تعريف الصلاة في الجماعة

تعريف صلاة الجماعة

تُعرَّف صلاة الجماعة في اللغة بأنها اجتماع عدد كبير من الناس، بينما يُستخدم مصطلح “الجماعة” للإشارة إلى الأشخاص الذين يتحدّون لتحقيق هدف محدد. يُطلق على المسجد اسم “الجامع” بسبب دوره في جمع المُصلين لأداء الصلاة. في الاصطلاح، يُشار إلى أقل عدد من المصلين يتشكل منه تجمع جماعي وهو اثنان، حيث يُعتبر هذا الشكل من الصلاة نتيجة للالتقاء في وقت ومكان محددين لتأدية العبادة ذاتها.

حُكم صلاة الجماعة

حُكم صلاة الجماعة

توافقت آراء العلماء على أن صلاة الجماعة شرط أساسي لصحة صلاة الجمعة بالنسبة للرجل القادر. فيما يتعلق بصلاة العيدين، لم يتفقوا بشكل قاطع على هذا الشرط. أما بالنسبة لبقية الصلوات، فإليكم توضيحات آراء الفقهاء:

  • المالكية: يرون أن صلاة الجماعة سُنّة مؤكدة، مستدلين بقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: “صلاة الجماعة تفوق صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة.” هذا الرأي يتبناه بعض الحنفية أيضاً.
  • الحنابلة والحنفية: اعتبروا صلاة الجماعة واجبة، ومن يتخلف عنها دون عذر يُعد آثماً، إذ تُعتبر صلاته صحيحة ولكن تُقبل شهادته. وقد استندوا إلى عدة أدلة، منها قوله تعالى: “وإذا كنت بينهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك”. وبما أن الله تعالى أوجب الجماعة في حالات الخوف، فمن باب أولى أن تُؤدى في حالات الأمن.
  • الشافعية: يرون أن صلاة الجماعة فرض كفاية في المجتمع.

حُكم صلاة الجماعة للنساء

من جهة أخرى، فإن الشافعية والحنابلة يرون أن صلاة الجماعة سُنّة للنساء، حيث يمكنهن الصلاة بشكل مستقل عن الرجال، مُستندين إلى فعل عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-. بينما يرى الحنفية كراهة لذلك، نظرًا للمخاوف من الفتنة. أما المالكية، فيعتبرون أنه لا يجوز للنساء الإمامة، بينما يُسمح لهن بحضور صلاة الجماعة مع الرجال بشرط تأمين الفتنة.

حُكم صلاة الجماعة في غير صلاة الفرض

بالنسبة لصلاة العيدين، تمثل الجماعة شرطاً لصحتهما وفق رأي الحنابلة والحنفية، بينما تُعتبر سُنّة عند الشافعية والمالكية. وتوافق الفقهاء على أنها سُنّة في صلاة الكسوف. ويختلفون في صلاة الخسوف، إذ اعتبرها الشافعية والحنابلة سُنّة، بينما ينفي المالكية والحنفية وجود الجماعة في صلاة الخسوف. وصلاة الاستسقاء تُعتبر سُنّة عند جميع الفقهاء باستثناء أبا حنيفة. كما تُعتبر الجماعة في صلاة التراويح سُنّة وفقاً للحنفية، الشافعية والحنابلة، وتُفضل لدى المالكية. وفيما يخص صلاة الوتر في رمضان، تُعتبر سُنّة عند الحنابلة، ومُستحبّة عند الشافعية، بينما تجوز الجماعة في الصلاة التطوعية هناك اختلاف بين المالكية، حيث تعتبر الجماعة مكروهة في باقي الأشهر.

للمزيد من التفاصيل حول أداء النوافل جماعة، يُمكنك الاطلاع على المقالة: ((حكم قيام الليل جماعة في غير رمضان)).

حُكم تعدُّد الجماعات

ذهب الفقهاء إلى عدم جواز تعدُّد الجماعات في مسجد واحد في نفس الوقت. ولا يجوز تتابُع الجماعات الراتبة في مسجد واحد. واستدلّوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

  • حديث يزيد بن الأسود حيث قال: “شهدت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حجته وصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فقال: فما منعكما أن تصليا معنا؟”. وقد أظهر النبي اعتراضه على من لم يدخل صلاة الجماعة بحجة أنه قد صلى في رحله، وأمره بالانضمام إلى جماعة المسلمين.
  • حديث أبي الشعثاء عن أبي هريرة، قال: “كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة…”، حيث أبدى النبي -عليه السلام- عدم رضاه عن خروج الأفراد من المسجد بعد الأذان.

وفصّل الفقهاء في حكم تكرار الصلاة في المسجد الواحد لأمور مستجدة، كالتالي:

  • الحالة الأولى: إذا لم يكن في المسجد إمام راتب، فيجوز تكرار الجماعة أكثر من مرة.
  • الحالة الثانية: إذا كان هناك إمام راتب إلا أن المصلّي لم يدرك الصلاة، فيجوز له أداء صلاة جماعة أخرى.

شروط صلاة الجماعة

هناك عدة شروط ينبغي توافرها لصحة صلاة الجماعة، منها ما يشترط للصلاة بشكل عام، بالإضافة إلى ضرورة وجود اثنين على الأقل، وذلك وفقًا لآراء الفقهاء. يجب أن يكون الرجال حرّين، عقلاء، وقادرين على الحضور دون أي مشقة. بمعنى آخر، لا تجب صلاة الجماعة على النساء، الصبية، وأصحاب الأعذار. في غير صلاة الجمعة والعيدين، يتطلب أن يكون الأقل عددًا اثنين: الإمام والمأموم. كما يشترط أن يكون كلاً من الرجلين بالغين ليصليَا معًا.

يُشترط أيضًا توفر مكان طاهر لإقامة جماعة الصلاة، سواء كان في المنزل أو المسجد. ويُفضل أن تُقام الفريضة داخل المسجد، لما فيه من عظمة ومظاهر شعائرية. أيضًا، يجب أن تكون نية المأتمِ اتباع الإمام أثناء الصلاة، حيث تُعتبر متابعة الإمام عملاً يُحتاج فيه إلى إدراك نية تكبيرة الإحرام.

كيفيّة صلاة الجماعة

صلاة الجماعة تُعقد للفروض مثل الفجر، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء، بالإضافة للعديد من النوافل كصلاة الاستسقاء، والتروايح، والكسوف. يُلزم المأموم بمتابعة إمامه في جميع أفعال الصلاة وفق توجيهات النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.

الأعذار التي تُبيح ترك صلاة الجماعة

توجد عدة أعذار تؤدي إلى تبرير عدم حضور الصلاة الجماعية، منها:

  • الأعذار العامة: مثل المطر الغزير أو الرياح الشديدة، التي قد تضطر الشخص للامتناع عن الخروج.
  • الأعذار الخاصة: كوجود مرض يمنع الشخص من الذهاب للصلاة، أو الخوف على النفس، المال، أو العائلة.

فضل صلاة الجماعة وآثارها

لقد اتفق الفقهاء على أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- فضل الصفوف الأولى. وتعتبر صلاة الجماعة من الأمور التي تُظهر شعائر الدين وتعزز روح الأخوة بين المسلمين، وتعكس رسالة المساواة.

Scroll to Top