مقدمة عن تضخم الغدة الدرقية
يُعد تضخم الغدة الدرقية، المعروف أيضًا باسم الدراق أو السلعَة، من أكثر مشاكل الغدة الدرقية شيوعًا. تتمثل هذه الحالة في انتفاخ المنطقة الأمامية من الرقبة نتيجةً لزيادة حجم الغدة الدرقية، لكن يجب ملاحظة أن وجود هذا التضخم ليس بالضرورة دليلاً على وجود خلل في وظائف الغدة. ففي بعض الأحوال، قد تبقى الغدة الدرقية قادرة على إنتاج كميات طبيعية من الهرمونات، مما يُعرف بتضخم الدرقية السوي (Euthyroid). بالإضافة لذلك، يمكن أن يحدث التضخم في حالات فرط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) حيث تفرز الغدة كميات كبيرة من الهرمونات، أو في حالات قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism) حيث تنتج كميات قليلة من تلك الهرمونات.
في سياق حديثنا عن الغدة الدرقية، من المهم الإشارة إلى أنها واحدة من الغدد الصماء الموجودة في جسم الإنسان، وتقع في الجزء الأمامي من الحلق، تحت الحنجرة. تتكون الغدة من فصين يمتدان على جانبي القصبة الهوائية، وتقوم بإفراز مجموعة من المواد الكيميائية التي تُعرف بالهرمونات. تضم هذه الهرمونات نوعين رئيسيين: هرمون الثايروكسين (T4) والهرمون ثلاثي يود الثيرونين (T3). يُعتبر عنصر اليود مكوناً أساسياً لكل من هذين الهرمونين، ويؤثر بشكل كبير في عملية إنتاجهما. يتم التحكم في نشاط الغدة الدرقية من خلال الغدة النخامية الموجودة في قاعدة الدماغ، التي تفرز الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH) لضبط مستويات الهرمونات في الدم. عند زيادة مستوى الهرمون ثلاثي يود الثيرونين في الدم، تُقلل الغدة النخامية إفراز الهرمون المنشط، بينما يحدث العكس في حالة انخفاضه. كما تلعب منطقة تحت المهاد (Hypothalamus) في الدماغ دورًا في تنظيم عمل الغدة النخامية.
لمزيد من المعلومات حول الغدة الدرقية، يمكن متابعة المقال التالي: (ما هي الغدة الدرقية).
أعراض تضخم الغدة الدرقية
تختلف شدة تضخم الغدة الدرقية من شخص لآخر، حيث تتراوح بين انتفاخ طفيف إلى انتفاخ شديد قد يؤثر على القصبة الهوائية ويعوق التنفس وابتلاع الطعام. في الحقيقة، أغلب حالات التضخم بسيطة ولا تظهر أعراض واضحة، ولا تُرافقها التهابات أو اختلالات في وظائف الغدة. عمومًا، يمكن تصنيف أعراض تضخم الغدة الدرقية كما يلي:
الأعراض العامة
يتباين نوع التضخم في الغدة الدرقية تبعًا لمسبباته. يمكن أن يظهر التضخم في شكل عقد (Nodular Goiter) يتضمن وجود عقدة واحدة أو عدة عقد متضخمة، أو قد يكون التضخم منتظمًا ومنتشرًا على كامل الغدة، والذي يسمى التضخم الدرقي المنتشر (Diffuse Goiter). فيما يلي بعض الأعراض الشائعة لتضخم الغدة:
- انتفاخ في الجهة الأمامية للرقبة.
- شعور بالضغط في منطقة الحلق.
- بحّة في الصوت.
- انتفاخ الأوردة في الرقبة.
أعراض أخرى
كما أشرنا، فقد لا تترافق حالة تضخم الغدة الدرقية مع اضطرابات في وظائفها، أو قد تكون ناتجة عن فرط نشاطها أو قصورها. يمكن تلخيص الأعراض المرافقة لكل حالة كما يلي:
- أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية:
- فقدان الوزن برغم زيادة الشهية.
- زيادة في معدل ضربات القلب أو عدم انتظامها.
- ارتفاع ضغط الدم.
- شعور بالحرارة أكثر من المحيطين.
- الإسهال.
- ضعف العضلات.
- رعشة في اليدين.
- انفعالات وسرعة في التهيج.
- أعراض قصور الغدة الدرقية:
- الشعور بالخمول والتعب.
- تباطؤ في الأنشطة البدنية.
- الشعور بالاكتئاب.
- تباطؤ معدل ضربات القلب.
- الشعور بالبرودة أكثر من المحيطين.
- الإمساك.
- زيادة الوزن.
- تنميل في اليدين.
لمعرفة المزيد عن أعراض تضخم الغدة الدرقية يمكن قراءة المقال التالي: (أعراض تضخم الغدة الدرقية).
أسباب تضخم الغدة الدرقية
تتعدد أسباب تضخم الغدة الدرقية، ويُعزى الكثير منها إلى انخفاض مستويات اليود في النظام الغذائي. يُعد هذا النقص من الأسباب الرئيسية للتضخم، خاصةً في الفترات التاريخية التي سبقت استخدام ملح الطعام المعزز باليود. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الأمراض المناعية الذاتية مثل داء غريفز وداء هاشيموتو من مسببات تضخم الغدة. وفيما يلي مزيد من التفاصيل حول أسباب تضخم الغدة:
- داء غريفز: هو مرض مناعي ذاتي يُسبب زيادة خطيرة في هرمونات الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تضخمها.
- داء هاشيموتو: يؤثر على الغدة الدرقية عبر تقليل إنتاج الهرمونات، ما يُحفز الغدة النخامية لإفراز المزيد من الهرمون المنشط وبالتالي تضخم الغدة.
- عُقيدة الغدة الدرقية: تشمل تشكيل عقيدة واحدة أو عدة عقيدات في الغدة، وقد تؤدي إلى تضخمها. غالبية العقيدات حميدة، ولكن بعضها قد يكون سرطانياً.
- أسباب أخرى: تشمل سرطان الغدة الدرقية، التهاب الغدة الدرقية، وتغيرات هرمونية كالحمل.
يمكن أن تظهر حالة تضخم الغدة الدرقية عند أي شخص في أي مرحلة من مراحل الحياة، ولكن هناك عوامل تزيد من خطورته، ومنها:
- الأشخاص فوق الأربعين، والأكثر عرضة هم النساء.
- تناول نظام غذائي فقير باليود.
- تاريخ عائلي للإصابة بالتضخم.
- التعرض للإشعاع في منطقة الرقبة أو الرأس.
- الإقامة في مناطق تفتقر إلى اليود.
- استخدام أدوية معينة مثل الأميودارون أو الليثيوم.
لمعرفة المزيد عن أسباب تضخم الغدة الدرقية، يمكنك قراءة المقال التالي: (أسباب تضخم الغدة الدرقية).
تشخيص تضخم الغدة الدرقية
إذا كان هناك شك في الإصابة بتضخم الغدة الدرقية، يجب على الشخص زيارة الطبيب. سيقوم الطبيب بإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من حالة الغدة. يتضمن التشخيص عادة فحصًا بدنيًا يتضمن تحسس موضع الانتفاخ، وقد يُطلب من المريض القيام بعملية البلع أثناء الفحص. بعد التشخيص، قد يُطلب من المريض إجراء مجموعة من الاختبارات والفحوصات الأخرى لتحديد السبب الدقيق وراء حالة تضخم الغدة. ومن ضمن هذه الفحوصات:
- التصوير بالموجات فوق الصوتية: للتمكن من تقييم حجم التضخم.
- فحص اليود المشع: لتقديم صورة مفصلة عن الغدة.
- اختبارات الأجسام المضادة للغدة: للمساعدة في تحديد نوع المرض.
- خزعة الإبرة الدقيقة: في حالات نادرة، قد تتطلب العقيدة أخذ خزعة للتأكد من كونها خبيثة أو حميدة.
علاج تضخم الغدة الدرقية
تعتمد خطة العلاج لتضخم الغدة الدرقية على عدة عوامل، بما في ذلك حجم التضخم، الأعراض المصاحبة، وأسباب الحالة. قد تتطلب الحالات البسيطة التي لا تسبب أي إزعاج فقط المتابعة الدورية. أما في الحالات التي يُعزى فيها التضخم إلى نقص اليود، فقد تُستخدم مكملات اليود. فيما يلي بعض خيارات العلاج المحتملة:
- العلاجات الدوائية: تُخصص الأدوية وفق السبب. في حالات فرط النشاط، يمكن استخدام أدوية مثل ميثيمازول أو بروبيل ثيوراسيل. أما في حالات قصور الدرقية، فيتطلب الأمر استخدام هرمونات بديلة مثل ليفوثيروكيسن.
- العلاج باليود المشع: يُستخدم للحد من نشاط الغدة. يعتمد القرار على المرض المسبب.
- العلاج الجراحي: يُعتبر ضروريًا في حالة التضخم الكبير، أو في حالة السرطان. قد تُجمع الحاجة للعلاج بالهرمونات البديلة حسب مقدار الاستئصال.
لمزيد من المعلومات حول علاج تضخم الغدة الدرقية، يمكنك متابعة المقال التالي: (علاج تضخم الغدة الدرقية).