فهم الدهشة الفلسفية لدى الفلاسفة
أفلاطون
يشدد أفلاطون على أن الدهشة تعد من الخصائص الأساسية للفيلسوف، حيث تنبع بشكل لا إرادي. ويعتبرها أساسًا للبحث ورحلة لاكتشاف التفسيرات الجوهرية للأمور، إذ تساعد الدهشة في إيجاد الإجابات التي تشغل الفكر البشري. ويعبّر أفلاطون عن ذلك بقوله: “هذا الانفعال – أي الدهشة – يُميز الفيلسوف حقيقة، وليس للفلسفة أصلًا غيرها.”
أرسطو
يعد أرسطو من تلاميذ أفلاطون، ويؤكد أن الدهشة تؤدي إلى المزيد من الدهشة، معدًا إياها ليست مجرد شعور ينمو مع الروح، بل تُعتبر المحرك الرئيسي للبحث الفلسفي. فهو يرى أن الدهشة ليست فقط بدايات الفلسفة، بل قوة فكرية حيوية تحدد مسارها.
هيجل
يقول هيجل إن الدهشة الفلسفية تمثل الارتباك الذي ينبغي أن يُعتبر نقطة انطلاق كل فلسفة. فالمفكر يجب أن يشك في كل شيء، وأن يتخلى عن كل الافتراضات السابقة ليتمكن من الحفاظ على المعارف الجديدة لاحقًا.
الغرض من الدهشة الفلسفية
فيما يلي توضيحات حول هذا المفهوم:
- الشعور بالقلق حيال الظواهر الكونية وقضايا الحياة، والذي يحفز صاحبه على البحث عن المعرفة. يُعتبر هذا القلق الممر الرئيسي للوصول إلى الحقائق، إذ تُحول الدهشة الفيلسوف إلى طرح أسئلة فلسفية تستهدف كشف الحقيقة.
- تنوير العقل من خلال حس الاندهاش، مما يساعد الإنسان على إدراك ما يحمله الظل إلى الواقع بعد مرور تجربتين: الملاحظة والتأمل، وإيجاد إجابات لأسئلة تراود الفكر البشري.
- تعزيز السمو في التفكير، فمدى قدرة الإنسان على الاندهاش يعكس براءته وحريته، وهذه القدرة تتأصل في المعرفة بالوجود المحدود.
- بعض اللحظات اللامعة تُثير الأسئلة الجوهرية في حياتنا، ما يدعونا للبحث عن الحقيقة. فالفلسفة حاضرة في كل مكان، ويسهل تتبع ماضيها وحاضرها، ولا يمكن للعلم أن يُنتج دون الدهشة الفلسفية التي أثارها فلاسفة عظماء.
- تعمل الدهشة الفلسفية على إعادة طرح التساؤلات المنطقية التي استخدمها الفلاسفة لتفسير كل ما يحيط بنا، وتوجيه النتائج والإجابات حول تساؤلات الإنسان الفلسفية.
استكشاف جان هرش للدهشة الفلسفية
سعى جان هرش في كتابه “الدهشة الفلسفية” إلى استكشاف مفهوم الدهشة الفلسفية وتسليط الضوء على أهميتها. فقد اعتبر أن وجود الفلاسفة وعراقتهم يعود إلى الدهشة التي يشعرون بها حيال الظواهر الكونية. تتبع هرش مسار الدهشة من سقراط إلى الفلسفات الوسيطة والحديثة ووصولًا للفلسفة المعاصرة، مع عرض شامل في كتابه المكون من 500 صفحة. وقد ذكر تجربة طاليس وصدمته أمام الكون، حيث طرح تساؤل “ما هو أصل العالم؟”، مما يجعل كتابه علامة فارقة في تاريخ الفلسفة الماضي والحاضر، إذ لكل حقبة زمنية دهاشتها الفلسفية الخاصة بها.