنى هي الأسماء التي اختارها الله تعالى لنفسه، والتي أكدها له النبي صلى الله عليه وسلم، وآمن بها جميع المؤمنين.

تأتي الحُسنى على وزن (فُعْلى) وهي تأنيث (أحسن). وفسر ابن منظور التأنيث بالقول إنه مشابه لتأنيث كبرى وصغرى، وكما أشار ابن الوزير بأن الحُسنى هي جمع كلمة (الأحسن) وليست (الحَسن). يختصر معنى كلمة (حُسنى) أنها تعني المبالغة في الشيء الحسن، وهي ضد القبح.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية إن الحُسنى تشير إلى الأسماء المفضلة على الحَسَنة، والمعنى العام هو أن أسماء الله هي أفضل الأسماء وأحسنها، لما تحمله من معانٍ سامية وجليلة. وقد ذكر ابن الوزير فيما يخص أسماء الله الحسنى أن جميع الكمال في ذاته وأسمائه وصفاته، لذا يجب أن تكون أسماء الله الحسنى من أحسن الأسماء، وليس مجرد أنها حسنة فقط.

أسماء الله الحسنى هي أسماء خاصة بالله تعالى وصفاته، وهي الأفضل بما يعني أنها حُسنى وليست مجرد حسنة.

المبررات وراء تسمية أسماء الله الحسنى بهذا الاسم

توجد عدة أسباب لتسمية تلك الأسماء بالحسنى:

  • لأنها تشير إلى أعظم وأجل مُسمى وهو الله.
  • لأنها تحتوي على صفات تدل على الكمال التام، دون أي نقص.
  • لأنها تمثل الاسم الأعظم والأقدس.
  • كما قال ابن القيم: “أسماؤه سبحانه وتعالى جميعها مدحٌ وثناءٌ، ولهذا سميت بالحُسنى”.
  • تعكس أسماء الله وحدانيته وكرمه وجوده، وتظهر عظمة الله وتعظيمه.
  • وكما ذكر السعدي، كل اسم من أسماء الله -تعالى- هو حسن بذاته ويتميز بكمال يحتويه، ويعكس معانيه جميعها.

إذ أن الله -تعالى- لا يصف إلا بأحسن الصفات، ويُثنى عليه بأفضل أشكال الثناء، حيث أن كل اسم يُعبر عن معناه الخاص ولا يُعبر عنه اسم آخر، كاسم الرحمن الذي يعبر عن الرحمة واسم العزيز الذي يدل على العزة. جميع الأسماء والصفات تلتقي في دلالتها على الله -عز وجل-، بينما تختلف في دلالتها على الصفات.

إجمالاً، فإن سبب تسمية الأسماء الحسنى بهذا الاسم يعود لأنها تشير إلى الله -تعالى-، وتتضمن صفات الجمال والكمال.

عدد أسماء الله الحسنى

عدد أسماء الله الحسنى التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية يتجاوز التسعة وتسعين اسمًا، كما أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية. وصرح الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد أن “أسماء الله -تعالى- ورسالته -صلى الله عليه وسلم- وكتاب الله العظيم توقيفية أي لا يمكن تحديدها إلا بنص، وقد ورد في القرآن نحو مئة اسم لله تعالى”.

الحكمة من عدم تحديد عدد أسماء الله الحسنى تتمثل في تشجيع كل مسلم على الاجتهاد والدعاء بهذه الأسماء المعروفة، سواء كانت تلك التي وردت في الكتاب أو السنة، حيث ذُكرت الأسماء الحسنى في القرآن بتسعة وتسعين، بينما ظهرت أسماء أخرى في السنة أكدت ذلك، ومن العلماء الذين قالوا بذلك: سفيان بن عيينة، وابن حجر، وأحمد بن حنبل وغيرهم.

بالتالي، فإن عدد أسماء الحسنى المذكورة في القرآن والسنة يزيد عن تسعة وتسعين، والحكمة من عدم تحديد العدد تعود إلى تحفيز المسلم على السعي للحصول عليها والدعاء بها.

إحصاء أسماء الله الحُسنى

في صحيحه، أورد الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة). ويتمثّل إحصاء أسماء الله الحسنى في حفظها، وفهم معانيها، والعمل بمقتضاها. فمعرفة أن الله هو الأحد تستلزم عدم الشرك به وعبادته وحده، ومعرفة أنه الرزاق تدل على اليقين بأن الرزق بيد الله فقط. ويشمل إحصاء الأسماء أيضًا الدعاء بها.

وفقًا لابن عثيمين، فإن المقصد من إحصاء أسماء الله الحسنى هو التعبد بها، وفهمها بشكل كامل. من الجدير بالذكر أن الإحصاء يتنوع في المراتب: أولها إحصاء عددها ولفظها، ثانيها فهم معانيها ودلالاتها، وثالثها الدعاء بها؛ سواء كان دعاء للطلب أو دعاء للعبادة والثناء على الله -تعالى-.

تجسد معنى إحصاء أسماء الله الحسنى حفظها ومعرفتها، والعمل بما تحتويه من معانٍ، والتوجه إلى الله بالدعاء بها.

الإيمان بأسماء الله الحُسنى

الأركان الأساسية للإيمان بأسماء الله الحُسنى

يتضح أن الإيمان بأسماء الله الحسنى يُعرف بأنه إثبات ما أثبته الله لنفسه من صفات وأسماء، فيجب على المسلم أن يؤمن بأن الله هو السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، ويؤمن بأن الله -تعالى- فوق السماوات مُستوى على العرش، وأنه لا يشبهه أحد في أسمائه وصفاته، فهو الغني الذي لا يماثله أحد في غناه، والعليم الحكيم الذي ليس لأحد ما له من علم وحكمة.

يرتبط الإيمان بأسماء الله الحسنى بعدة أركان، تشمل الإيمان بالاسم ذاته، وفهم دلالات ما تحتويه الأسماء من معاني وآثار.

الآثار المترتبة على الإيمان بأسماء الله وصفاته

تترتب على معرفة أسماء الله الحسنى وإحصائها العديد من الفوائد، كما أوضح العلّامة ابن القيم، وفيما يلي عرض لبعضها:

  • تعكس أسماء الله الحسنى الكمال؛ فكل صفة تتعلق بفعل ومقتضى، إما أن تكون لازمة أو متعدية، فلا يمكن إلغاء ذلك. مثلاً، فإن اسم السميع البصير يستلزم وجود ما يمكن سماعه ورؤيته، واسم الخالق يتطلب وجود مخلوق. أكمل الناس عبودية هم من يتعبدون بجميع أسماء الله وصفاته التي يعلمها البشر.
  • معرفة أسماء الله الحسنى واستقرائها يساعد في تحقيق اليقين بالنظام بين الخلق والأمر؛ فالله -تعالى- يستحق أعظم الحمد وأكمله، وقد أمر المسلمين بالإحسان، والعدل، والصبر، والرحمة، والمغفرة، والعفو، والصدق، والشكر، والعدل، ويعبر بالشكل الحاد عن كرهه للصفات التي تحتوي على الكبر أو الظلم.
  • تعزز معرفة أسماء الله -عز وجل- من محبة الله؛ فالعباد الأعرف بأسماء الله الحسنى هم الأكثر حبًا له -سبحانه-؛ لأن الله محمود على كل فعل وأمر، وكلها تنبع من حكمة وعلم.
  • تُعتبر أسماء الله أساسًا للعلم بكل ما هو معلوم، مع العلم بأن أفعال الله وأوامره لا تتضمن أي خلل أو تباين، وفي حال حدوث أي خلل، يكون بسبب جهل العبد أو عدم حكمته.
  • تُعدّ أيضًا وسيلة للحصول على مغفرة الله ورضوانه؛ فمعرفة العبد بأن الله جبار تجعله يشعر بعظمة الله -تعالى- وهيبته؛ مما يدفعه لتنفيذ أوامره والابتعاد عن نواهيه، وأيضًا وصف الله أنه لا ينام ولا يصيبه النعاس يبين له فقدان النقص والغفلة، مما يؤثر في قلبه، بحيث يدرك أن الله دائم الاطلاع على كل ما يصدر عنه.

التحذير من عدم الإيمان بأسماء الله الحُسنى

العدول عن الإيمان بما أثبته الله لنفسه من أسماء وصفات لا يتحقق كمبدأ للإيمان، وليس المقصود هنا عدم الإيمان بالله، بل يعني انحرافًا عن المعاني التي أرادها الله في أسمائه الحسنى وابتداعًا في ذلك، مما يتطلب التنبيه إلى تحريم تلك الأفعال وإدانتها، حيث إن ذلك يعد انحرافًا عن المعاني التي أرادها الله -تعالى-. وقد ورد ذلك التحريم في العديد من الآيات القرآنية، مثل قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون).

باختصار، يتضمن الإيمان بأسماء الله الحسنى أن يقر المسلم بما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، بما يشمل الأركان المتعلقة بالإيمان بالأسماء ومعانيها وما يترتب عليها من آثار، وتتمثل ثمرة هذا الإيمان في دخول الجنة والفوز برضا الله -تعالى-.

Scroll to Top